قال البرلمان الليبي والجيش الوطني الذي يقود حملة عسكرية ضد المتطرفين في البلاد، إن القاهرة تعهدت لهما أمس بتقديم مساعدات للجيش ودعم الموقف الليبي إقليميا ودوليا، وذلك عقب استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالعاصمة المصرية، رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قويدر. وجددت مصر نفيها أي تدخل بأي عمل عسكري مباشر في القصف الأخير لمواقع ميليشيات إسلامية في ليبيا، وذلك بعد ساعات من تصريحات منسوبة لمسؤولين أميركيين دون ذكر لأسمائهم، تشير إلى إقلاع طائرات من مصر لقصف هذه الميليشيات داخل ليبيا. وقال مسؤول مصري لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا غير صحيح و«نتحدى أن تثبته أي جهة».
ومن جانبه، قال عقيلة، إن الرئيس السيسي أعلن خلال استقباله، أن مصر تؤيد الشعب الليبي وتقف معه لبناء مؤسساته، ولا سيما الجيش والشرطة، وأن مصر تحت تصرف الشعب الليبي في كل طلباته، كما أكد دعم الشرعية الليبية، مشيرا إلى تقدير ليبيا دعم الحكومة المصرية، وخصوصا وزارة الخارجية التي قال إنها تقوم بجهود كبيرة على المستوى الدبلوماسي لدعم ليبيا إقليميا ودوليا، وأيضا القوات المسلحة المصرية.
بينما أكد عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان الجيش الليبي، عقب مشاركته في زيارة يقوم بها الوفد الليبي لمصر، أن الوفد التقى أمس الرئيس السيسي.. و«تلقى وعدا بإمدادات في كل المجالات في القوات المسلحة من تدريب واستشارات فنية». ويأتي هذا بعد يومين من اتصال هاتفي أجراه السيسي مع عقيلة أكد فيه دعم مصر الكامل لجهود البرلمان الليبي لتحقيق الاستقرار في ليبيا، ومساندتها لعودة استتباب الأمن للبلاد، بما يمكن الشعب الليبي من استكمال مسيرته الوطنية وتحقيق أهداف ثورته على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وكان أعضاء مجلس النواب فوضوا مكتب رئاسة المجلس (عقيلة ونائبيه) الليلة قبل الماضية بمهام القائد الأعلى للقوات المسلحة. وجرى قبل يومين تعيين مجلس النواب العقيد الناظوري، رئيسا جديدا لأركان الجيش الليبي، وتصنيف الميليشيات الرئيسة في البلاد، وهي قوات «فجر ليبيا»، وجماعة «أنصار الشريعة»، و«مجلس شورى ثوار بنغازي»، كمجموعات «إرهابية» على الجيش التصدي لها، لكن مصادر عسكرية مصرية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات المسلحة الليبية ما زالت ضعيفة الإمكانات مقارنة بقوات الميليشيات التي يبلغ عدد العناصر المنخرطين فيها في قوات «فجر ليبيا» وحدها، من 20 إلى 30 ألف مقاتل مسلحين بشكل جيد.
وتتمركز قوات «فجر ليبيا» في محيط العاصمة الليبية طرابلس وتمكنت من حسم معركتها مع القوات الموالية للجيش الوطني، باقتحام مطار العاصمة، وإعادة المؤتمر الوطني (البرلمان) المنتهية ولايته للانعقاد، وتشكيل حكومة موازية لحكومة عبد الثني التي تعمل مع البرلمان المنتخب حديثا.
وتعرضت مواقع لميليشيات «فجر ليبيا» لهجمات بطائرات مجهولة خلال الأسبوع الأخير، مما دفع قادة من تلك الميليشيات، الموالية أيضا لجماعة الإخوان المسلمين، لاتهام كل من مصر بالوقوف وراء تلك الهجمات، وهو ما جرى نفيه من القاهرة مجددا أمس. وتناقلت وسائل إعلام غربية تصريحات نسبتها صحيفة «نيويورك تايمز» لدبلوماسيين أميركيين لم تجر تسميتهم، زعموا فيها وجود احتمال بمشاركة مصر في قصف أهداف في طرابلس، لكن مصادر مصرية رسمية، من بينها مصادر عسكرية، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه «المزاعم غير صحيحة، وسبق قيام كبار قيادات الدولة بنفيها في حينه».
وفي زيارة لافتة للوفد الليبي، بدأت بعد ظهر أمس جلسة مباحثات بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، وكل من عقيلة والناظوري اللذين يزوران مصر للمرة الأولى وهما في منصبيهما الجديدين. وناشد شكري، في مؤتمر صحافي مع عقيلة والناظوري، وشارك فيه وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، جميع وسائل الإعلام توخي الدقة فيما تطلقه من أخبار. وقال أمس، إن «مصر ليست متورطة في أي عمل عسكري وليس لها أي وجود عسكري على الأراضي الليبية». وأضاف: «ليس لنا أي اتصال مباشر بأي عملية عسكرية» في ليبيا، غير أنه أكد أن مصر «تدعم القوات المسلحة الليبية من خلال (منحها) المهمات والتدريبات» التي تحتاج إليها. وردا على سؤال حول التعاون بين مصر والإمارات لقصف الميليشيات الإسلامية في ليبيا، قال: «لم أطلع على أي تصريح رسمي أميركي بهذا الشأن، وهناك بعض الإشاعات في وسائل الإعلام، وليس كل ما يأتي في وسائل الإعلام، مع احترامي لها، يتميز بالمصداقية والدقة».
وأضاف شكري، أن مصر تدعم تحقيق مصلحة الشعب الليبي بكل طوائفه ودعم الشرعية الليبية وما تمثله إرادة الشعب الليبي في اختيار من يمثله. وقال إن مصر تعمل دائما على الاستقرار ووحدة الأراضي الليبية وتسعى لتحقيق ذلك من خلال إطار سياسي ومن خلال فعاليات دول الجوار والشركاء الدوليين والإقليميين من أجل دعم الاستقرار في ليبيا.
من جهته، قال وزير الخارجية الليبي، إنه فيما يتعلق بالشأن الليبي الداخلي فهذه مشكلة تحل داخليا، موجها رسالة لكل الليبيين: «هناك ما يسمى الشرعية وحينما تمت الانتخابات كانت هناك إرادة شعبية». وأشار إلى أنه حينما تشكل الحكومة خلال أسبوع فإنها ستكون شرعية، حيث يحظى المجلس الوطني باعتراف دولي ظهر من بيان الاتحاد الأوروبي أمس الذي اعترف بشرعية المجلس، وكذلك الاتحاد الأفريقي.. و«الآن كل المؤتمرات الدولية بما فيها الأمم المتحدة تعترف بالشرعية».
على صعيد متصل، أعرب مصدر في الرئاسة المصرية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن استغرابه لإصرار «بعض وسائل الإعلام على إشاعة قصة محبوكة عن مشاركة مصر في ضرب طرابلس»، إلا أنه أضاف أن «هذه القصة تفتقر للدليل، في وقت تجري فيه مراقبة كل شيء بالأقمار الصناعية». وقال إن ما نشر «لا يستحق الرد عليه»، بينما قال مصدر عسكري آخر، فيما يتعلق بسؤال عما إذا كان الجيش المصري قام بعمليات داخل ليبيا، إنه «ليس من سلطة وزير الدفاع في مصر أن يقوم بأمر كهذا منفردا، ولكن لا بد من قرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رئيس البلاد، وهو أمر لم يحدث»، مشيرا إلى أن كلا من رئيس الدولة ووزارة الخارجية، نفيا هذا الكلام «الذي يفتقر للمنطق، لكن لا نريد أيضا أن نكون مصدرا للرد على مزاعم لا أساس لها من الصحة والتي نشرت أخبارا عن مصادر مجهولة أيا كان مستواها».
وزاد المصدر العسكري الذي كان يتحدث صباح أمس، إن الاتهام الموجه لمصر لم يرد على لسان أي مسؤول حكومي رسمي أميركي حتى نرد عليه بشكل رسمي.. و«نحن لا نرد على ما هو منسوب لشخصيات مجهولة. هذا الكلام ليست له قيمة. نحن لا ندخل في تلاسن مع صحيفة، لو طلع مسؤول أميركي وقال هذا الكلام سنرد عليه. المواضيع الخطيرة التي تمس سيادة الدول وأمنها القومي لا يصح أن يقال فيها أي كلام غير مسؤول».
وحتى عصر أمس، لم تكن الإدارة الأميركية قد صرحت رسميا عن الضربات العسكرية. ولكن أقرت وزارة الخارجية الأميركية أمس، وللمرة الأولى، بأنها على علم بضربات جوية نفذتها مصر والإمارات في ليبيا في الأيام الأخيرة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين ساكي أمس: «نعلم أن الإمارات ومصر نفذتا في الأيام الأخيرة ضربات جوية» في ليبيا.
وعود مصرية بتقديم مساعدات للجيش الليبي ودعم البلاد إقليميا ودوليا
القاهرة تنفي مشاركتها في ضرب مواقع بطرابلس.. والخارجية الأميركية تعلن أنها «على علم بغارات جوية مصرية وإماراتية»
وعود مصرية بتقديم مساعدات للجيش الليبي ودعم البلاد إقليميا ودوليا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة