ناهد طاهر: السعودية تمتلك فرصة كبيرة لهيكلة اقتصادها على طريقة الدول الناشئة

المدير التنفيذي لـ «جلف كابيتال» قالت في حوار مع إن الإنفاق الحكومي يمكن أن يكون مدرا للعوائد

ناهد طاهر
ناهد طاهر
TT

ناهد طاهر: السعودية تمتلك فرصة كبيرة لهيكلة اقتصادها على طريقة الدول الناشئة

ناهد طاهر
ناهد طاهر

أكدت الدكتورة ناهد طاهر المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لبنك «جلف ون للاستثمار» ورئيس مجلس إدارة شركة «جلف ون كابيتال»، أن الاقتصاد السعودي يمتلك المقومات اللازمة لهيكلته على طريقة الدول الناشئة التي حققت تقدما كبيرا مثل البرازيل وتركيا والهند، وقالت طاهر في حوار مع «الشرق الأوسط» إن هناك تجارب هيكلية في دول ناشئة لا بد من الاحتذاء بها، مع العلم أن السعودية لديها فرص استثمارية حكومية وخاصة ضخمة جدا لكنها لم تستغل، مما يؤدي في ما لو استغلت بشكل صحيح وبكفاءة مالية ونوعية عالية إلى مضاعفة أرقام الميزانية الحالية .
وأضافت طاهر إن توجيه جانب كبير من الإنفاق الحكومي في السعودية إلى الإنفاق الاستهلاكي لا يزال يشكل مشكلة على الحكومة التعامل معها بحذر.
وأكدت الخبيرة المصرفية أن السعودية لديها قطاعات إنتاجية وخدمية رائعة للاستثمار تستطيع السلطات المالية والاقتصادية وصناع القرار أن يعملوا جاهدين لتقنينها بشكل جاذب للاستثمار المحلي والأجنبي والصناديق السيادية للدولة.. الحوار اشتمل على جوانب كثيرة وهنا التفاصيل.

* قبل أيام أعلنت السعودية ميزانية ضخمة، كيف تقرئين هذا النمو في الميزانية التي تعادل ضعف نظيرتها قبل خمس سنوات فقط؟
- الميزانية السعودية التي أعلنت للعام الحالي بلا شك ضخمة مقارنة بالسنوات الماضية بشكل مطلق، ولكن هناك تقديرات وتحليلات بمعدلات حقيقية للأرقام التي وردت في الميزانية والقطاعات التي يجري الإنفاق عليها وتأثيرها في معدلات النمو من النواحي المالية والاقتصادية والاجتماعية، ولا بد من النظر إليها بعمق كبير حتى نحكم على القوة الشرائية والاستثمارية للميزانية.
الإنفاق الاستهلاكي ما زال يشكل معظم أوجه الإنفاق الحكومي ودخل البترول ما زال يعادل 90 في المائة من إيرادات الميزانية، وهذا من وجهة نظري ما يجب تغييره هيكليا خاصة في ظل المتطلبات الاقتصادية الضخمة والنقص الملحوظ في مشاريع البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية.
هناك تجارب هيكلية في دول ناشئة لا بد من الاحتذاء بها، مع العلم أن السعودية لديها فرص استثمارية حكومية وخاصة ضخمة جدا لكنها لم تستغل، مما يؤدي في ما لو استغلت بشكل صحيح وبكفاءة مالية ونوعية عالية إلى مضاعفة أرقام الميزانية الحالية بأضعاف كثيرة.
* ما هي فرص السعودية في بناء اقتصاد مستديم حاليا؟
- السعودية لديها قطاعات إنتاجية وخدمية رائعة للاستثمار تستطيع السلطات المالية والاقتصادية وصناع القرار أن يعملوا جاهدين لتقنينها بشكل جاذب للاستثمار المحلي والأجنبي والصناديق السيادية للدولة بحيث يصبح الإنفاق الحكومي مدرا للعوائد بدلا من أن يكون عبئا على استنزاف الميزانية ولا يستطيع مواكبة النمو في المتطلبات الاقتصادية. من هذه القطاعات المياه والكهرباء والصناعات والصحة والطاقة النظيفة والمشروعات البيئية، بدلا من التركيز على التجارة والمقاولات ذات العوائد المتقلبة والقليلة وغير المستديمة مقارنة بالقطاعات الإنتاجية ذات العوائد المغرية والمتسارعة النمو والتي تخلق شبكة من الصناعات المتفرعة منها مما يخلق الوظائف ويزيد معدل دوران النقود في الاقتصاد ويرفع من مستويات المعيشة بشكل مستديم.
* حقق الناتج المحلي قفزة هائلة بين عامي 2010 و2013، ففي حين كان الناتج المحلي لعام 2010، 1.976 تريليون ريال (527 مليار دولار)، كان في عام 2013، 2.78 تريليون ريال (741.4 مليار دولار)، إلا أن لك رأيا آخر في هذه النتائج؟
- الاقتصاد السعودي نما بالمعدل الأقل منذ عام 2010، حيث انخفض النمو من 7.4 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2010، إلى 3.8 في المائة في عام 2013. وكان كذلك نمو القطاع النفطي سلبيا، إذ تراجع بنسبة 0.6 في المائة، وتناقص نسبة النمو هو ما يقلق لأن نسبة النمو الحالية للاقتصاد السعودي أقل من الفجوة التضخمية التي تتجاوز 15 في المائة، مما يعني أن الدخل الحقيقي للدولة يتناقص كقيمة حقيقية.
* كيف تلمسين التأثير الاقتصادي للمخصصات الضخمة التي تعلن في الميزانية السعودية ؟
- التأثير الاقتصادي غير ملموس لبعض المشاريع الضخمة لأنها تعد إنفاقا استهلاكيا بحتا وقد يكون مبالغ في تكلفة المباني والمقاولات المقامة لتنفيذها بشكل جمالي ومكلف للغاية أكثر بكثير مما يجب، بينما الخدمة المقدمة ضعيفة أو سيئة مثل بعض الجامعات أو المستشفيات حيث يكلف بناؤها مليارات الريالات لنجدها مباني ضخمة مزخرفة بأغلى أدوات البناء بينما الخدمة الطبية أو التعليمية أقل من المستوى المقبول عالميا.
هذا دوره سلبي في الاقتصاد لأن بناء المباني وصيانتها مكلف جدا مما يستنزف الكثير من الميزانية من دون داع، وكذلك كونها غير مخصخصة على المدى الطويل فبالتالي القطاع الخاص لا يدير صيانتها وتشغيلها بشكل استثماري، عوضا عن أن عدم وجود خدمة جيدة يجلب عدم الرضا وخروج الأموال للخارج للعلاج أو التعليم والأعمال وما إلى ذلك.
* كخبيرة مصرفية كيف تقيمين أداء الصناديق السيادية السعودية؟
- لقد كتبت وتحدثت كثيرا في موضوع الصناديق السيادية مسبقا، وأكرر القول إن الصناديق السيادية السعودية دورها قليل محليا وعالميا. فعلى الرغم من أن السعودية تأتي في المرتبة الرابعة في تصنيف أكبر الصناديق السيادية في العالم بعد الصين والإمارات والنرويج، فإن أداءها ونشاطها مقصور على استثمارات مالية ذات عوائد زهيدة مثل ودائع بنكية أو شراء سندات أميركية حكومية، بينما الصناديق خاصة الكبرى منها عالميا تسعى إلى عمليات الاستثمار الحقيقي في شراء أصول حقيقية مثل شركات والدخول في مشروعات ضخمة تحقق لها عوائد مالية وأيضا ارتفاعا في قيمة رأس المال لهذه الأصول.
* وزارة التخطيط مع نتائج العام المالي 2013 وبعد تحقيق نمو للقطاع الخاص بـ9.5 في المائة تقريبا في مقابل 1.56 للقطاع العام، ترى أن القطاع الخاص هو من يقود النمو، وأن السنوات الماضية كانت لتمكين هذا القطاع من القيام بدوره، إلى أي مدى هذا التحليل صحيح؟
- القطاع الخاص ما زال لا يشكل إلا 10 في المائة فقط من الدخل القومي، كيف له أن يقود وهو ما زال النسبة الأصغر في الاقتصاد؟!
القطاع الخاص لو جرى تعديل القوانين الاستثمارية الحالية ولم يجر وضع معوقات العمالة إلا على القطاعات الاستهلاكية وجرى تشجيع القطاعات الإنتاجية، يستطيع أن يفوق معدلات النمو الحالية بمراحل كبيرة.
ومع فرض أن معدل نمو القطاع الخاص هو 9.5 في المائة فقط، فلماذا لا يجري تفعيل دوره بشكل جذري وليس في قطاع التجزئة والواردات والتجارة بقدر ما هو في مجالات الطاقة والصناعة ذات المزايا النسبية وخدمات المياه والكهرباء والتقنية؟!
* هناك نمو هائل في السعودية في مشاريع الإسكان والطاقة والخدمات، فعلى سبيل المثال هناك 30 في المائة من مشاريع الكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة، أي ما يعادل 150 مليار ريال، يخطط أن يتولاها القطاع الخاص، كيف ترين تمكين القطاع الخاص من القيام بدوره؟
- لكي تنجح هذه المشاريع سواء في المياه أو الكهرباء لا بد أن تكون بطريقة الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، فمن الخطأ الاستمرار في الطرق الحالية لتمويل هذه المشاريع وكافة مشاريع البنية التحتية من خلال إلقاء كافة أعباء البناء والصيانة على خزينة الدولة.
الاستمرار في الطريقة المتبعة لتنفيذ المشاريع على سبيل المثال في قطاعي الكهرباء والمياه سيكون نتيجته أن الخزينة العامة بمفردها تتحمل النمو المتسارع في الطلب على المياه والكهرباء، لذلك يجب تقنين الاستثمار في هذه المشاريع وفقا لأفضل المعايير الاستثمارية والقانونية العالمية بحيث يكون جاذبا للاستثمارات الأجنبية الذكية وتكون الصناديق السيادية السعودية مستثمرا من دون أن تتدخل في إدارة الاستثمار ولكن تكون الحكومة مقننا ومراقبا وجزءا من مجلس إدارة المشروع فقط.
ويجري طرح هذه المشاريع في مناقصات بناء وتشغيل للقطاع الخاص بحيث يلتزم بأفضل الحلول المالية والجودة للخدمة أو السلعة المقدمة، بينما تضمن الحكومة شراء الخدمة أو السلعة على المدى الطويل.
أود أن أشير هنا إلى أن ذلك ليس كلاما نظريا في السعودية أو يحصل في الخارج فقط، فقد حدثت بعض التجارب الناجحة ولكن في عدد قليل جدا من المشاريع، ونحن في بنك «جلف» لدينا أحد أنجح مشاريع الخصخصة في المياه بالشراكة مع إحدى الجهات الحكومية وسعداء بنجاحه حيث التكلفة منخفضة نتيجة للهيكلة المالية والنوعية للمشروع مقارنة بتكلفته حكوميا، كما أن المشروع صديق للبيئة أيضا. هذا مثال فقط، المطلوب تطبيق ذلك على نطاق واسع حتى يدر إيرادات ضخمة لخزينة الدولة.
* السعودية بدأت في ملف مهم، وهو حملة تصحيح أوضاع العمالة في البلاد، وكانت هذه واحدة من المحاولات لإحداث نوع من التوازن في سوق العمل السعودية بين المواطن والوافد، كيف تنظرين إلى أثر ذلك في إحداث مزيد من الفرص للشباب السعودي؟
- الحملة التصحيحية لها جوانب إيجابية من الناحية الأمنية والاقتصادية ، لكن بالنسبة لسوق العمل أعتقد أن المهلة الممنوحة للتصحيح كانت قصيرة جدا لاستبدال عمالة مهنية متخصصة بالذات مثل المدرسين والأطباء وحتى البائعين ذوي الخبرة فقط لتوطين الوظائف. ثانيا: الحل الأمثل لتوطين الوظائف هو خلق وظائف جديدة وليس الإحلال. الإحلال حل مؤقت لا يستمر في النمو وقد يكون على حساب الجودة بشكل كبير، أما خلق الوظائف فهو الحل الأمثل المستديم وخاصة في قطاعات الصناعة والبنية التحتية والتقنية.
هذه القطاعات تتطلب مهارات متخصصة وتدفع لها أجورا عالية، وفي الوقت نفسه استمرار هذه الأعمال مستديم، ويخلق فرصا متجددة دائما، كما أنها ترفع من مستوى المعيشة وتزيد من فئة الطبقة المتوسطة الدخل التي هي المحرك الرئيس لأي اقتصاد.
* هناك نظرية تقول إن القطاع الخاص السعودي يقوم على العمالة غير الماهرة لذلك الأجور فيه غير مغرية للمواطنين الذين يرون فرص القطاع العام أفضل، ما هي الإصلاحات التي على القطاع الخاص إحداثها لاستيعاب الكوادر الوطنية؟
- نعم هذا صحيح، الاقتصاد السعودي قائم على البترول والمقاولات والتجارة، فقطاع البترول بطبيعته نمو الوظائف فيه محدود جدا فمهما زدنا الإنتاج أو رفعنا الأسعار لن يتطلب ذلك وظائف بقدر ما يتطلب رأسمال ومعدات فقط.
أما قطاع المقاولات فهو الآخر يتطلب عمالة غير ماهرة ورواتبها متدنية جدا، وبالنسبة لقطاع التجارة فالمهارات التي يحتاجها قليلة إلى متوسطة وأيضا نسبة نمو الوظائف فيه منخفضة.
والحل لا بد من تنويع قطاعات الاقتصاد في المجالات التي ذكرتها حتى ينمو الاقتصاد وتزداد الوظائف.. أختم بقولي برقم بسيط إن قدرة الاقتصاد السعودي على خلق وظائف في ما لو استمر الوضع الاقتصادي على ما هو عليه الآن هي 400.000 وظيفة فقط خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما تحتاج السعودية إلى 2.500.000 لسد فجوة البطالة وإيصالها إلى 5 في المائة فقط.

* ناهد طاهر في سطور:
* احتلت الدكتورة ناهد محمد طاهر في عام 2006 المرتبة 72 ضمن قائمة أقوى 100 امرأة في العالم. تعد من موقعها الحالي أول سيدة تؤسس وتتصدر منصب الرئيس التنفيذي لبنك استثماري خليجي. عملت الدكتورة ناهد طاهر في فترة سابقة في منصب كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري. كما ترأست لجنة إدارة المخاطر والمحافظ. وكانت أول امرأة تشغل منصبا تنفيذيا في الإدارة العليا للبنك. وفي الجانب الأكاديمي ترأست قسم الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.



«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.