الرقة.. «قندهار سوريا» تنتظر الضربات الأميركية

«داعش» سيطر عليها في ربيع 2013.. وتعد الأولى خارج سيطرة النظام بالكامل

بدأ تنظيم {داعش} بتطبيق أحكامه المتشددة في الرقة والمناطق التي يسطر عليها بدءا من جمع السجائر ومنع بيعها ومنع النساء من ارتياد المدارس وصولا إلى إعدام الخصوم وفرض التعاليم الإسلامية في المحافظة ومصادرة منازل يسكنها سوريون بعد تهجيرهم (رويترز)
بدأ تنظيم {داعش} بتطبيق أحكامه المتشددة في الرقة والمناطق التي يسطر عليها بدءا من جمع السجائر ومنع بيعها ومنع النساء من ارتياد المدارس وصولا إلى إعدام الخصوم وفرض التعاليم الإسلامية في المحافظة ومصادرة منازل يسكنها سوريون بعد تهجيرهم (رويترز)
TT

الرقة.. «قندهار سوريا» تنتظر الضربات الأميركية

بدأ تنظيم {داعش} بتطبيق أحكامه المتشددة في الرقة والمناطق التي يسطر عليها بدءا من جمع السجائر ومنع بيعها ومنع النساء من ارتياد المدارس وصولا إلى إعدام الخصوم وفرض التعاليم الإسلامية في المحافظة ومصادرة منازل يسكنها سوريون بعد تهجيرهم (رويترز)
بدأ تنظيم {داعش} بتطبيق أحكامه المتشددة في الرقة والمناطق التي يسطر عليها بدءا من جمع السجائر ومنع بيعها ومنع النساء من ارتياد المدارس وصولا إلى إعدام الخصوم وفرض التعاليم الإسلامية في المحافظة ومصادرة منازل يسكنها سوريون بعد تهجيرهم (رويترز)

أنهى تنظيم «داعش»، وجود مقرات القوات النظامية في معقله بالرقة، لكنه لم يتمكن بعد من «تطهير» المحافظة من كامل معارضيه، نظرا لخضوع بعض القرى في شمال شرقي المحافظة لسيطرة «قوات حماية الشعب الكردي». وإضافة إلى كونها أول محافظة تخرج بالكامل عن سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تحولت، خلال عام، إلى عاصمة «داعش»، حتى بات ناشطون سوريون يطلقون عليها اسم «قندهار سوريا».
والمحافظة الواقعة شمال شرقي سوريا، وتحدّ حلب من الغرب، والحسكة من الشرق، والبادية السورية من الجنوب، والأراضي التركية من الشمال، اكتسبت لقب «قندهار» لاتساع نفوذ الإسلاميين فيها، منذ العام الثاني للحراك ضد النظام. فقد سُجل فيها واحد من أوائل مؤشرات ظهور «جبهة النصرة»، حيث سيطر مقاتلوها على مقرات حكومية، وشنوا عمليات واسعة ضد القوات النظامية، ما أدى إلى طردهم من مناطق واسعة في المحافظة. وبعد هذه المرحلة، شهدت المحافظة أول ظهور لتنظيم «داعش» الذي كان يعمل تحت مسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وولد التنظيم في الرقة، نتيجة انشقاقات داخل فصائل إسلامية أخرى، وأعلن رسميا عن عملياته، بحادثة إعدام ثلاثة أشخاص علويين في ساحة المدينة، تبين فيما بعد أن بينهم طبيبا وابن شقيقته.
ولم تغب الرقة عن الأخبار اليومية التي أبرز سلوكيات التنظيم وأحكامه المتشددة، بدءا من جمع السجائر ومنع بيعها، إلى مصادرة أزياء نسائية مزركشة، ومنع النساء من ارتياد المدارس، وصولا إلى إعدام الخصوم، وفرض التعاليم الإسلامية في المحافظة، ومصادرة منازل يسكنها سوريون بعد تهجيرهم، واستخدامها كمساكن لمقاتليها المهاجرين. وشهدت الرقة ثلاث عمليات رجم، نفذت أولها بحق امرأة، فيما عوقب رجل اتهم امرأة بالزنى، بالرجم خلال الشهر الماضي. وساهمت تلك الممارسات «بتكريس المحافظة كوجه لحكم الإسلاميين المتشددين، الشبيه بمدينة قندهار الأفغانية»، إبان حكم «حركة طالبان»، كما يقول ناشطون من المحافظة.
اتسع ظهور «داعش» في الرقة، بشكل مفاجئ بين ربيع العام 2013. وسبتمبر (أيلول) 2013، حين أعلن سيطرته على أول مدينة سوريا يُطرد النظام منها، ولا تزال حتى الآن المدينة الوحيدة الخارجة عن سيطرته. وكانت ثلاثة كيانات مسلحة تتقاسم السيطرة على المحافظة، هي «داعش» والنظام السوري الذي بقي مسيطرا على ثلاثة مقرات عسكرية، إضافة إلى مقاتلين إسلاميين، في مقدمهم «جبهة النصرة». وفيما هادنت «داعش» قوات النظام، على قاعدة «قضم الأضعف»، كما تقول مصادر عسكرية معارضة لـ«الشرق الأوسط»، أطلق في المقابل عملياته «ضد خصومه من الإسلاميين، وبدأ بطرد مقاتلي النصرة وحلفائها من مناطق الرقة تدريجيا، إلى أن استقرت السيطرة في يونيو (حزيران) الماضي على قوات النظام، ومقاتلي «داعش».
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم داعش سيطر على الرقة «بعد أن قتل وأعدم مئات المقاتلين من جبهة النصرة وأحرار الشام والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة». وعند إنهاء وجود خصومه من فصائل المعارضة، بدأ التنظيم شن عملياته على مواقع النظام الثلاثة، وتمكن من طرد القوات النظامية من الفرقة 17 بداية، قبل الهجوم على اللواء 93، والسيطرة عليه، ثم السيطرة أول من أمس على مطار الطبقة العسكري، آخر مواقع النظام في المحافظة.
وفي فترة الهدنة غير المعلنة بين النظام و«داعش» في الرقة، لم تتوقف الطائرات السورية عن ضرب مواقع للتنظيم، استهدفت المحاكم الشرعية، والمقرات العسكرية، ونقاط التجمّع العسكري، حتى قال ناشطون إن صواريخ أطلقها النظام على المحافظة، بينها «سكود»، رغم أن عبد الرحمن يؤكد أنها صواريخ ضخمة، أحدثت دمارا كبيرا: «من غير أن نتمكن من التوثيق ما إذا كانت صواريخ باليستية أو صواريخ سكود أو غيرها».
وإذ تتجه الأنظار إلى المحافظة كونها نقطة استقطاب لهجمات جوية أميركية محتملة ضد معاقل التنظيم، بعد إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، موافقة بلاده على تنسيق الضربات مع المجتمع الدولي، تتواصل الاشتباكات في محيطها، بعد سيطرة التنظيم على مطار الطبقة الذي قالت مصادر مقربة من «جبهة النصرة» إنه تحقق «بعد اتفاق عُقد بين النظام وداعش على الانسحاب منه باتجاه مدينة أثريا في حماه».
ويؤكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن انسحاب مقاتلي النظام من المطار باتجاه أثريا «تحقق بالفعل»، مستدلا إلى «إزالة داعش حاجزا لها بين المنطقتين، ما مكّن عناصر النظام من الخروج باتجاه السلمية». ويوضح أن «داعش أزال الحاجز كي يجنب مقاتليه المزيد من الخسائر، ففتح ممرا للهروب لتخفيف المقاومة عن المطار، فيما لجأ النظام إلى سياسة تقليص الخسائر عبر الانسحاب من الموقع».
ويؤكد أن 195 مقاتلا من القوات النظامية، من أصل 1400 على الأقل، قتلوا في المعركة إضافة إلى عدد من الأسرى لدى «داعش»، في مقابل 800 إصابة بين قتيل وجريح تكبدها التنظيم، بينهم 346 قتيلا. ويشير إلى أن القوات النظامية «استخدمت مختلف أنواع أسلحتها للسيطرة على مطار الطبقة، بدءا من العبوات إلى القصف المدفعي والصاروخي والغارات الجوية، لكنها لم تتمكن من صد الهجمات المتتالية التي نفذها الآلاف من مقاتلي الدولة، خصوصا بعد وصول أرتال من مقاتليها من دير الزور والعراق».
وتواصل القصف النظامي أمس لمعقل «داعش»، إذ أفاد المرصد بإطلاق النظام صاروخين من نوع «سكود» على أماكن في منطقة الطبقة، فيما نفذ الطيران الحربي خمس غارات على مناطق في مطار الطبقة العسكري بعد سيطرة التنظيم عليه وعلى مزارع بالقرب منه، بالتزامن مع اشتباكات بين عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، من طرف، وتنظيم داعش، من طرف آخر، في محيط مزرعة العجراوي بالقرب من مطار الطبقة. وأشار المرصد إلى أن تنظيم داعش منع الحافلات والسيارات من الخروج من محافظة الرقة، تخوفا من قيام هذه السيارات والحافلات بـ«نقل عناصر قوات النظام الفارين والمنسحبين من مطار الطبقة العسكري»، و«حفاظا على سلامة المسلمين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».