عباس: اتفقت مع السيسي على إطار للحل النهائي.. والمطالب تأتي لاحقا

القاهرة تدعو الفلسطينيين والإسرائيليين لوقف النار والعودة إلى المفاوضات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

عباس: اتفقت مع السيسي على إطار للحل النهائي.. والمطالب تأتي لاحقا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن مصر هي الراعي الوحيد لبحث التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأفاد بأن القيادة المصرية ستوجه الدعوة للوفد الفلسطيني برئاسة عزام الأحمد، وأن هذا الوفد يشمل كل الأطياف بما في ذلك حركة حماس، للعودة إلى المفاوضات لبحث تهدئة طويلة. وبعد وقت قصير دعت مصر الفلسطينيين وإسرائيل إلى الموافقة على وقف إطلاق النار لأجل غير مسمى واستئناف المفاوضات غير المباشرة.
وجاءت تصريحات عباس، أمس، عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري: «تشرفنا بلقاء الرئيس السيسي، وكانت زيارة هامة جدا هدفها الأساسي أن نستأنف مفاوضات التهدئة في مصر في أقرب وقت ممكن والتي توقفت قبل بضعة أيام، لنتفادى مزيدا من الإصابات والتضحيات والشهداء ومزيدا من التدمير. ونأمل أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن».
وأضاف عباس: «الموضوع الثاني الذي بحثناه هو ماذا بعد؟ هل سنستمر في كل سنتين ننتظر عدوانا جديدا على غزة أو في الضفة الغربية وغيرها، لا بد من طرح الحل النهائي بشكل واضح. واتفقنا مع الرئيس على معالم هذا الحل وكيف يكون وكيف يطرح مع بقية الأطراف من أجل الوصول إلى هذا الحل بأقصى سرعة ممكنة، لأنه أيضا مضيعة للوقت وهو إضاعة للقضية كلها، بالإضافة إلى أننا تطرقنا إلى العلاقات الثنائية الوطيدة التي تربطنا بمصر الشقيقة».
وتابع: «تحدثنا مع الدول العربية، واليوم (أمس) سنتحدث مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقبل أيام كنا في الأردن وقطر لبلورة الرؤية التي سوف نتحدث فيها بشكل واضح مع الأميركيين». وأشار إلى أن «ما يهمنا الآن هو وقف شلال الدم ووقف الأعمال العدائية التي تؤدي إلى مزيد من التضحيات. وعندما تتوقف يجب أن يبدأ الدعم الإنساني والإعماري في غزة برعاية دولية، وليس لدينا أي مانع في ذلك. ثم بعد ذلك يمكن أن تجلس الأطراف لتثبت الهدنة ليتحدثوا بكل المطالب التي يضعونها على الطاولة.. إذن، المطالب تأتي لاحقا».
وقال عباس: «عندما حصلنا في 29 ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011 على دولة مراقب بالأمم المتحدة وأصبحنا دولة تحت الاحتلال حسب القانون الدولي، بمعنى أن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، أي الضفة الغربية والقدس وغزة، هي أرض دولة محتلة، وعلى ضوء هذه الصفة بدأنا في تطبيق معالمها من خلال التوقيع على 15 منظمة أو معاهدة دولية. وبدأنا بتفعيل هذه الاتفاقيات وخاصة دعوة الأطراف السامية المعنية في جنيف، وهي 193 دولة، في الانعقاد فورا. والآن نسعى من أجل مناقشة موضوع الاحتلال وذيول الاحتلال، وما يحصل من خلال هذا الاحتلال».
وأضاف: «طالبنا إخواننا في التنظيمات الفلسطينية أن تكون على علم بذلك بل موافقة على ذلك أيضا، لأن لهذا الانضمام نتائج، وعلينا تحملها جميعا. والآن نحن بصدد إنهاء هذا الموضوع لنتكلم إلى كل هذه المنظمات الدولية وفق القرارات الصادرة عن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي».
وفيما يتعلق بالمصالحة، أكد عباس أن «اتفاق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية جرى باتفاق عقد في الدوحة وعمد في القاهرة، وهذا الاتفاق ينص على أن المصالحة تشمل بندين أساسيين، هما: تشكيل حكومة وفاق وطني من المستقلين التكنوقراط، والانتخابات خلال ستة أشهر. وبالفعل شكلنا حكومة مكونة من 17 وزيرا، بينهم أربعة وزراء في قطاع غزة بالإضافة إلى نائب رئيس الوزراء أيضا».
وأوضح أن الحكومة الأميركية كانت لها تساؤلات على هذه الحكومة من الناحية الشكلية، وما هو برنامجها السياسي، وعندما علمت بكل هذا وافقت عليها كما وافقت كل دول أوروبا، وأن كل الدول تتعامل معها إلا دولة إسرائيل، التي رفضت أن تعترف بهذه الحكومة ولا زالت لأسبابها الخاصة.
وأضاف عباس: «نحن حريصون كل الحرص على أن تكون هناك تهدئة في وقت مريح ثم تبحث كل القضايا، ومنها تفعيل حكومة الوفاق الوطني وتفعيل المصالحة، لأنه خلال سبع سنوات من الانشقاق ومن الانقلاب والانفصال تحتاج الأمور إلى بحث معمق وطويل لنعالج كل ما جرى خلال تلك السنوات، وهذا يحتاج جهدا ومالا كبيرين».
وأشار عباس إلى أن «الحديث جرى مع حركة حماس بأن المبادرة المصرية هي المبادرة الوحيدة في الميدان، وأنه لا توجد جهة أخرى تستطيع القيام بهذا الواجب إلا مصر. وهم اقتنعوا بهذا، بل أبلغونا أنه لا مانع لديهم بأن تكون مصر هي الدولة الراعية لهذه المفاوضات»، مؤكدا أن مصر هي التي سترعى أو ستوجه الدعوة للوفد الفلسطيني برئاسة عزام الأحمد، وهذا الوفد يشمل كل الأطياف بما في ذلك حركة حماس، للعودة إلى المفاوضات لبحث تهدئة طويلة ومناقشة باقي القضايا المطلوبة أو الموضوعة على الطاولة فيما بعد، «وعلينا جميعا أن نوقف هذا النزيف والقتال الذي يحصل الآن وهذا هو همنا الأول».
وحضر المؤتمر الصحافي عضوا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات وصالح رأفت، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وسفير دولة فلسطين في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية جمال الشوبكي.
في غضون ذلك، دعت الخارجية المصرية الفلسطينيين والإسرائيليين مجددا أمس إلى قبول وقف لإطلاق النار غير محدد المدة واستئناف المفاوضات غير المباشرة بينهما في القاهرة. وأشارت الخارجية في بيان لها إلى أنه «في ضوء استمرار التصعيد المستمر للأعمال العسكرية في قطاع غزة وما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من خسائر وتضحيات بشرية ومادية كبيرة، فإن مصر تدعو الأطراف المعنية بقبول وقف لإطلاق النار غير محدد المدة واستئناف المفاوضات غير المباشرة في القاهرة للتوصل إلى اتفاق حول القضايا المطروحة، وبما يحقن دماء الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني ويحقق مصالحه ويصون حقوقه المشروعة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».