فضيحة بترايوس.. رسالة من أجل حماية الخصوصية

كيلي التي أطاحت برئيس وكالة الاستخبارات الأميركية ترفع دعاوى قضائية لتبرئة سمعتها

جيل كيلي مع زوجها الطبيب الجراح «نيويورك تايمز»
جيل كيلي مع زوجها الطبيب الجراح «نيويورك تايمز»
TT

فضيحة بترايوس.. رسالة من أجل حماية الخصوصية

جيل كيلي مع زوجها الطبيب الجراح «نيويورك تايمز»
جيل كيلي مع زوجها الطبيب الجراح «نيويورك تايمز»

ما زالت جيل كيلي تلقي نظرات خاطفة على الكاميرات قبل مغادرة منزلها الكبير في هيلسبورووغ، وفضلا عن ذلك، فهي نادرا ما تخرج للتسوق. تقول كيلي إنها لم تتمكن منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، عندما ورد اسمها في الفضيحة التي أطاحت برئيس وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوس، من الذهاب إلى مدارس أطفالها، ولا تملك الشجاعة الكافية لحضور العروض التي تجري في العطلات.
وقد أقامت، بمساعدة أشهر المحامين الذين يتقاضون أعلى الأجور في البلاد في مجال محاربة انتهاك الخصوصية، دعوى قضائية ضد المسؤولين في ثلاث وكالات فيدرالية وعدد كبير من المسؤولين الحاليين والسابقين في البنتاغون ومكتب التحقيقات الفيدرالي. وتقول إن ما دفعها لرفع تلك الدعوى حالة اليأس من قدرتها على تبرئة سمعتها واستئناف حياتها السابقة، وحماية الآخرين في الوقت ذاته من التعرض لأمور مماثلة.
وتؤكد كيلي أن هؤلاء المسؤولين قد انتهكوا خصوصيتها وشوهوا سمعتها واستطاعوا الوصول بطريقة غير مهذبة إلى رسائل البريد الإلكتروني الخاص بها، من دون الحصول على موافقتها، حيث تسببت جميع هذه الأمور إلى الإضرار بسمعتها وحياتها.
وتظل مشكلة العزلة إحدى الأمور التي تؤرق كيلي (38 عاما)، التي كانت قبل عام «سفيرة اجتماعية» هنا في قاعدة القوات الجوية في ماكديل، فضلا عن صلاتها بكبار قادة القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. وكان القادة العسكريون وزوجاتهم ضيوفا دائمين على مائدة كيلي وزوجها سكوت كيلي، جراح أمراض السرطان.
وقالت كيلي في مقابلة أجريت معها مؤخرا في منزلها: «لا يفهم الناس ما تعرضت له، فما زالت أعاني من عواقب التصرفات السيئة وعناوين الأخبار المغلوطة وغير الحقيقية. فهم يختلقون أحد الأمور الثانوية على حسابي الشخصي». وفي حين كان سلوكها متأرجحا ما بين الشعور بالسعادة والإصرار والألم، كانت كيلي تمسح الدموع التي كانت تذرفها ما بين الحين والآخر.
تسعى كيلي، من خلال رفع دعوى مرتكزة على وثيقة قانونية والأخبار الصحافية، إلى الحصول على تعويض لقاء الأضرار التي لحقت بها، والحصول على اعتذار رسمي من الحكومة بسبب الكشف عن هويتها بعد إبلاغها بما أطلقت عليه جريمة إرسال رسائل تهديد من قبل امرأة كانت على علاقة بالجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان مديرا لوكالة الاستخبارات الأميركية في ذلك الحين.
وتعد هذه القضية، المرفوعة أمام محكمة مقاطعة كولومبيا، أيضا، محاولة من جانب كيلي للقول إن الجانب الخاص بها في هذه القصة، الذي تقول إنه جرى تحريفه ورفضه، أدى إلى التسبب في ضرر غير مباشر لأسرتها.
ومن جانبه، رفض مايكل كورتان المتحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي، التعقيب على تفاصيل هذه القضية، منوها باستمرار عملية التقاضي. وقال كورتان: «إننا نتعامل مع جميع التحقيقات من دون محاباة، ووفقا للتوجيهات الإرشادية والقانون».
وقال كثير من الخبراء في مجال المحافظة على الخصوصية إنه، في حين من غير المرجح أن كيلي كانت من المؤيدين للحق في العيش بعيدا عن أضواء الشهرة، فإن مزاعمها بشأن تجاوز الحكومة سيكون له صدى، لا سيما في شأن الجدل الموجود في البلاد بخصوص تحقيق التوازن المناسب بين الخصوصية الشخصية والأمن القومي.
ويقول نيل ريتشارد أحد المحامين الخبراء في مجال حماية الخصوصية بجامعة واشنطن في سانت لويس: «توضح هذه القضية أن مسألة الخصوصية من الأمور المهمة للغاية، وأن القواعد القانونية التي لدينا ليست مناسبة للتكنولوجيا الحديثة. أعتقد أن هذه القضية توضح أيضا أن التساؤلات الكثيرة المطروحة التي نتعامل معها بصورة يومية، بداية من الحكومة ووصولا إلى التحقيقات الجنائية، تتعلق جميعها بمسألة الخصوصية».
وكشفت الحكومة، منذ 13 شهرا، النقاب عن أن عائلة كيلي، الذين يعتبرون مدعين في هذه القضية، تلقوا سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التهديدية من بولا برودويل، التي كانت على علاقة مع الجنرال بترايوس.
والجدير بالذكر أن المحققين بمكتب التحقيقات الفيدرالي قاموا بفحص جميع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بكيلي كإجراء روتيني، وأثناء هذه العملية اكتشفوا أن ما ذكره المسؤولون بالبنتاغون ربما يوضح وجود «علاقة غير ملائمة» مع الجنرال جون ألن، الذي كان في ذلك الحين من كبار القادة الأميركيين في أفغانستان.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.