غولن يدعو مناصريه إلى «الثبات مرفوعي الهامة»

ويوجه انتقادات حادة لإردوغان

غولن يدعو مناصريه إلى «الثبات مرفوعي الهامة»
TT

غولن يدعو مناصريه إلى «الثبات مرفوعي الهامة»

غولن يدعو مناصريه إلى «الثبات مرفوعي الهامة»

شكت حركة «خدمة» التي يرأسها الداعية الإسلامي فتح الله غولن من «ممارسات غريبة» للسلطات التركية الساعية إلى إغلاق بعض مدارس الحركة، التي تعد أبرز نقاط قوتها في البلاد وخارجها، بسبب انتشارها في 160 دولة حول العالم، بينما هاجم غولن إردوغان من دون أن يسميه، داعيا أنصاره إلى «الثبات مرفوعي الهامة».
وقالت صحيفة «زمان» التركية التابعة لغولن، أمس، إن بلدية إسطنبول الكبرى قررت مد طريق من قلب فناء مدرسة «فاتح» في منطقة مرتر في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، التي تعمل منذ 20 عاما، والتي حقق تلاميذها نجاحا ساحقا لم يسبق له مثيل بنسبة 100 في المائة، في امتحان النقل من التعليم الأساسي إلى مرحلة التعليم الثانوي.
وأرسلت البلدية بيانا إلى إدارة المدرسة أخطرتها فيه بإخلاء فناء المدرسة، وتبين أنها ستحول مساحة الفناء البالغة 900 متر مربع إلى طريق.
وفناء المدرسة المكونة من 3 مبانٍ به موقف لسيارات المدرسين وحديقة ألعاب رياضية. ومنحت الإدارة مهلة لإخلاء الفناء حتى اليوم. وقال سالم كابلان مدير مدرسة فاتح بمرتر، إن فناء المدرسة البالغ 900 متر مربع تملكه بلدية إسطنبول الكبرى، وتقوم إدارة المدرسة سنويا بدفع رسوم على ذلك منذ سنوات طويلة، لافتا إلى أن قرار مد الطريق سبق أن تقدمت به البلدية، إلا أنها لم تنفذه بعد، لافتا إلى أن هناك نية سيئة في ذلك ستلحق ضررا بالمصلحة العامة لمثل هذه المدرسة الناجحة.
وكانت بلدية مدينة بولو تريد إغلاق مدرسة أخرى للجماعة، بحجة أنها تقع على قارعة طريق المزمع إنشاؤه في المنطقة «رغم أنها محاطة بالحقول والأراضي الزراعية من 3 جهات، بالإضافة إلى أن الطريق لا يستخدمه أحد»، كما قالت الجماعة.
من جهته، وصف غولن موقف أفراد حركة «خدمة» من الأحداث الأخيرة في تركيا بأنه «مبدئي ونبيل، وليس به ما يبعث على الشعور بالخجل أو الاستحياء أبدا»، قائلا: «بدلا عن رئاسة أو قيادة البلاد وتقديم خدمات للمجتمع في موضع القيادة، يجب علينا أن نركز على إحراز موقع مرموق عند الله والوصول إلى هذه المعية الإلهية. جباهكم ناصعة ناضرة وقلوبكم طاهرة نقية، فاثبتوا مرفوعي الهامة». وأضاف: «نعم، لم يقل هؤلاء لكم أي شيء إلى أجل مسمى بهدف الحصول على دعمكم لحاجتهم لضم قوتكم إلى قوتهم. لكن الأمر وصل إلى مرحلة انبعث فيها الحسد من قبره، بحيث لم يتركوا شيئا سلبيا إلا قالوه عنكم. رغم كل ذلك، فإنهم لم يصفوكم بـ(اللصوص) أبدا إلى يومنا هذا، أليس كذلك؟ ذلك أن جباهكم جميعا نظيفة، ووجوهكم مبيضة وناضرة، ولله الحمد. لم يقولوا عنا (لصوصا)، لم يقولوا عنا (ارتكَبوا فعلا شائنا)، الحمد لله. لم يقولوا عنا (اختلسوا)، لم يقولوا عنا (مارسوا الفساد في مناقصة)، لم يقولوا عنا (حابوا أقاربهم)، لم يقولوا عنا (سيطروا على الدولة من خلال شرذمة قليلة مراهقة). ماذا قالوا؟ قالوا أشياء هزلية أضحكت الناس. قالوا أشياء لم يقل عشرها من عاشرتموهم في أكثر من 160 دولة منذ ما يربو على 20 عاما».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».