عاد التلاسن الكلامي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس بشكل سريع مع انتهاء الحرب على قطاع غزة، فيما تجري الاستعدادات لإجراء تعديل وزاري يضمن حكومة توافق أوسع وأكثر فاعلية في غزة.
واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) حركة حماس بتشكيل حكومة ظل في غزة، وانتقد ممارساتها التي يمكن أن تضر بالمصالحة، بما في ذلك انفرادها بقرار الحرب والسلم والتدخل في المساعدات، وردت حماس باتهام حكومة رامي الحمد الله بالتقصير في خدمة غزة، وقالت إن قرار الحرب والسلم لا يملكه عباس أيضا، ورفضت لجنة من الضفة تشرف على إعمار غزة.
وقال عباس في لقاء متلفز بث على عدة قنوات فلسطينية: «هناك لدى حماس حكومة ظل في غزة ولديهم وكلاء وزارات، وإذا استمر هذا الأمر فإن هذا سيهدد استمرار الوحدة الوطنية، والامتحان قادم قريبا». وأضاف: «أنا أعرف أن الأمر لن يجري بسرعة، بل يحتاج إنهاء الانقسام إلى أشهر، ولكننا سنعرف من أول يوم تدخل فيه المساعدات إلى غزة، وإذا كانت تصل المساعدات للناس أم لا، وهذا كلام محدد وصريح.. هل تستطيع حكومة التوافق الوطني أن تحكم وتعمل في غزة أم أن هناك جهات ستمنعها؟».. في إشارة إلى تحكم حماس حاليا في كل كبيرة وصغيرة، بما فيها المساعدات.
كما انتقد عباس استهداف حماس لكوادر حركة فتح والفصائل الأخرى بغزة، وقال إنه تحدث في الأمر مع زعيم حماس خالد مشعل حول «وجود كوادر حركة فتح وكوادر الفصائل الأخرى تحت الإقامة الجبرية في غزة وإطلاق النار على الأرجل». وهاجم عباس إطلاق النار والإعدام في الشوارع، ووصفه بأنه «إجرام». وقال: «حماس حاكمت وأعدمت وحدها من دون التشاور مع أحد، والسلطة تحمّلت وسكتت لأن البلد كله كان في خطر.. لو كان هناك عملاء كان الحري بهم تقديمهم إلى محاكمة وإيقاع الحكم عليهم أو إعدامهم، ولكن ليس في الشوارع بهذه الطريقة». وتعد تصريحات عباس أول انتقادات علنية ومباشرة من السلطة لأداء حماس في الحرب وبعد الحرب.
وكانت السلطة فضلت التزام الصمت تجاه أداء الحركة أثناء الحرب. وردت حماس فورا على تصريحات عباس، وقال القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق: «ليس هناك حكومة ظل في غزة»، متهما حكومة التوافق بالغياب في غزة.
وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري، ردا على عباس: «نحن لا ننتظر أن يقتل شعبنا وتدمر ممتلكاته ونقف متفرجين أمام معاناته حتى لا يقول عنا أحد حكومة ظل، وهل حكومة التوافق عملت ومنعناها».
وأضاف: «مئات الآلاف من سكان غزة يوجدون بمراكز الإيواء في المدارس بظروف حياتية صعبة، ونحن لا نقبل أن يستمر هذا الوضع، فأين حكومة التوافق من هؤلاء؟ وهل هي عملت وقدمت لهم شيئا وحماس منعتها؟». وأكد أبو زهري أن حركته «لن تنتظر حكومة التوافق أو غيرها لمساعدة المتضررين من العدوان الإسرائيلي، ولن تدخر جهدا للتخفيف من معاناتهم»، مضيفا: «من يريد أن يعتبر مساعدة شعبنا حكومة ظل فليعتبرها».
وهاجم القيادي في حركة حماس يحيى موسى حكومة التوافق الفلسطينية التي يرأسها عباس، قائلا: «إن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية حقيقة وجديدة، وليس لحكومة خاصة برامي الحمد لله».
وتشير تصريحات عباس وحماس إلى صعوبات منتظرة بشأن تشكيل حكومة التوافق مرة ثانية، وتنذر بخلافات حول آليات إعمار القطاع. وينتظر أن يعقد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مؤتمر دولي في القاهرة يستهدف جمع الأموال لإعادة إعمار غزة. وقال عباس: «السلطة تعلق أملا كب رة على مؤتمر إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة والمنوي تنظيمه في مدينة شرم الشيخ المصرية نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، أو بداية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل».
وشدد عباس على أن «السلطة الوطنية وحكومة الوفاق الوطني هي التي ستتولى مسؤولية توزيع المعونات، ومواد الإغاثة، وإطلاق عمليات إعادة الإعمار، عبر التعاون والتنسيق مع المؤسسات الدولية والفلسطينية، ومنها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وأنه لا مانع في أن تكون تحت رقابة الأمم المتحدة، ولن نسمح بأن تكون هناك جهة ثانية أو حكومة ظل في غزة». وتحدث كذلك عن أن قرار الحرب والسلم يجب أن لا يكون بيد حماس.
ورد أبو زهري: «حماس لا تعارض أن يكون هذا القرار بيد الإطار القيادي المؤقت الذي توافقنا على إعادة تشكيله ولنحتكم إليه»، مبينا أن ذلك لا يعني أن من يمتلك هذا القرار هو عباس. وأضاف: «هذا القرار يعود للتوافق الوطني، ولا توجد شرعيات غير توافقية.. ولنذهب للانتخابات.. ونحن اتفقنا على إعادة تشكيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير.. وهذا لم يحدث، واسألوا من يعطله؟».
ودعا أبو زهري إلى تشكيل لجنة وطنية عليا من الفصائل الفاعلة في قطاع غزة لتراقب عملية إعادة الإعمار، مطالبا بالكشف عن نتائج مؤتمر الإعمار في عام 2009 في القاهرة والأموال المخصصة لغزة.
في هذه الأثناء قال عباس إنه لن يقبل أن تعود إسرائيل وتشن حربا جديدة على القطاع. وعد عباس أن الحل السياسي المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو الحل الجذري للصراع القائم؛ «كي لا تتكرر المأساة الفلسطينية كل عامين، على شكل حرب في قطاع غزة، وعدوان في كل الأرض الفلسطينية».
وتابع: «الشعب الفلسطيني غير مستعد لمذبحة كل سنتين، فإما أن يكون هناك حل أو لا يوجد حل، وإما حل سياسي أو لا، أما المماطلة فلا، نحن منذ 20 سنة ونحن ننتظر».
وعبر عباس عن حزنه لتأخر التوصل إلى اتفاق التهدئة، مضيفا: «إسرائيل لن تفلت من العقاب، وهذا الإجرام الذي ارتكبته لن تفلت من عقوبته، ولدينا وسائلنا، خاصة أن فلسطين عضو الآن في اتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان، وبناء عليه طلبنا الحماية الدولية لشعبنا، وإرسال لجنة لتقصي الحقائق، التي ستنتقل للتحقيق في الجرائم، وتقدم تقريرها للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولمجلس الأمن الدولي».
وجدد عباس القول إنه ما من ضمانات حول عدم تكرار إسرائيل ضرب غزة سوى حماية دولية أو إقامة دولة فلسطينية.
وكشف عباس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وافق أمامه على إقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وبقي أمام المفاوضين ترسيم الحدود فقط. وقال: «نريد وبشكل نهائي أن تعرف كل دولة حدودها، فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا حدود معروفة لها حتى الآن».
وحول تدخل بعض الدول في الشؤون الداخلية الفلسطينية، قال أبو مازن: «لا داعي أن تقوم بعض الدول العربية بإرسال حصان أعرج لها ليلعب في ساحتنا، فأنا أتشاور مع العرب وأستشير جامعة الدول العربية في كل قرار، ولو قال لي العرب لا، فإنني سألتزم بالقرار العربي، ولن آخذ قرارا إلا بالتشاور مع الأشقاء العرب، ونحن لم نتدخل في شؤونهم فلماذا يتدخلون في شؤوننا؟».
ونفى مكتب نتنياهو أمس أنه وافق أمام عباس على مسوّدة للمفاوضات على أساس حدود 1967.
تلاسن بين عباس وحماس حول «حكومة الظل» في غزة.. وخلاف مبكر حول «الإعمار»
أبو مازن يقول إن قرار الحرب والسلم يجب أن لا يكون بيد حماس.. والحركة ترد: ولا بيده
تلاسن بين عباس وحماس حول «حكومة الظل» في غزة.. وخلاف مبكر حول «الإعمار»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة