عاشت محافظة السويداء خلال الأيام الماضية في عزلة تامة نتيجة فصلها عن محيطها من الجوار والخارج بعدما قامت السلطات السورية بقطع خدمتي الإنترنت والاتصالات الدولية عنها بشكل متعمد. وذلك في أعقاب الاشتباكات التي جرت يوم السبت الماضي بين الأهالي من سكان قرى اللجاة وجماعات من البدو في المنطقة.
وعاد النظام مجددا إلى استخدام أسلوب عزل المحافظة لتغييب أخبارها عن الإعلام من جهة، وعن محيطها من الجوار.
وكانت زعامات دينية وعشائرية قد سعت إلى التهدئة، وأطلقت مجموعة من النداءات الداعية لذلك، منها نداء عشيرة النعيم التي ناشدت جميع الأطراف الاحتكام إلى العقل، وحملت النظام المسؤولية الكاملة عما حدث من أحداث مؤسفة، ووقوفه خلف حوادث الخطف التي كانت بمثابة المقدمة لذلك النزاع.
وسعى إعلام النظام خلال الأيام الماضية إلى استغلال فرصة قطع الاتصالات، ببثه تقارير تلفزيونية عبر قنواته، وصفها معارضون من السويداء بأنها تهدف لتأجيج الفتنة وزيادة العداء بين أهالي السويداء وجيرانهم، وذلك من خلال استخدام إعلام النظام لمفردات مستفزة لكلا الطرفين.
كما استغلت أذرع النظام الأمنية في المحافظة فترة انقطاع الاتصالات لبث الإشاعات المتواصلة بشكل ممنهج، التي كان الغرض منها، برأي معارضين، إشعال النزاع مجددا بين أهالي السويداء ومجموعات البدو التي ما زالت تقطن داخل المحافظة.
وأشار الإعلامي فادي الداهوك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النظام لا يزال يواظب على أسلوب عزل المحافظة عن محيطها، لأنه المتحكم في خيوط الاتصالات والإعلام وصانع للخبر الذي يريده أن يخرج وفق صيغة توحي بأنه حامي الأقليات. وهذا ما حدث في الأحداث الأخيرة، عندما حاول تجيير الحادثة لتأخذ طابعا سياسيا.
وذكر الداهوك أن التقارير الإعلامية على قنوات النظام، سعت إلى قلب الحقائق بشكل واضح؛ فبينما وقف جيش النظام ولجانه الشعبية على الحياد، تحدثت التقارير عن تحرير «دير داما» من قبل قواته، وهذا لم يحدث على الإطلاق، لأن المسلحين من البدو ومن ساندوهم غادروا المنطقة كلها خلال ليلة السبت بعد مواجهتهم من قبل أهالي المنطقة ومن جاء لمؤازرتهم من أبناء السويداء.
ويرى الداهوك أن لقطع الاتصالات عن السويداء مهمة أخرى، تتمثل في فتح المجال للإشاعات التي غالبا ما تكثر في تلك الأجواء المشحونة ويكون النظام وراءها، أو أشخاص محسوبون عليه، فيتناقلها الناس بشكل سريع، حتى يجري تضخيم خبر صغير كحادثة إطلاق نار إلى اشتباكات عنيفة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى الاستنفار وتوتير الأجواء، وربما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء من شأنها أن تجعل من الشائعة حدثا حقيقيا.
وكان للغة التحريض التي بثتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على النظام دور كبير في ضخ خطاب التفرقة والطائفية، كتركيزها على أسماء الضحايا من أبناء السويداء والقول إنهم من أعضاء في اللجان الشعبية، الأمر الذي يرى فيه معارضون من السويداء أن الهدف منه هو استفزاز أهالي درعا على وجه التحديد، لأنهم يعدون أن هذه الفئة كان لها الدور البارز في عمليات الاقتحام والتنكيل بأهالي المناطق المنتفضة ضد النظام.
وكانت محافظة السويداء قد شيعت ظهر الثلاثاء الماضي ضحايا الاشتباكات من أبنائها، من ساحة الملعب البلدي في المدينة، والبالغ عددهم 14 شابا من ضمنهم رجال دين.
وأصر الشيوخ على أن يكون حفل التشييع شعبيا وغير رسمي، الأمر الذي أقفل الطريق على النظام في استغلال حفل التأبين ببثه خطابه المعتاد في مناسبات كهذه.
وغابت القيادات الأمنية عن حفل التشييع واقتصر حضور القيادات السياسية الذين ينحدرون من السويداء، فيما غابت عن الحفل الهتافات المناصرة للنظام وصور بشار الأسد، واقتصرت الكلمات على تلك التي أطلقها بعض رجال الدين الذين دعوا للتهدئة وعدم تمزيق الوطن.
وحاول إعلام النظام استغلال التشييع، بنقله تقارير تخدم النظام، لكن أحد المشايخ المتحدثين أعاد المطالبة بوجوب إقالة قائد فرع الأمن العسكري وفيق ناصر، وهو ما حذفته القناة التي بثت التقرير، لكن الناشطين قاموا بنشر كلامه أمام الكاميرا عبر «يوتيوب»، ليثبتوا مجددا تحريف الإعلام السوري الوقائع ونقله فقط كل ما يخدم سياسة النظام.
النظام السوري يقطع الاتصالات عن السويداء
بعد الاشتباكات بين الدروز والبدو وسقوط قتلى
النظام السوري يقطع الاتصالات عن السويداء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة