مجلس النواب الليبي يتراجع وينفي دعوته لتدخل عسكري دولي

ميلشيات طرابلس المسلحة تسابق الزمن لتحقيق إنجازات عسكرية

مجلس النواب الليبي يتراجع وينفي دعوته لتدخل عسكري دولي
TT

مجلس النواب الليبي يتراجع وينفي دعوته لتدخل عسكري دولي

مجلس النواب الليبي يتراجع وينفي دعوته لتدخل عسكري دولي

بدا أمس أن الميلشيات المسلحة التي تخوض منذ الشهر الماضي صراعا دمويا بالأسلحة الثقيلة للسيطرة على مطار العاصمة الليبية طرابلس، تسعى لاستباق التدخل الدولي المحتمل أو زيارة وشيكة لمبعوث الأمم المتحدة، وذلك بمحاولة حسم المعارك الطاحنة لصالحها وتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض.
وتصاعدت حدة القتال في محيط مطار طرابلس الدولي، فيما دافع مجلس النواب الليبي عن قراره بشأن دعوة المجتمع الدولي لوقف القتال الدائر منذ أكثر من شهر وخلف مئات القتلى والجرحى.
وقالت مصادر أمنية وعسكرية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد الضحايا كبير من كل الأطراف المتحاربة، لكن لا تتوافر أي إحصائيات رسمية». مشيرة إلى أن الهلال الأحمر الليبي طلب من وزارة الداخلية رسميا توفير سائقين نظرا لعدم وجود سائقين يستطيعون الدخول لمناطق الاشتباكات.
وأوضحت المصادر أن القصف استمر بشكل متواصل منذ مساء أول من أمس وحتى مساء أمس دون توقف، حيث شمل عدة أماكن من طريق المطار وحي الأكواخ إلى جنزور مرورا بالسراج والنجيلة.
وكشفت المصادر النقاب عن وصول عتاد عسكري وذخيرة إضافية لميليشيات مصراتة وحلفائها من الجماعات المتطرفة، مشيرة إلى أن «المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد بسيطرة قوات فجر ليبيا على رئاسة الأركان وميدان الفروسية وسيطرة شبه تامة على محيط المطار».
في غضون ذلك، دافع مجلس النواب الليبي عن قراره بدعوة المجتمع الدولي للتدخل لوقف القتال الدائر في العاصمة، حيث قال إنه «لم يكن يعني التدخل العسكري المباشر، فيما بدا أنه بمثابة تراجع عن قراره في هذا الخصوص».
وقال المجلس في بيان له أمس إنه «اضطر إلى إصدار القرار بدعوة مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة للتدخل مبدئيا وممارسة بعض من الضغوط على ذوي العلاقة بالنزاع في الداخل أو الخارج، لفرض الأمن وحماية المدنين». وشدد على أن الغاية من ذلك القرار لم تكن الاستقواء بالأجنبي كما يروج البعض وتسوق له بعض وسائل الإعلام في حملات إعلامية غايتها بث الفتنة والتفريق بين أبناء الشعب الواحد، مؤكدا أنه «لن يكون هناك تدخل أجنبي على أرض ليبيا العزيزة إلا بغية حمايتها من العبث والتقسيم».
ولفت البيان إلى تأكيد أعضاء مجلس النواب «ممثلي الشعب الليبي على حرصهم على أمن وأمان جميع الليبيين ووحدة تراب ليبيا، برا بعهدهم ووفاء لأرواح الشهداء وتقديسا لدماء عطرت التراب الليبي ثمنا للحرية وتحقيقا للديمقراطية وسيادة دولة العدل والقانون».
وقال المجلس إنه دعا في قرارات رسمية سابقة كل أطراف النزاع إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار والاقتتال بين أطراف النزاع، لكنها لم تلتزم بتنفيذ القرار رغم صدور الأوامر لكل التشكيلات العسكرية بضرورة الالتزام بالتنفيذ.
ولفت المجلس إلى ما تشهده البلاد من ترد للأوضاع الأمنية واقتتال بين الإخوة وترويع للآمنين واقتحام لمقار مؤسسات الدولة والعبث والتخريب، وهدر للأموال العامة والخاصة، وحملات إعلامية رخيصة غايتها النيل من الشرعية وخيار ارتضاه الشعب الليبي بحرية ووعي إدراكا منه لخطورة المرحلة وحساسيتها. وأضاف: «لما كان لتدخل مجلس الأمن إبان حرب التحرير له ما يبرره، استنادا منه للإجماع العربي والدولي بوجوب التدخل بغاية وبهدف حماية المدنيين في مواجهة طاغية مستبد، فإن الحاجة لوقف حمام الدم وحرب إخوة الأمس الذين وحدتهم غاية الإطاحة بنظام الطغيان والاستبداد، وقد صيرتهم نعرات سياسية وغايات مشبوهة وهويات غريبة عن المجتمع الليبي إلى أعداء يتقاتلون ودونما وعي لماهية الواجب تجاه ليبيا أو لإدراك حقيقة الموقف».
ولاحظ أن أرواح الليبيين عادت لتكون مهددة وفي خطر يفوق الخطر الذي استدعى مجلس الأمن للتدخل إبان بدايات ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011 ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، مشيرا إلى أن هذا حدث في الوقت الذي لم تخل فيه ليبيا من التدخل الأجنبي خفيا كان أو ظاهرا وبأشكال متعددة.
من جهته، قال مكتب بيرناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة الخاص الجديد إلى ليبيا إنه «يعتزم زيارة طرابلس في مطلع الأسبوع المقبل سعيا لتحقيق هدنة بين الفصائل المسلحة التي حولت الاشتباكات فيما بينها إلى مناطق من العاصمة الليبية إلى ساحة قتال».
وقال بيان من مكتب ليون إن «زيارته لطرابلس لإجراء محادثات ستشرف عليها الأمم المتحدة باعتبارها الوسيط الدولي الوحيد المقبول لدى جميع الأطراف الليبية». وأضاف البيان «في هذا الإطار اعتزم السفر إلى طرابلس في مطلع الأسبوع المقبل لمواصلة دعم المحادثات بين الأطراف».
وقال ليون «في رأيي الشخصي هناك بعض الأمور الملحة وهناك مبدأ يجب الاتفاق عليه. المبدأ هو أنه يجب أن يكون هناك وقف حقيقي لإطلاق النار.. أتوقع من خلاله أن يجري كلا الطرفين المحادثات بنية حسنة وألا يستغلوها من أجل إعادة تنظيم قواتهم». وأضاف أن المحادثات يجب أن تتعامل مع الصراعات في مناطق أخرى في ليبيا وسيطرة الحكومة على المطارات بمساعدة الأمم المتحدة وانسحاب الجماعات المسلحة وحلفائها من طرابلس.
واندلعت معظم المعارك حول مطار طرابلس الدولي الذي يسيطر عليه مقاتلون من الزنتان منذ أن شقوا طريقهم إلى العاصمة خلال حرب عام 2011.
وتبادلت قوات الزنتان ومصراتة القصف بصواريخ غراد والمدفعية في جنوب طرابلس مما أجبر مئات الأسر على الفرار من ديارها وأسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص.
وتظاهر عدة آلاف في طرابلس وبنغازي ومصراتة ومدن أخرى وهاجم مسلحون المتظاهرين في ميدان الشهداء في وسط طرابلس وردت الشرطة بإطلاق النار ولم يتضح وقوع أي إصابات.
وقالت وكالة الأنباء المحلية إن مدن طرابلس ومصراتة وبنغازي وغريان شهدت مظاهرات حاشدة رفضا لدعوات التدخل الأجنبي في ليبيا تحت أي مسمى، ومعارضة لعقد جلسات مجلس النواب بمدينة طبرق، وتأييدا لما يعرف بعملية فجر ليبيا. وجدد المتظاهرون المطالبة بالإسراع بنقل جلسات البرلمان لمقره بمدينة بنغازي، معتبرين أن عقده في طبرق غير دستوري وغير قانوني وغير شرعي.
وفي علامة على الاستقطاب العميق في البلاد خرجت جماعة تؤيد اجتماع البرلمان في بلدة طبرق الشرقية وقراره دعوة الأمم المتحدة للتدخل إلى الشوارع في مدينة بنغازي. ويصف ساسة من ذوي الميول الإسلامية وحلفاؤهم من مدينة مصراتة اجتماع البرلمان بأنه غير دستوري لانعقاده في طبرق بدلا من طرابلس أو بنغازي.
وزادت معركة منفصلة تدور في مدينة بنغازي في شرق ليبيا من صعوبة الوضع الأمني في ليبيا حيث طرد تحالف من المتشددين الإسلاميين ومقاتلي المعارضة السابقين الجيش من المدينة.
ويسعى ليون إلى إنهاء القتال بين كتائب من مصراتة ومقاتلين متحالفين مع بلدة الزنتان في غرب البلاد بعد تفجر الصراع بينهما في صورة اشتباكات هي الأسوأ منذ الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي عام 2011.
ودفعت المعارك بين كتائب المقاتلين السابقين الذين حاربوا القذافي معا الأمم المتحدة والحكومات الغربية إلى إغلاق بعثاتها وإجلاء الدبلوماسيين خوفا من انزلاق ليبيا إلى أتون حرب أهلية.
ولا تزال الحكومة الهشة في ليبيا دون جيش وطني وتصرف رواتب منتظمة غالبا لمقاتلي المعارضة السابقين باعتبارهم قوات أمن شبه رسمية كطريقة لاستمالتهم لتأييد الدولة الجديدة.
لكن الفصائل المدججة بالسلاح تتحالف مع فصائل سياسية متنافسة وهم غالبا ما يبدون ولاء لمناطقهم أو مدينتهم أو للقادة العسكريين المحليين أكثر من ولائهم للحكومة المركزية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.