حظوظ عون وقهوجي في الرئاسة اللبنانية تتراجع.. وارتفاع أسهم فرنجية

مصادر مطلعة على المفاوضات الرئاسية لـ {الشرق الأوسط}: أحداث عرسال أثرت سلبا على ترشيح قائد الجيش

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال لقائه مع النائبة بهية الحريري أمس (تصوير: دلاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال لقائه مع النائبة بهية الحريري أمس (تصوير: دلاتي ونهرا)
TT

حظوظ عون وقهوجي في الرئاسة اللبنانية تتراجع.. وارتفاع أسهم فرنجية

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال لقائه مع النائبة بهية الحريري أمس (تصوير: دلاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال لقائه مع النائبة بهية الحريري أمس (تصوير: دلاتي ونهرا)

شارف الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية على دخول شهره الرابع مع تسليم معظم القوى السياسية لوجوب انتظار إشارات خارجية مرتبطة بتطور الأوضاع الميدانية في الدول المحيطة، بعدما أثبت النظام اللبناني فشله بانتخاب رئيس وفق الأطر الدستورية التي تكبلها التوازنات السياسية والطائفية، مما عطل جلسات الانتخاب الـ10 التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ مايو (أيار) الماضي.
ويتوقع ألا تشهد الجلسة الـ11 التي حدد موعدها في 2 سبتمبر (أيلول) المقبل أي خروقات تذكر، بعد سقوط مبادرتي رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، ووزير الاتصالات بطرس حرب، باعتبار أن أيا منهما لم تحظَ بتأييد كافٍ يؤدي لتبنيها.
وتقضي مبادرة عون التي حولها إلى اقتراح قانون، بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، في حين يدعو حرب في طرحه إلى انتخاب الرئيس بنصاب النصف زائد واحد، عوضا عن نصاب الثلثين المعتمد.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات الرئاسية الحاصلة لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لن تكون هناك أي مستجدات تذكر على صعيد هذا الملف قبل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على أن يتم انتخاب رئيس في حينها، لتليه مباشرة عملية تمديد ولاية المجلس النيابي التي تنتهي في 20 نوفمبر (تشرين الثاني)».
وأشارت المصادر إلى أن «حظوظ قائد الجيش جان قهوجي، كما حظوظ عون، باتت حاليا في أدنى مستوياتها مقابل ارتفاع أسهم رئيس تيار (المردة) النائب سليمان فرنجية، المطروح اسمه على الصعيد الإقليمي، أكثر من أي وقت مضى»، لافتة إلى أن «القرار النهائي بشأنه سيتخذ بعد تبلور الملف السوري وطبيعة العلاقة الأميركية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد».
ويعد فرنجية من الشخصيات المقربة جدا من النظام السوري وصديقا شخصيا للأسد.
وأوضحت المصادر أنه «في حال سقطت حظوظ فرنجية أيضا قد تطرح أسماء أخرى قد تكون أقرب إلى قوى (8 آذار) بعدما أثرت الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلدة عرسال شرق البلاد سلبا على ترشيح قهوجي للرئاسة، وبعد وصول أجوبة نهائية لعون بعدم تبني الأطراف المعنية ترشيحه».
وأضافت المصادر: «إن انتخاب رئيس الجمهورية سيليه مباشرة توافق على تمديد ولاية المجلس النيابي حتى ربيع 2015 على أن تتم الانتخابات في حينها بإطار قانون جديد بديل عن قانون الستين الحالي». وبمسعى للترويج لمبادرته التي يرفض عون الإقرار بعدم إمكانية تمريرها، وخصوصا أن حلفاءه قد لا يسيرون بها، عقد أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان، أمس (الجمعة) مؤتمرا صحافيا خصصه لتفنيد اقتراح القانون الذي تقدم به و9 من زملائه لانتخاب الرئيس من الشعب، مشددا على أن طرحه هذا لا يحول «النظام اللبناني البرلماني إلى نظام رئاسي، لأن هذا الأمر يتطلب تعديلات دستورية».
واعتبر كنعان أن اقتراح القانون سيكون بمثابة «حل دائم» لأزمة انتخاب رؤساء للجمهورية، موضحا أنه ينص على انتخاب الرئيس على مرحلتين، الأولى يحق فيها للمسيحيين الموارنة الترشح، ويتم اختيار المرشحين اللذين يأتيان في المرتبة الأولى والثانية، من مختلف الطوائف المسيحية، أما المرحلة الثانية فينتخب جميع اللبنانيين الرئيس من بين هذين الاثنين.
ورأى كنعان أن «العلة في انتخاب رئيس للجمهورية ليست في تأمين النصاب، بل في الممارسة السياسية»، مشيرا إلى أن «أي توفير للنصاب في المرحلة الحالية قد يأتي برئيس لا تتوفر فيه شروط الرئاسة، بل تتوفر في اسمه التسويات».
وشن نواب قوى «14 آذار» حملة شرسة على الاقتراح الذي تقدم به تكتل عون، ورأى إيلي ماروني، النائب في حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يتزعمه رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، أنه «خلال الظرف الذي نعيشه كان الأجدر بعون الذهاب إلى المجلس لانتخاب رئيس وإنقاذ لبنان بدل التلهي بطروحات شعبوية». واعتبر ماروني في حديث تلفزيوني، أن «تعاطي حلفاء عون مع مبادرته مثل التعاطي مع ترشحه، فهم يتركونه يلعب بمصير الوطن».
وقال النائب عاصم عراجي، عضو كتلة «المستقبل» التي يتزعمها رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، إن طرح تكتل «التغيير والإصلاح» حول تعديل الدستور لانتخاب الرئيس من الشعب.. «ليس في وقته»، سائلا: «طالما لا نستطيع توفير النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية فكيف سيتم تأمين ثلثي أصوات المجلس لإقرار تعديل دستوري؟».
واعتبر عراجي في حديث إذاعي، أنه «على التكتل الذهاب إلى المجلس وانتخاب الرئيس»، مشددا على أنه «لا يوجد فيتو على ترشيح النائب ميشال عون، ونحن نمضي بأي مرشح يحظى بتوافق مسيحي».
ووصف النائب عن «القوات» فادي كرم ما يقوم به النائب عون بـ«المناورة»، متوجها إليه بالقول: «كفى شيطنة وتمويها، وكفى لعبا ومناورات، فالوقت لم يعد يسمح للعب وللشخصنة، ومصلحة الوطن ليست رهنا لشخص يريد أن يتقاعد في قصر بعبدا الرئاسي، والدستور لم يوضع كي يتغير حسب الظروف والحسابات الشخصية».
واستغرب كرم «وصول الأمور إلى هذا الحد من القمعية والتسلط والعرقلة، حيث يسعى فريق واحد لفرض مرشحه من خلال التعطيل، على صورة أسيادهم في دمشق وفي طهران، حيث لا انتخابات، بل تعيينات، لا ديمقراطية، بل ديكتاتورية، لا تفكروا فنحن نفكر عنكم، لا تكونوا أحرارا، بل كونوا توابع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.