وزير الخارجية الأميركي يطلع العاهل الأردني على مراحل مفاوضات السلام

الفلسطينيون والإسرائيليون لا يشاركون كيري «التفاؤل».. ويرون الاتفاق بعيدا

ارشيفية للقاء سابق
ارشيفية للقاء سابق
TT

وزير الخارجية الأميركي يطلع العاهل الأردني على مراحل مفاوضات السلام

ارشيفية للقاء سابق
ارشيفية للقاء سابق

أطلع جون كيري وزير الخارجية الأميركي، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في عمان أمس، على المحادثات التي عقدها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في رام الله والقدس خلال الأيام الماضية.
وأكد الملك عبد الله الثاني استمرار بلاده في دعم جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين «بما يحمي مصالحه العليا»، بحسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني. وقال البيان إن الملك عبد الله شدد على أن «الأردن مستمر في دعم جهود تحقيق السلام، وصولا إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
من جهته، وحسب البيان، أعرب كيري عن شكره للملك عبد الله الثاني «على ما يبذله من جهود حثيثة مع مختلف الأطراف لتحقيق السلام في المنطقة، وتعزيز أمنها واستقرارها»، بحسب البيان.
لكن تصريحات المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يبدُ فيها «التفاؤل» الذي عبر عنه كيري بشأن «إحراز تقدم» لجهة التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في إطار مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة. وكان كيري تعهد بتقديم خطة سلام «عادلة ومتوازنة» للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في ختام أربعة أيام من المباحثات الماراثونية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال كيري: «أستطيع أن أضمن لكل الأطراف أن الرئيس (الأميركي) باراك أوباما وأنا شخصيا ملتزمان بتقديم أفكار عادلة ومتوازنة للجميع». وأكد أن ثمة تقدما إيجابيا في محادثات السلام، لكنه ليس حاسما بشكل نهائي. وتابع: «كلا الجانبين لديه فكرة واضحة عن التنازلات اللازمة لضمان التوصل إلى اتفاق رغم شكهما العميق في فرص النجاح»، موضحا أن المباحثات الأخيرة تناولت جميع القضايا الكبرى في الصراع مثل الحدود، والأمن، ومصير اللاجئين الفلسطينيين، ووضع القدس. وأردف: «المسار يصبح أكثر وضوحا. اللغز يصبح أكثر تحديدا. واضح للجميع الآن ما الخيارات الصعبة المتبقية، لكن لا أستطيع إبلاغكم تحديدا بالموعد الذي قد نضع فيه القطعة الأخيرة من اللغز في مكانها».
ويفترض أن يعود كيري مرة أخرى للقاء نتنياهو وعباس خلال أيام قليلة في مؤشر على نيته دفع اتفاق «إطاري» إلى الأمام.
ولم يتضح فورا ما الأفكار التي ناقشها كيري مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، غير أن مصادر فلسطينية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» قالت إن أفكاره تمحورت حول «القدس الكبرى» عاصمة للدولتين، ويهودية إسرائيل، وتبادل أراض، وإجراءات أمنية جديدة في الأغوار، وانسحاب إسرائيلي متدرج من الضفة وعودة اللاجئين إلى الضفة الغربية. وحسب صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، فإن كيري توصل، بعد 10 زيارات إلى المنطقة خلال عام واحد، إلى اقتراح إطار عمل يتكون من ست ورقات عمل. وتقوم خطته على إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية عاصمتها القدس الشرقية، مقابل ألا يطالب الفلسطينيون بمزيد من الأراضي، والسماح للفلسطينيين الذين نزحوا من ديارهم خلال حربي 1948 و1967 بالعودة، لكن إلى الأراضي الفلسطينية في الضفة وليس إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل. كما تتضمن نشر قوات دولية على طول الحدود المشتركة بين الضفة الغربية والأردن، الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون والإسرائيليون. وقال ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إنه «لم يطرأ أي تقدم على سير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي»، لكنه أكد أن المناقشات الحالية «جادة جدا».
وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أكد للصحافيين أن كل ما قيل ونشر حول وجود خطط أميركية «ليس صحيحا». وأضاف: «نريد أن نوضح أنه لم يقدم أي شيء.. الوزير كيري طرح أفكارا وهي تناقش في اجتماعات أميركية معنا أو مع الجانب الإسرائيلي بشكل منفصل، لذلك من السابق الحديث عن خطط أو وثائق قدمت.. نحن ما زلنا في مرحلة مناقشة الأفكار، والوزير كيري سيعود إلى المنطقة مرة أخرى في الأيام المقبلة من أجل استكمال النقاش الدائر حول هذه القضايا، والطريق ما زال صعبا وطويلا».
ولم تكن التصريحات الإسرائيلية أقل تشاؤما؛ فقد عدّ نتنياهو أمس أن لب النزاع مع الفلسطينيين «يتمثل في رفض الجانب الفلسطيني الاعتراف بحقنا في الوجود، وأن هذه القضية الجوهرية تشكل مدار نقاش حاد في المباحثات مع كيري». وأَضاف في مستهل جلسة مجلس الوزراء أمس: «أي تسوية قد يجري التوصل لها بشأن حدود دولة إسرائيل لا يجوز أن تتجاهل حقوق الشعب اليهودي».
من جانبه، صعد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، موقفه قائلا إنه سيرفض أي اتفاق يشمل حق العودة «حتى لو كان للاجئ فلسطيني واحد فقط». على صعيد آخر، أعلن كيري أمس للصحافيين، قبيل مغادرته إلى الأردن والسعودية، أن بلاده منفتحة إزاء مساهمة إيرانية «مفيدة» خلال مؤتمر «جنيف2» للسلام الخاص بسوريا المقرر عقده في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي في سويسرا، حتى وإن لم توجه إليها دعوة رسمية للمشاركة. وقال: «نحن مسرورون بأن تكون إيران مفيدة». وأضاف: «الجميع مسرور بأن تقدم إيران مساهمة مفيدة» خلال «جنيف2». لكن كيري شدد على أن إيران، حليفة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، يجب أن تدفع أيضا قدما المفاوضات حول برنامجها النووي. وقال إن إيران «تعلم تماما ما عليها القيام به بالنسبة لبرنامجها النووي وكذلك بالنسبة لمؤتمر (جنيف2). انضموا إلى مجموعة الدول وإلى ما نحن جميعا ملتزمون بالقيام به، وهي محاولة التوصل إلى حل سلمي في سوريا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.