أقر مجلس النواب الأردني أمس تعديلين على الدستور يهدفان إلى تعزيز عملية الإصلاح السياسي وبناء الديمقراطية. ويتضمن التعديل الأول حصر صلاحية تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات بيد الملك بعد أن كان في السابق يتم التنسيب للملك من قبل وزير الدفاع وبموافقة مجلس الوزراء.
ويأتي هذا التعديل بعد أن كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد طلب من رئيس الحكومة عبد الله النسور إعادة هيكلة وزارة الدفاع للإشراف على جميع المؤسسات العسكرية التابعة للقوات المسلحة من خدمات لوجستية وطبية وجميع الشركات والمؤسسات التي تدير القوات المسلحة على أن تتفرغ الأخيرة إلى الواجبات المنوطة بها بكل مهنية واحترافية.
ووافق مجلس النواب على اقتراح للنائب عبد الكريم الدغمي بأن يكون نص المادة «الملك يعين قائد الجيش ومدير المخابرات العامة ويقيلهما ويقبل استقالتهما».
كما صوّت مجلس النواب على البند الأول من المادة (127) من الدستور حيث وافق 138 نائبا على النص القائل إنه «تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته»، فيما غاب 12 نائبا. كما أقر مجلس النواب تعديلا دستوريا وسّع من صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب وصوّت لصالح مشروع التعديل 137 نائبا، فيما خالف نص مشروع التعديل النائبان جميل النمري وعلي السنيد، وسط غياب 11 نائبا.
وجرى التصويت بالمناداة على أسماء النواب، استنادا إلى المادة (84)- الفقرة (3) من الدستور الأردني التي تنص على أنه «إذا كان التصويت متعلقا بالدستور أو بالاقتراع على الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء فيجب أن تعطى الأصوات بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال».
وينص التعديل الثاني على الدستور الأردني على أنه «تنشأ بقانون هيئة مستقلة تدير الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقا لأحكام القانون، ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الإشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانونا بإجراء تلك الانتخابات».
وعلّق النائب جميل النمري على مخالفته لمشروع التعديل بالقول: «أكدنا أثناء مناقشة مشروع التعديل في اللجنة القانونية أن كلمة تكليف الهيئة المستقلة للانتخاب من قبل مجلس الوزراء وكأن الهيئة دائرة تابعة للحكومة». وبين في تصريح أن هذا الإقرار يربط بشكل غير سوي بين الحكومة والهيئة التي يجب أن تكون مستقلة.
وأكد رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، عبد المنعم العودات، أهمية هذه التعديلات في توسيع اختصاصات الهيئة المستقلة لتدير وتشرف على أي انتخابات عامة في البلاد وأية انتخابات أخرى يقرر مجلس الوزراء تكليف الهيئة بإدارتها أو الإشراف عليها مما يعزز نزاهة العملية الانتخابية واستعادة ثقة المواطن بها وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة تضمن المشاركة العادلة لكافة الأطياف السياسية. وأضاف أن هذه التعديلات لها مدلول سياسي بما تتضمنه من رسائل تؤكد على أن مسيرة الإصلاح مستمرة ولم تتوقف عند التعديلات الدستورية التي جرت في عام 2011 وأن الرؤية الملكية مستمرة ومصممة على إحداث أي تعديلات للسير قدما بمسيرة الإصلاح للوصول إلى أغلبية برلمانية ما يتطلب النأي بالمؤسسة العسكرية والأمنية عن التجاذبات والاصطفافات السياسية التي قد تنشأ عن الوصول إلى هذه الحالة في آلية تشكيل هذه الحكومات وتداول السلطة.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الأردني بأنه لا يوجد أي سبب للتعديلات إلا الرقي بالعملية الديمقراطية. وأضاف خلال جلسة مجلس النواب أن «الملك يريد خطوات أوسع مما حققناه ويذهب بعيدا بالحكومات بحيث تكون منبثقة من البرلمان»، موضحا «أن حقيبة وزارة الدفاع يشغلها رئيس الوزراء حاليا وسوف نقوم بفصلها عن رئيس الوزراء وهي حقيبة وزارية سيشغلها وزير من كتلة أو حزب عن طريق الحياة النامية المتقدمة التي نريدها».
وأضاف النسور أنه حسب القانون رقم 3 لسنة 2007 فإن القوات المسلحة ترتبط بوزير الدفاع وأن تعيين قائد الجيش كان يتم بتنسيب من وزير الدفاع وليس رئيس الوزراء وبالتالي لا توجد صلاحية لرئيس الوزراء لكي تسحب منه. وأضاف أن قانون المخابرات العامة لسنة 1964 ينص أن تكون دائرة المخابرات مرتبطة مباشرة برئيس الوزراء، موضحا أن تعيين مدير الدائرة من قبل الملك مباشرة لا يعني عدم ارتباط الدائرة برئيس الوزراء. وأوضح أن الملك يعين قائد الجيش حتى لا يدخل وزير الدفاع الجيش بالسياسة وهي تجربة أردنية ناجحة في أن الجيش بعيد عن السياسية، مشيرا إلى أن الجيش يجب أن يعزل عن السياسة.
وقال النسور بأن هذه التعديلات ستعبر بنا إلى المرحلة الديمقراطية المقبلة بسلاسة ودون هزات، موضحا أن الشعب الأردني لا يقبل أن يتدخل أحد بالجيش. وأوضح النسور أن من يحاسب قائد الجيش هو من يحاسب رئيس الوزراء، وأن رئيس الوزراء يحاسبه مجلس الأمة والقضاء وهو مسؤول أمام الملك. وتابع أن قائد الجيش يخضع للحساب وهو ليس فوق النقد أو التوجيه لأنه حسب القانون تابع لوزارة الدفاع.
من جهته، قال النائب هايل الدعجة أن التعديل الخاص بتعيين قائد الجيش ومدير المخابرات خطوة لا تأتي بمعزل عما يجري في المنطقة وما تشهده دول من ويلات، وهي خطوة إصلاحية بامتياز وتؤسس للحكومات البرلمانية وفيها ترسيخ الحياد السياسي للمؤسسة العسكرية والأمنية بعيدا عن التجاذبات السياسية كما أنها تفعل دور وزارة الدفاع.
أما النائب فيصل الأعور فيرى أن نصوص التعديل واضحة وفيها تحصين للقوات المسلحة والمخابرات العامة من التناقضات السياسية والرغبات والأهداف السياسية التي تنعكس على عملها وأهدافها في الدفاع عن الوطن والتفرغ التام للتدريب والتأهيل والاحتراف.
تعديل دستوري في الأردن يمنح الملك صلاحية تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات
يهدف إلى تعزيز حياد المؤسسة العسكرية والأمنية واستقلاليتها
تعديل دستوري في الأردن يمنح الملك صلاحية تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة