انطلقت في العاصمة السودانية «الخرطوم» أمس، الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية لوزراء المياه في دول مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة أزمة «سد النهضة» الإثيوبي، وسط تفاؤل بين وفود الدول المشاركة لحل الأزمة، التي تفاقمت مؤخرا مع قرب أديس أبابا من إنهاء تدشين السد العملاق على مياه نهر النيل. ويهدف الاجتماع، المستمر انعقاده حتى اليوم (الثلاثاء)، لبحث تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدوليين حول السد، الذي تقول مصر إنه يهدد حصتها من المياه، بما يصل إلى أكثر من عشرة في المائة.
وعقب جلسة المباحثات الافتتاحية، قال الدكتور حسام المغازي، وزير المياه المصري إن «الأجواء مرضية وإيجابية»، فيما أكد نظيره الإثيوبي أن بلاده «ليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بدول المصب (مصر والسودان).
وقالت مصادر بوزارة الري المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «القاهرة تقدمت بعدد من الطلبات لأديس أبابا منها وقف الأعمال الإنشائية بالسد لحين الانتهاء من الدراسات وتنفيذ توصيات الخبراء حول السد، ومنها ما يتعلق بحجم السد وارتفاعه، وتقليل السعة التخزينية إلى 14 مليار متر مكعب، بدلا عن 74 مليار متر مكعب، وأنها تنتظر ردا رسميا عليها».
وشكلت دول مصر وإثيوبيا والسودان لجنة، ضمت أربعة خبراء عالميين وستة خبراء محليين (من كل دولة خبيران)، قامت بدراسة المشروع لمدة عام كامل، وأصدرت تقريرا في يونيو (حزيران) الماضي، تناول الأضرار المحتملة للسد، وتوصيات للعمل بها لتجنب هذه الأضرار، لكن أيا منها لم ينفذ حتى الآن.
وقال وزير الموارد المائية المصري، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمفاوضات أمس، إن بلاده لم تكن أبدا، ولن تكون ضد التنمية في دول حوض النيل طالما أنهم يهدفون إلى تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر والإدارة المتكاملة لموارده المائية من أجل تحقيق المنافع المتبادلة وتحقيق الرخاء لشعوبنا، مشيرا إلى أن جهود مصر مستمرة على الصعيد الثنائي مع دول الحوض النيل، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها في السنوات الماضية.
وتبلغ حصة مصر من مياه النيل، 55.5 مليار متر مكعب، لكنها تعاني من عجز مائي كبير. وشدد مغازي على أن بلاده ستدعم باستمرار مختلف جوانب عملية التنمية في منطقة حوض النيل، لكنها تتطلع لإقرار حق شعبها في الحياة، موضحا أن مصر لها ظروف خاصة جدا بشأن الجفاف وندرة مياه الأمطار، والاعتماد الكلي على مياه النيل من قديم الزمن، وأن لديها مخاوف بشأن تأثير عمليات بناء وملء وتشغيل مشروع سد النهضة على دول المصب.
وتابع الوزير: هناك احتياج لإعداد بعض الدراسات طبقا للموصى به في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، للتأكد من أن أي مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده سوف يخضع لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة استنادا إلى المعايير الدولية والممارسات الشائعة، مع أهمية الوضع في الاعتبار عامل الوقت كعامل ضاغط وهام.
وأكد الوزير أن هذا الاجتماع له أهمية كبيرة بالنسبة لدول حوض النيل لتفعيل الخطوة المتفق عليها بخصوص تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، عادا أن التعاون والتنسيق هما أفضل الطرق لتحقيق الأهداف الإنمائية في إقليم حوض النيل، من حيث تحقيق المنافع المشتركة وتجنب الآثار الضارة للجميع.
وشهدت الأزمة، التي تصاعدت على مدار العامين الماضيين، انفراجة عقب لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين، على هامش القمة الأفريقية في يونيو الماضي، أكدت خلاله الدولتان التزامهما بالحوار والتعاون واحترام القانون الدولي.
وقال مغازي «إننا نعول على دعم قوي من جميع الأطراف من أجل التوصل لاتفاق يمكن أن يحقق الرفاهية لجميع دولنا لإعطاء مثال للعالم أجمع أن المياه تعد حافزا للتعاون وليست مصدرا للصراع، وأن تكون نتائج هذه المفاوضات مساعدة في وضع أرضية مشتركة بين الدول الثلاث يكون منها الخير للثلاثة دول، ونواة للتعاون الاستراتيجي بين بلادنا بدلا من أن يكون مصدرا للتوتر».
من جانبه، أكد وزير الطاقة والمياه الإثيوبي ألمايوتيجنو، أن بلاده ليست لديها أي نية أو رغبة لإلحاق الضرر بمصر والسودان، مشيرا إلى أن الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة منوط بها تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين، مؤكدا التزام الحكومة الإثيوبية كذلك بإنجاح المفاوضات.
وقال الوزير الإثيوبي إن الجولة الرابعة من المفاوضات جاءت نتاجا للقرار المشترك للدول الثلاث، بشأن تنفيذ توصيات الخبراء، مضيفا أن الدول الثلاث اتفقت على وضع آلية لمتابعة تنفيذ التوصيات، وما أسفرت عنه الاجتماعات الثلاثة السابقة، وأن الأطراف الثلاثة قدمت مقترحاتها خلال الاجتماعات السابقة فيما يتعلق بالإطار الخاص بإنشاء لجنة الخبراء الوطنيين، داعيا للتركيز على الموضوعات التي لم يتم الاتفاق عليها خلال جولات المفاوضات السابقة.
وأشار إلى أن الحكومة الإثيوبية تؤكد بوضوح انضمامها لكل من مصر والسودان في مناقشة موضوع سد النهضة بمنتهى الشفافية، مؤكدا ضرورة إنشاء اللجنة الوطنية لسد النهضة تضم خبراء من الدول الثلاث.
وأضاف أن حكومة بلاده قدمت الكثير من التسهيلات فيما يتعلق بتنفيذ مشروع السد، كما أكد قبول إثيوبيا لتقرير اللجنة الدولية وتوصياته، خاصة ما يتعلق بالخزان، ومعدلات سلامة وأمان السد، وذلك في وقت قياسي.
في السياق ذاته، أكد وزير الموارد المائية السوداني معتز موسى، أهمية التعاون والتنسيق بين دول حوض نهر النيل، والعمل على تجاوز كافة المشاكل والعقبات التي تواجه مشروعات التنمية لدول حوض النيل الشرقي، داعيا للاستفادة المثلى من الموارد المائية المتاحة من نهر النيل لمواجهة الاحتياجات المستقبلية.
ودعا موسى الدول الثلاث لأن تراجع مواقفها بشأن السد من أجل التوصل لفهم مشترك في إطار روح التعاون، ورؤى للسير للأمام، مشيرا إلى أن الوقت حان للتوصل لاتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي، وتحقيق التعاون الكامل لدول الحوض.
وشدد على التزام السودان بتعزيز ضمان نهضة دول الحوض وخاصة حوض النيل الشرقي، من خلال المزيد من التعاون والتفاوض لتحقيق التنمية المستدامة والمتساوية والعادلة لدول الإقليم.
انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة» الإثيوبي
مصادر لـ {الشرق الأوسط}: مصر طلبت وقف الأعمال الإنشائية لحين إنهاء الدراسات
انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية حول «سد النهضة» الإثيوبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة