في الذكرى الأولى لمجازر الغوطتين.. سقوط 5 قتلى وعدد من الإصابات بالغازات السامة

النظام يتحدى المجتمع الدولي بالكيماوي مجددا

صورة أرشيفية نشرها مناوئون للنظام السوري لأطفال في كفر زيتا يزودون بالأكسجين إبان استعمال قوات النظام الكيماوي (أ.ب)
صورة أرشيفية نشرها مناوئون للنظام السوري لأطفال في كفر زيتا يزودون بالأكسجين إبان استعمال قوات النظام الكيماوي (أ.ب)
TT

في الذكرى الأولى لمجازر الغوطتين.. سقوط 5 قتلى وعدد من الإصابات بالغازات السامة

صورة أرشيفية نشرها مناوئون للنظام السوري لأطفال في كفر زيتا يزودون بالأكسجين إبان استعمال قوات النظام الكيماوي (أ.ب)
صورة أرشيفية نشرها مناوئون للنظام السوري لأطفال في كفر زيتا يزودون بالأكسجين إبان استعمال قوات النظام الكيماوي (أ.ب)

بينما كان السوريون يحيون الذكرى السنوية الأولى لمجزرة الكيماوي في الغوطتين الشرقية والغربية، وبعد أيام من إعلان واشنطن تسليم النظام لترسانته من الأسلحة الكيماوية، تكرّر المشهد نفسه في جوبر بريف دمشق، وذلك باستهداف النظام الحي بالغازات السامة، مما أدى إلى سقوط خمسة قتلى ووقوع عدد من الإصابات وحالات الاختناق، وفق ما أعلن الائتلاف السوري المعارض.
وكانت واشنطن قد أعلنت، الاثنين الماضي، أن كل الأسلحة الكيماوية السورية دمّرت على متن سفينة أميركية في البحر المتوسط تنفيذا لقرار أصدره مجلس الأمن الدولي في 27 سبتمبر (أيلول) 2013.
وبينما اعتبرت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أمس، أنه بعد عام من الهجوم الكيماوي الذي خلف مئات القتلى في ريف دمشق، لم يتم إنصاف ضحايا هذا الهجوم رغم تدمير الترسانة الكيماوية السورية، مؤكدة أن الأدلة المتوافرة تشير بوضوح إلى أن القوات السورية هي التي استخدمت هذه الأسلحة، رأى الائتلاف في بيان له أن الهجوم على جوبر يدل على عقلية مجرمة تحاول أن تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي في ذكرى هجمات الغوطة، والقول بأن الأسد لن يتوقف عن قتل الشعب غير آبه بأي قرارات، وأنه مستمر في ارتكاب جميع أنواع الانتهاكات والخروقات علما منه بأنه لن يكون هناك أي عمل جدي يضع حدا لجرائمه.
وقالت «هيومان رايتس ووتش» في بيان في الذكرى الأولى لهذا الهجوم إن «العدالة لم تتحقق بالنسبة إلى ضحايا الهجوم بالسلاح الكيماوي».
وقال نديم حوري، مساعد مدير المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «على أهميته، فإن تدمير الترسانة الكيميائية السورية لن يخدم في شيء مئات الضحايا الذي قضوا قبل عام وأقرباءهم الذين نجوا». وأضاف حوري أن «الملف الكيماوي في سوريا لن يغلق إلا حين يلاحق من أمروا وشنوا الهجمات على الغوطة ويوضعون خلف القضبان». وأكدت المنظمة أن «الأدلة المتوافرة تشير بوضوح إلى أن القوات السورية شنت الهجمات رغم أن الحكومة تنفي أي مسؤولية»، لافتة إلى أن الجهود الدولية الهادفة إلى معاقبة الجهات التي شنت هذه الهجمات وارتكبت جرائم أخرى في سوريا لم تسفر عن شيء.
وفي هذا الإطار، قال عضو الائتلاف الوطني السوري، أحمد رمضان «بعد سنة من استخدام الكيماوي ومقتل أكثر من 1400 شخص، يبدو واضحا أن مرتكب الجريمة لا يزال طليقا ولا تتوافر أي نية لدى المجتمع الدولي ومجلس الأمن لمحاسبته». ورأى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن اكتفت بالحصول على السلاح وتركت الفاعل الذي يرتكب الجرم نفسه بوسائل أخرى، منها الغازات السامة والبراميل التي لا يزال محتفظا بها، وهناك أدلّة تثبت هذا الأمر كان آخرها ما جرى في جوبر أمس، وهذا كلّه نتيجة عدم معاقبته على المجزرة الأولى التي استخدم فيها سلاح الإبادة».
وفي 21 أغسطس (آب) 2013، أسفر هجوم بغاز السارين على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام، وهما معقلان لمقاتلي المعارضة في شرق وجنوب غربي العاصمة السورية، عن مقتل المئات. وأحدثت صور جثث الأطفال جراء هذا الهجوم صدمة في كل أنحاء العالم، وتبادلت القوات النظامية ومقاتلو المعارضة الاتهامات بشن الهجوم.
وتحدثت الولايات المتحدة عن مقتل 1429 شخصا على الأقل موجهة أصابع الاتهام إلى دمشق. وجرى في اللحظة الأخيرة تجنب ضربة عسكرية أميركية على مواقع للنظام بفضل اتفاق مع روسيا الداعمة لنظام الرئيس بشار الأسد حول تدمير الترسانة الكيميائية السورية.
وفي تقرير أعدّه الائتلاف في الذكرى السنوية الأولى لاستخدام الكيماوي، وثّق استخدام النظام السلاح المحرم دوليا 33 مرة ضد الشعب السوري الأعزل مستهدفا 25 منطقة، وكان أعنف هذه الاستخدامات في الغوطة الشرقية بتاريخ 21 أغسطس 2013 مخلفا عددا كبيرا من القتلى وصل إلى 1507 قتلى. ورأى الائتلاف أنّه وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يتعامل فيه المجتمع الدولي بمبدأ محاسبة المجرم على جريمته وإنقاذ باقي السوريين من إجرامه، تأتي اليوم الذكرى المشؤومة الأولى لمجزرة الكيماوي، وقد اقتصرت الإجراءات الدولية حتى الآن على مصادرة سلاح الجريمة وإطلاق يد المجرم في استخدام أي وسيلة أخرى للقتل، بدءا من السكاكين والسيوف وصولا إلى البراميل المتفجرة والصواريخ الباليستية، مطالبا بتدمير كل منشآت تصنيع الأسلحة الكيماوية.
وأشار الائتلاف إلى تقارير أفادت بقيام النظام باستخدام مواد سامة كغاز الكلور في 15 موقعا متفرقا خلال هجماته على المناطق الخارجة عن سيطرته مستهدفا الحاضنة الاجتماعية للثورة. وأشار تقرير الائتلاف إلى حملة نظمها مكتبه حملت عنوان «شهود العيان» تضمنت قيام شهود خبروا وعايشوا ما ارتكبه نظام الأسد من هجوم بالكيماوي على غوطتي دمشق، إضافة إلى تجويع وحصار العديد من المناطق السورية، بتقديم شهاداتهم ومعاناتهم من خلال زيارتهم لعدد من الولايات والمدن الأميركية. وتكلّم في الحملة أربعة شهود، نجوا من المجزرة، هم هبة وأمينة الصوان والشاب أنس دباس من داريا ومحمد خير الوزير الناجي من مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية.
وتحدث الشهود الذين فقدوا عددا من أقربائهم في مجزرة الكيماوي، أمام ممثلين عن خمسين دولة، عن تجربتهم وما رأوه وتعرضوا له. وقالت أمينة صوان (من المعضمية) في شهادتها «كنت مستيقظة طوال الليل الذي سبق الهجوم، وفي الساعة الخامسة سمعت خبر الهجوم على المعضمية بالكيماوي، وبعدها تحدثت مع نشطاء من المنطقة وأكدوا لي الخبر. شعرت بالدوار وضيق في الصدر وغثيان وحرقة في العيون والأنف، لكني لم أعرف إن كان السبب هو الجوع أم أن منطقتنا ضربت بالكيماوي. بعدها ذهبت إلى مستشفى ميداني للعلاج، كان الناس مستلقين في الشوارع ولم نكن نستطيع التفرقة بين الأحياء والأموات. وبدأنا برش الماء والخل على أجساد المصابين وحقن البعض منهم بمادة الألتروبين».
وتضيف الصوان «أتذكّر إحدى النساء التي أمسكتني بيدي وقادتني إلى غرفة وقالت (هذه أمي وهذا أخي وهذه زوجته، وهؤلاء أولاده وهذان ولداي)، بينما كان الأطفال يتحدثون بكلام غير مفهوم. وكان المستشفى الميداني يغص بالجثث، كما كان حال المنزل المقابل له. عمدنا إلى فصل الأحياء عن الأموات، لكن المفاجأة كانت عندما استيقظ من ظننا أنهم أموات بعد ساعتين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.