رئيس حزب سياسي يثير جدلا في موريتانيا بسبب حضوره مؤتمرا لحركة انفصالية

كتاب ومدونون عدوا تصرفه استفزازا للضمير الوطني

محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)
محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)
TT

رئيس حزب سياسي يثير جدلا في موريتانيا بسبب حضوره مؤتمرا لحركة انفصالية

محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)
محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)

فجر محمد جميل منصور، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع جماعة الإخوان المسلمين، جدلا كبيرا في موريتانيا بعد مشاركته، أمس، في مؤتمر استثنائي عقدته حركة انفصالية تعرف باسم «حركة تحرير الزنوج الأفارقة الموريتانية»، وتسمى اختصارا «أفلام».
وارتفعت حدة الجدل بعد أن جددت الحركة الزنجية التي تأسست منذ قرابة 30 عاما، دعوتها إلى انفصال المناطق الجنوبية من البلاد، في إطار ما أسماه رئيس الحركة، صامبا تيام، «نظاما فيدراليا يمنح هذه المناطق حكما ذاتيا»، وأثارت هذه الدعوة غضب كثير من الموريتانيين، خصوصا أنها جاءت من داخل العاصمة نواكشوط.
وفي هذا الإطار قال الصحافي الموريتاني، حبيب الله ولد أحمد، إن «حركة (أفلام) انفصالية عنصرية، وحضور أنشطتها استفزاز للضمير الوطني الجمعي لكل الموريتانيين، فهي منظمة خارج القانون والسياق الوطني، ولم يحضر مؤتمرها من الضيوف إلا أحد قادة الإخوان، ونصراني من إحدى السفارات الغربية».
من جهته، قال الناشط الشبابي محمد الشنقيطي إن «جميل منصور أساء بدعمه وحضوره لمؤتمر حركة أفلام العنصرية»، وأكد أن الإخوان المسلمين في موريتانيا «لن يكسبوا شعبية وجماهيرية في أوساط الزنوج الموريتانيين، مهما تقربوا وتوددوا، وفي الوقت نفسه سيستمر تناقص ونزيف شعبيتهم في أوساط البيضان (العرب) ما داموا يشجعون حركات عنصرية معادية للوحدة الوطنية والتعايش المشترك».
أما الصحافي عزيز ولد الصوفي، فأكد أن «ولد منصور قد حط من قدره، ولا شك أنه سيفقد كثيرا من جماهير حزبه ومؤيديه بعد حضوره لمؤتمر مجموعة متطرفة تسعى إلى فرنسة البلد، والقضاء على اللغة العربية؛ لغة القرآن الكريم، وتقسيم موريتانيا وبذر الفتنة بين مكونات شعبها»، على حد تعبيره.
وأمام الانتقادات الواسعة التي واجهتها الحركة الزنجية ورئيس حزب (تواصل) الإسلامي، جنحت بعض الأصوات إلى التهدئة، على غرار الناشط الشبابي محمد الأمين الذي قال «إذا لم تتمكن من أن تجلس مع من يخالفك الرأي فكيف تستطيع أن تبين له موقفك؛ لذا لا بد من الجلوس مع كل واحد والاستماع إليه».
في غضون ذلك، دعا رئيس حركة (أفلام) صامبا تيام إلى «حوار صريح، جاد وهادئ، بدلا من اللجوء إلى الترهيب والاستفزاز»، وجدد في السياق نفسه دعوة حركته إلى «الحكم الذاتي» لصالح المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الزنجية، ولم تكن هذه هي أول مرة تدعو فيها الحركة إلى تقسيم موريتانيا.
وكان تيام وعدد من قيادات الحركة الانفصالية قد عادوا إلى موريتانيا العام الماضي بعد 23 عاما في المنفى، وتحديدا منذ الأحداث العرقية المأساوية التي شهدتها موريتانيا مطلع تسعينات القرن الماضي، وقتلت خلالها مجموعات من الزنوج وهجروا إلى السنغال ومالي، وذلك بعد اتهام ضباط زنوج بمحاولة قلب الحكم في البلاد. وخلال عملها في المنفى داخل عدد من الدول الأوروبية والأفريقية، تمكنت الحركة الانفصالية من إحراج نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، خاصة من خلال ملفات حقوق الإنسان؛ حيث تتهمه بالتورط في «مجازر جماعية» في حق الزنوج.
واشتهر خطاب الحركة بالحدة تجاه مختلف الأنظمة الحاكمة في موريتانيا؛ حيث تصفها بأنها أنظمة إقصائية يهيمن عليها العرب، وذلك ما جعلها تدعو إلى الحكم الذاتي في المناطق ذات الأغلبية الزنجية، وفي هذا السياق قال رئيس الحركة: «الحكم الذاتي الذي ندعو إليه لا يعدو كونه نوعا من إعادة التنظيم الإقليمي، على أساس معايير موضوعية وطبيعية».
وأوضح صامبا تيام، الذي كان يتحدث أمام العشرات من مناضلي الحركة خلال مؤتمر استثنائي عقدته، أمس، في نواكشوط، أن «موريتانيا تعيش واقعا قبليا وعرقيا وإقليميا صعبا»، مشيرا إلى أن الموريتانيين «بحاجة إلى بناء بلد يتقبل التنوع، ويزرع التضامن ويتقاسم ثرواته»، على حد تعبيره.
ويعد المؤتمر الذي عقدته الحركة، أمس، وتختتم فعالياته اليوم، هو الأول لها داخل موريتانيا منذ تأسيسها، ومن المنتظر أن يقرر قادة الحركة في نهايته إن كانوا سيخوضون النشاط السياسي من خلال العمل الحزبي، أم أنهم سيحتفظون بحركة «أفلام» التي لا تحظى باعتراف السلطات، ويغلب الطابع السري على أغلب أنشطتها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.