جعجع لـ{الشرق الأوسط}: لست خائفا على الوجود المسيحي في الشرق

قال إن انسحابه من السباق الرئاسي اللبناني.. انتحار سياسي

جعجع لـ{الشرق الأوسط}: لست خائفا على الوجود المسيحي في الشرق
TT

جعجع لـ{الشرق الأوسط}: لست خائفا على الوجود المسيحي في الشرق

جعجع لـ{الشرق الأوسط}: لست خائفا على الوجود المسيحي في الشرق

حض رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع مسيحيي الشرق على التشبث بأرضهم على الرغم مما يجري حولهم «لأنهم ليسوا أجانب على الأرض، بل من صلبها»، معتبرا أن المسيحيين يواجهون ما يواجهه بقية أبناء البلاد التي يعيشون فيها، وهم ليسوا مستهدفين بالتحديد، لكنهم أقلية تتأثر أكثر من غيرها.
ورفض جعجع في حوار مع «الشرق الأوسط» نظرية «تحالف الأقليات» في المنطقة، معتبرا أن للمسيحيين خصوصية تمنعهم من التحالف مع أنظمة مماثلة للنظام السوري، الذي كان أكثر من آذى المسيحيين في لبنان وسوريا وتسبب في هجرة الكثير منهم.
وأكد جعجع أنه لم يقلل لحظة من «وحشية وإجرام تنظيم (داعش)، بل على العكس»، لكنه أكد أنه ليس «خائفا منهم بدليل أنه عندما وجدوا مَن يقاتلهم تراجعوا»، معتبرا أنهم «بطبيعتهم يحملون بطياتهم بذور فنائهم»، مشددا على ضرورة «مواجهتهم بشكل كامل ودون هوادة، لأن جماعات مثل (داعش) لا يمكن أن تتعامل معهم بغير المواجهة الكاملة وحتى النهاية». وقال: «يجب القضاء عليهم لأنهم بذور فساد في البشرية ككل، وهم أكثر من ألحق ضررا بالإسلام»، مشيدا بموقف المملكة العربية السعودية «التي أخذت موقفا حازما وواضحا بهذا الخصوص، لأن وجود هذا التنظيم هو أكبر تحدٍ للإنسانية بحد ذاتها».
وفي ما يلي نص الحوار:

* هل أنت خائف على وضع المسيحيين في الشرق والمنطقة؟
- ما يحصل للمسيحيين في الشرق كبير ومؤلم وخطير، لكن يجب أن نضعه في إطاره الصحيح الطبيعي، لأن البعض يحاول أن يتاجر بهذه القضية بالذات. نعم هو خطير ومؤلم وكبير، لكنه أتى في إطار صراع هائل في الشرق الأوسط يطال كل شرائح مجتمعاته سواء الإسلامية أم غيرها. طالت كل الطوائف والمذاهب، ومن جملتها تطال المسيحيين، وهذا التصويب مهم، لكي لا يصورها أحد على أنها حرب على المسيحيين بالتحديد. هذا إطار الأحداث في الشرق الأوسط.
ما يحدث للمسيحيين مؤلم جداً، علينا أن لا نبكي على الأطلال، بل أن نستنفر جميعنا ونقف إلى جانبهم. مثلاً مسيحيو سهل نينوى كلهم تهجروا وأصبحوا في كردستان، وقد أتت خطوة البطاركة الشرقيين بزيارتهم العراق في المكان الصحيح وكانت جيدة، وأهم شيء أن تعتبر كل الحكومات العربية نفسها معنية، والحكومات الغربية أيضا يجب أن تعتبر نفسها معنية معنوياً ومادياً لكي نساندهم ونرجعهم إلى أرضهم.
الهجوم المضاد الذي تقوم به القوات الكردية بالتنسيق مع القوات العراقية والقوات الجوية الأميركية هو عمل جيد ومهم، ونتمنى أن تنتهي في وقت قريب ويسترجع سهل نينوى وأن يرجعوا جميعهم من إقليم كردستان إلى قراهم في سهل نينوى. وهذا يتطلب مساعدة كل الدول العربية في أسرع وقت ممكن لإعادة بناء ما تهدم، ومساعدتهم في أن يستقروا في أرضهم وعدم التفكير في الهجرة إلى خارج الشرق الأوسط.
* المسيحيون كانوا الحلقة الأضعف في المواجهات التي تحدث في المنطقة، فهم تأثروا في العراق على موجتين.
- الحقيقة أنها ثلاث موجات، لأن هناك موجة لم يتكلم عنها أحد، وهي حدثت في التسعينات عندما بدأت العقوبات الغربية بعد الهجوم الغربي على صدام حسين وبدء المواجهة بين صدام حسين والغرب. حينها حصلت موجة، نادراً ما يحكى عنها والتي جعلت عدد المسيحيين (في العراق) يصبح مليوناً بعد أن كان مليوناً ونصف المليون. الموجة الأولى عندما قام صدام حسين بردة فعله على الغرب وغيّر علم العراق ووضع عليه عبارة «الله أكبر»، وتحول صدام إلى نوع إسلامي إلى حد ما. على سبيل المثال لا الحصر، منع بيع الكحول في كل العراق وأكثرية المسيحيين كانوا يعتاشون من تجارة الكحول في العراق، ومن جهة ثانية وبقرار واضح، لم يفتح لهم المجال لأن يكونوا في أي وظيفة لها أي أثر من وظائف الدولة. في تلك المرحلة هاجر نحو 300 إلى 400 ألف مسيحي عراقي بسبب هذا التضييق عليهم وقلة خياراتهم في فرص العمل.
ثاني مرحلة، من بعد سنة 2003 والفوضى التي لحقت بها، حيث هُجر نحو 200 إلى 300 ألف أيضاً، لكن أول موجة كانت أكبر. أما ثالث مرحلة هي المرحلة التي نراها اليوم والتي آمل أن يحد منها نجاح الهجوم المضاد وأن تكمل الدول العربية، وكل الفرقاء اهتمامهم بالمسيحيين الذين تهجروا من سهل نينوى كما يجب.
* هل المشكلة يمكن أن نلخصها بأنها في العراق فقط، أم أنها مسار موجه ضد المسيحيين؟
- من 100 سنة إلى اليوم الظروف لم تكن مواتية، أن يبقى المسيحي في أرضه. وأنا هنا أتكلم عن المسيحيين باستثناء مسيحيي لبنان، لأنهم بحث آخر مختلف تماماً. فمثلاً في سوريا يتحدثون الآن عما يحصل للمسيحيين، لكن في الحقيقة الهجرة الأولى للمسيحيين من سوريا حصلت من بعد التأميم، أي من بعد عام 1967. وقتها كانت هجرة كبيرة، بعد أن جاء حزب البعث إلى الحكم. المسيحيون كانوا متعايشين كثيراً في سوريا، في الخمسينات، قبل أن يصل حزب البعث كانوا متعايشين إلى حد كبير، ونحن نتذكر عندما أتى فارس الخوري رئيساً للبرلمان، كما أتى رئيساً للحكومة لفترة قصيرة. أما كرجال أعمال وتجار وصناعيين، فقد كان وضعهم منتعشا جداً. لكن عندما تسلم حزب البعث ضربت وضعيتهم بسبب عمليات «التأميم» التي حصلت، وأكبر دليل أن كثيرا من العائلات المسيحية الناجحة في لبنان في الوقت الحاضر في الصناعة والتجارة والأعمال منهم من جاء وقتها من حلب وجوارها. وكانت هذه أول هجرة فعلية حصلت.
ثاني موجة كانت على أثر الأحداث التي حصلت في السبعينات التي لم تَطَل المسيحيين مباشرةً، لكن المسيحيين لا يستطيعون أن يعيشوا في جو قمعي مثل الذي كان موجوداً في سوريا، وبعدها الذين بقوا تأقلموا مع الوضع كما هو.
ثالث موجة وهي التي تحصل الآن مع بدء الثورة السورية. كل شيء اسمه نظام ديكتاتوري أو نظام ديني لا يمكن أن يتعايش المسيحيون معه، وخلافا لما يفكر فيه البعض، أنا أعتقد أنه إذا صار هناك ديمقراطية - وفي نهاية الأحداث الحاصلة في الشرق الأوسط ولو بعد حين سوف يصبح هناك ديمقراطية - حينها يستعيد المسيحيون انتعاشهم، وقسم منهم يرجع إلى سوريا والعراق ويبنون من جديد لأنهم لا يستطيعون أن يوجدوا إلا في مناخات كهذه.
* لماذا التعامل مع المسيحيين كأنهم جالية غريبة في هذه المنطقة، وتكون «فشة الخلق» فيهم عند كل حدث أو عند كل منعطف، كيف تفسر هذا؟
- في الحقيقة هذا التوصيف ليس دقيقاً، اليوم إذا أردت أن ترى كم شيعياً أو سنياً قتلوا في العراق على سبيل المثال، وكم من المسيحيين والإيزيديين قتل، ستجد أن النسبة الأقل - لأن الأعداد ليست متشابهة - هي عند المسيحيين. لا يمكننا أن نعتقد أنه إذا أصبح هناك أحداث كبرى ممكن أن يكون المسيحيون بمعزل عنها، لكن بعض الفرقاء يستهدفهم مباشرة وهم سيئو الذكر «داعش» والقاعدة وأخواتهما، وليس هناك شك أنهم مرفوضون من قاموسنا جملة وتفصيلاً وهذا تحصيل حاصل. لكن لا يمكننا أن نسبغ هذه الصفة على الأحداث الحاصلة ككل. هذه الأحداث التي تحصل تمر على كل الناس ومن جملتها المسيحيون. هم من أبناء المجتمعات الأصليين، لذلك يلحقهم ما يلحق بهذه المجتمعات الأخرى، وأنا أنظر لها من هذا المنظار، ويجب أن نساعدهم لأنهم أقل من غيرهم، غيرهم يتحمل كما قال لي أحد مطارنة العراق من أن الفارق هو أن الشيعة في العراق تقريباً 15 مليوناً، فيما أن خسارة 2000 من المسيحيين هو عدد كبير، لذلك علينا أن نقدم لهم عناية خاصة لمسيحيي العراق وسوريا.
* إلى متى يستطيع مسيحيو الشرق أن يبقوا صامدين بسبب هذه الموجات؟
- يجب أن يبقوا صامدين، لأنهم ليسوا أجانب على الأرض، بل من صلبها وخصوصاً مسيحيو سهل نينوى. هم في أساس الثقافة الموجودة هناك، إن كانت آشورية أو كلدانية أو سومرية أو سريانية، هم ليسوا مستوردين أو جاءوا بالأمس إلى هذه الأرض. لذلك عليهم أن يتوحدوا ويتمسكوا بأرضهم. لا شك أن الأمر صعب وعلينا أن نقوم بمساعدتهم ليتمسكوا لكن في البداية هم من يجب أن يتمسك لأن أرضهم لها حق عليهم.
* ما رأيك في نظرية تحالف الأقليات في المنطقة التي يروج لها.. البعض يقول إن هناك وحشا كبيرا يأتي إلى المنطقة وعلى الأقليات أن تتوحد مع بعضها لكي تستطيع أن تدافع عن نفسها؟
- أنا لست مع هذه النظرية بكل صراحة، فمن هم الأقليات؟ مثلاً، النظام في سوريا يعتبر أقليات فهل يمكن لأي مسيحي عاقل يحفظ الحد الأدنى من الإنجيل ومن القيم التي من المفترض أن يتحلى بها الإنسان، أن يمشي مع هذا النظام؟ طبعاً لا. ثانياً إذا فكرت عملياً على سبيل المثال لا الحصر، من ألحق أكبر ضرر بمسيحيي سوريا ومسيحيي لبنان؟ النظام (السوري) نفسه، مسيحيو سوريا من خلال الممارسات السابقة التي حصلت، فإذا هاجروا مع استلام البعث وفيما بعد نظام الأسد رويداً رويداً، فهذا لا يعني أنهم لم يهاجروا. نعم هاجروا. وهذا لا يعني أن نظام الأسد إذا قال إنه دخل إلى لبنان لكي يساعد المسيحيين، وهو عملياً الوحيد الذي كسر ظهرهم، ولنتذكر بالأحداث المباشرة سنة 1990 كان هناك حزبان كبيران عند المسيحيين، حزب القوات اللبنانية، والتيار الوطني الحر، من الذي ضربهما؟ نظام حافظ الأسد وفيما بعد نظام بشار الأسد. أخاف أحدهما إلى حد أنه هرب إلى فرنسا، والثاني لم يستطع أن يخيفه، فحاول اغتياله، ولما فشل، وضعه في السجن. إذن كيف هو تحالف الأقليات.
ومن جهة ثانية نحن بصفتنا مسيحيين لدينا سلم قيم معينة، وطرح معين بما يتعلق بكل شيء في الشرق الأوسط. نتحالف مع الذي ينسجم مع هذه الطروحات وتكون طروحاته شبيهة بطروحاتنا أيا كان، ونتخاصم مع الذي عنده طروحات مضادة وهذه تكون المقياس.
* يأخذ البعض عليك أنك قللت من أهمية «داعش» ومثيلاتها، ألا تخاف من هذه الظاهرة؟
- أنا لم أقلل للحظة من وحشية إجرام «داعش»، بل على العكس، أنا أراهم جماعة من المجرمين، وأعتبرهم منحرفين حتى إشعار آخر. لأنني لا أتصور أن هناك بشرياً، مهما كانت عقيدته يستطيع أن يقتل إنسانا أمام الكاميرا بدم بارد وهو أسير عنده. هذه حصلت في القرون الوسطى وما قبل، ولم تحصل من بعدها، النازيون فقط قاموا بها والآن «الداعشيون» يقومون بها. وانطلاقاً من تصرفاتهم وعقيدتهم الفعلية وليست الظاهرية، فلا أرى أن لديهم مقومات استمرار أو مقومات بناء شيء جدي. هم موجودون لأن هناك حالة فوضى عارمة في سوريا والعراق، لكن في أي وضع من الأوضاع يكون فيه حد أدنى من النظام، فهم لا يمكن أن يكون لهم وجود، وأنا لا أخاف منهم من هذا المعنى والمنطلق، وليس لأنني لا أرى إجرامهم ووحشيتهم ونزعتهم التدميرية، لكني لست خائفاً منهم، بدليل أنهم عندما وجدوا من يقاتلهم تراجعوا. هم احتلوا سد الموصل، ثم خرجوا منه خلال يومين عندما لاقوا مواجهة، فعلينا أن لا نأخذ فكرة أن بروزهم من مناطق كثيرة وكأنهم جيش جرار، لا يمكن توقيفهم إلا بجيش الحلف الأطلسي وهذا ما أعنيه. على الرغم من تأكيدي على دمويتهم فهم من قرون ما قبل الجاهلية وهذا ما يجعلك لا تخاف منهم. أولاً لأنه لا شيء أخافنا منذ آلاف السنين إلى الآن في الشرق الأوسط، ثانياً لأنهم بطبيعتهم يحملون بطياتهم بذور فنائهم وهذا ما يجعلني لا أتخوف منهم.
* وكيف ذلك؟
- عقيدتهم وقناعتهم وتصرفاتهم، بدليل أنه أول مرة منذ زمن كتلوا كل العالم ضدهم.. الأكراد والسنة المعتدلون والعشائر والشيعة يتكتلون ضدهم فتصور ذكاء تنظيم «داعش»، آخر فترة نرى كم كانوا جميعهم متباعدين، لكنهم جمعوهم ووحدوهم ضد تنظيمهم. حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما قام على الفور وبدأ بالضربات الجوية من بعد أن كانت عقيدة عنده وليست سياسة بعدم التدخل الأميركي في الخارج. هذه الجماعات متوحشة جداً، لكن في أي عمل يقومون به سيفشلون، لذلك هم يحملون بطياتهم بذور فنائهم.
* كيف هو السيل للتعاطي معهم في هذه المرحلة؟
- تجب مواجهتهم بشكل كامل ودون هوادة، لأن جماعات مثل «داعش» لا يمكن أن تتعامل معهم بغير المواجهة الكاملة وحتى النهاية. يجب القضاء عليهم لأنهم بذور فساد في البشرية ككل، وهم أكثر من ألحق ضررا بالإسلام، ولذلك اتخذت المملكة العربية السعودية موقفاً حازماً وواضحاً بهذا الخصوص، لأن وجود هذا التنظيم هو أكبر تحدٍ للإنسانية بحد ذاتها. وبغض النظر عن حجم خطرهم لكن معنوياً أن يوجد في القرن الـ21 نوعية بشر كتلك غير ممكن. كأن البشرية عاشت 21 قرناً من دون أن تفعل شيئاً وكأنه لم يحصل حضارات ولا ثقافات ولا تقدم بالمفاهيم، فـ«داعش» هم عكس الإنسانية وعكس الإسلام والمسيحية، وبالتالي هم سرطان يجب استئصاله في أسرع وقت ممكن.
* هل تخاف منهم في لبنان؟
- كلا
* حتى بعد أحداث بعد عرسال؟
- أيضا لا أخاف منهم.. على الرغم مما انتهت إليه أزمة عرسال، على الرغم من أنه كانت نواطير مصر قد نامت عن ثعالبها.
* لماذا كانوا نائمين؟
- عندما تكون هناك سلطة سياسية غائبة عن الوعي، فهي غائبة عن الوعي في كل شيء. عندما يقوم ما يسمى بأمير «داعش»، قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من أحداث عرسال أو شهر، ليقول بما معناه: «سنهدم أسوار سجن رومية». كما أن أجهزة المخابرات شعرت أن هناك شيئا ما غير اعتيادي يحصل. ومع هذا كان هناك استرخاء أمني وعسكري، فليس هناك جدية في التعاطي مع الأمور.
كلنا نعرف أن «داعش» إذا أرادت أن تأتي إلى لبنان فسوف تأتي من الحدود الشرقية، فلماذا لا نغلق الحدود الشرقية؟ يقولون إن عدد الجيش لا يكفي. نعم هذا صحيح لكن هناك 50 دولة طرحت علينا أن تساعد الجيش اللبناني لضبط الحدود اللبنانية السورية، لماذا لا نأخذ العروض هذه؟ وبوسائل تقنية متطورة تكلف 5 عسكريين كل 10 كلم، وبالتالي فالجيش قادر على فعلها بسهولة، لكن هذا لم يحصل لماذا؟ لأن الشباب في حزب الله لا يريدون ضبط الحدود اللبنانية السورية لكي يقوموا بهواياتهم المفضلة عند الحدود (اللبنانية - السورية) بالتسلق والهرولة والسباحة!
* في مناطق البقاع الشمالي، صدرت تقارير أن المسيحيين في تلك المنطقة بدأوا بإقامة الأمن الذاتي، وهناك كلام أن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يشاركان بها.
- ليس صحيحاً أن مناصرينا شاركوا، والوضع في تلك المنطقة كما هو لا يحتاج إلى حراسة. ماذا تفعل له الآن طالما الجيش والقوى الأمنية أمامهم بكيلومترات كثيرة تصل إلى 40 كيلومترا، لكن ما يحصل، أن البعض، وللأسف بتشجيع من بعض الأجهزة الأمنية في الدولة ولأسباب سياسية بحتة، وليس لأسباب فعلية لحماية القرى، يقومون بتحرك ما. ومن دون شك أن هناك بعض أصحاب الوجدان الحي الذين يفكرون أن هذه القرى يجب حمايتها لكنهم أقلية. وعملياً المجموعات التي تراها تتسلح في تلك المنطقة هي مجموعة أحزاب 8 آذار، ولو أن 8 آذار فعلياً يريدون حماية تلك القرى المسيحية لكانوا طالبوا معنا بضبط الحدود اللبنانية السورية، وهذا الذي يحمي الحدود اللبنانية السورية بالفعل. فلو - لا سمح الله - تمكنت هذه المجموعات المسلحة من أن تخترق الجيش في عرسال، فماذا يستطيع هؤلاء القلة من الشباب المسلح في القرى أن يفعلوا أمامهم؟ هل يستطيعون منعها وتوقيفها؟ بالتالي حماية القرى المسيحية في منطقة البقاع الشمالي تكون بضبط الحدود اللبنانية السورية وهذا ما ترفضه قوى 8 آذار لأسباب معروفة.
* ألا يعيش مسيحيو لبنان برأيك حالة خوف من هذا المد الذي يأتي صوبهم؟
- ليس هناك مد يحصل، أقله في الوقت الحاضر. لكن من دون أدنى شك هي تخلق نوعاً من القلق، لكن بكل صراحة نحن في القوات اللبنانية في الأسابيع الأخيرة نسعى بكل جهدنا لطمأنة الناس، وأن هذا الذي يحصل هو يحصل في سوريا وفي العراق ولا يمكن أن يحصل في لبنان لأسباب كثيرة، ونحن نلاقي أذاناً صاغية.
* لكن هناك قوى أساسية، كالتيار الوطني الحر تطلق صرخات الإنذار من هذا الخطر.
- هناك بعض الأحزاب السياسية كل ما تقوم به هو تخويف المسيحيين، وما نقوم به نحن هو العكس تماماً. ولو كان في العراق «داعش»، من قال لكم إنهم سيأتون إلى لبنان ويفعلون كذلك، أو هم قادرون أصلا على الوصول إلى لبنان، وإن وصلوا ستكون مقبرتهم هنا.. ليس أقل من ذلك.
* يقال إن مزاج الشارع المسيحي هو مزاج الخائف وبالتالي هو مع الفكر الذي يطرحه التيار الوطني الحر تحديداً بما يتعلق بالشارع، إذا أجريت الانتخابات الآن، هل تخافون من الشارع المسيحي أم لا؟
- كلا، والدليل أنه على الرغم من أن كثيرا من حلفائنا مع التمديد (لولاية البرلمان الحالي)، لكن نحن لسنا معه وانطباعاتنا بالعكس، الرأي العام المسيحي قسم منه غش سنة أو اثنتين، لكن في النهاية الأمور أصبحت واضحة عنده وبالأخص من خلال طريقة التعاطي بموضوع رئاسة الجمهورية. أنا لا أرى الوضع هكذا على الإطلاق، لكن من دون شك أن هناك قلقاً يحصل هنا أو هناك ونحن نسعى ليلاً ونهاراً لكي نغيّر هذا القلق، لكن للأسف يأتي فرقاء آخرون يعززون هذا القلق. أنا أتمنى أن تجرى الانتخابات غداً لنرى بالضبط أين أصبح الرأي العام المسيحي.
* هل سيكون هناك انتخابات؟
- رأينا أن يكون هناك انتخابات، لكن هل سيكون انتخابات أم لا، علينا أن نرى أكثرية الكتل في المجلس النيابي ماذا تريد أن تفعل.
* يبدو أن هناك مسارا يتجه نحو التمديد.
- المواقف لم تتضح الآن، لكن موقفنا ليس مع التمديد، بل مع إجراء انتخابات على الرغم من غياب رئيس الجمهورية، لأن هذه معضلة دستورية كبيرة جداً، لا أنكر هذا، معضلة دستورية في أن تجري انتخابات نيابية في غياب رئيس الجمهورية وماذا يحصل في الحكومة، كيف ستتشكل ومن سيكلف، فهناك مجموعة معضلات دستورية سترافق حصول انتخابات نيابية. وبالتالي الأفضل أن تذهب إلى ما هو طبيعي وهو حصول انتخابات.
* في حال جرى الاتفاق على التمديد، ماذا سيكون موقفكم؟
- موقفنا سيبقى نفسه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ماذا علينا أن نفعل.
* اليوم نحن أصبحنا 100 يوم من دون رئيس، إلى متى سنبقى كذلك؟
- صراحة، لا أرى نهاية سريعة للمأزق الرئاسي، طالما أن العماد عون مصر على رأيه الذي يقتضي أن يكون هو رئيس الجمهورية أو أن لا يكون هناك رئيس للجمهورية. ومن جهة أخرى هذا الموقف يناسب حزب الله كثيراً، الذي يختبئ خلفه، لأن بالنسبة لحزب الله، الأفضل أن لا يكون هناك رئيس في الأصل، وبالأخص بعد تجربته في السنة الأخيرة مع الرئيس ميشال سليمان، لذلك لست متفائلا بحل سريع لأزمة رئاسة الجمهورية، لكن نحن لن نستسلم وسنكمل ضغوطنا إلى حد أن نتمكن في أن تحصل انتخابات رئاسة الجمهورية.
* هل أنت مستمر في ترشحك؟
- طبعاً.
* ليس هناك استعداد للمقايضة بهذا الموضوع؟
- طبعاً لدي استعداد كبير جداً في أن أبحث بأي حل ممكن للخروج من مأزق انتخابات رئاسة الجمهورية، لكن على أساس الخروج بحل. لكن ليست الفكرة أن لا أستمر في ترشيحي وليس هناك حل، فأنا مستمر في ترشيحي رغم عدم تمسكي به إلى أن نرى حلاً بديلاً والوصول إلى مخرج للانتخابات الرئاسية، أو إلى حين الوصول إلى رئيس جمهورية جديد.
* هناك بعض الأطراف داخل مسيحيي 14 آذار توحي أنها قادرة على تأمين نوع من الأصوات من الطرف الثاني.
- أنا فوراً أسير بالموضوع عندما يتأكد هذا الشيء، وليس لدي أي مشكلة. لست أبداً مرشح «أنا أو لا أحد» على الإطلاق، لكن نريد حلا بديلا، لأنه بغياب الحل البديل يكون مجرد انتحار الانسحاب على طريقة «الفن للفن». وإذا كان هناك أي فريق أو شخص من 14 آذار يعتبر أنه قادر على أن يحصل على تأييد الآخر، فأنا لا أتمسك، لكن ليس هذا الواقع الآن، لا يوجد أحد يستطع أن ينال تأييد الفريق الآخر.
* ليس هناك بحث جدي في موضوع الانتخابات الرئاسية.. لماذا؟
- بتمترس العماد عون في موقفه، فبماذا تستطيع أن تبحث؟ هذا يعني أن الفريق الآخر غير قادر على أن يبحث معك عن حال آخر، لديك حل واحد متوفر وهو أن تذهب إلى انتخابات وليفز من يستطيع أن يؤمن الأصوات المطلوبة.



أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.


مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».


غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
TT

غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)

حذرت السلطات في قطاع غزة اليوم (الاثنين) من احتمال انهيار مزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة في القطاع الفلسطيني المدمر، وقالت إن الأحوال الجوية تجعل من الصعب انتشال الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت السلطات الصحية أن انهيار مبنيين في غزة يوم الجمعة أسفر عن مقتل 12 على الأقل، وذلك وسط عاصفة جرفت الخيام وأغرقتها أيضاً، وأدت إلى وفيات بسبب التعرض للبرد.

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) بعد عامين من القصف المكثف والعمليات العسكرية، لكن المنظمات الإنسانية تقول إن المساعدات التي تدخل غزة قليلة للغاية، في حين لا يزال جميع السكان تقريباً بلا مأوى.

ودعا المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، المجتمع الدولي إلى توفير منازل متنقلة وكرفانات للنازحين الفلسطينيين بدلاً من الخيام.

وقال: «إذا لم يتم حماية الناس اليوم سنشهد مزيداً من الضحايا. سنشهد مزيداً من قتل الناس، والأطفال، والنساء، والعوائل بأكملها داخل هذه المباني».

سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض (أ.ب)

وكان محمد نصار وعائلته يعيشون في مبنى مكون من ستة طوابق تضرر بشدة جراء الغارات الإسرائيلية في وقت سابق من الحرب، ثم انهار يوم الجمعة.

وواجهت أسرته صعوبات في العثور على مسكن بديل، وغمرتهم المياه أثناء إقامتهم في خيمة خلال نوبة سابقة من سوء الأحوال الجوية. وخرج نصار لشراء بعض الاحتياجات يوم الجمعة وعاد ليجد مشهد الحطام وعمال الإنقاذ يحاولون انتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وقال نصار: «شفت إيد ابني طالعة من تحت الأرض، يعني أكتر منظر أثّرني، ابني تحت الأرض مش قادرين نطلعه». وتُوفي ابنه (15 عاماً) وابنته (18 عاماً).

وفي غضون ذلك، قال المتحدث إسماعيل الثوابتة إن سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي خلال الحرب، لكنهم يفتقرون إلى المعدات اللازمة لتسريع العمل.

وانتشل عمال الإنقاذ اليوم رفات نحو 20 شخصاً من مبنى متعدد الطوابق تعرض للقصف في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حيث يُعتقد أن نحو 60 شخصاً، بينهم 30 طفلاً، كانوا يحتمون فيه.