مسؤول في «الداخلية» المصرية: 230 ألف رجل لتأمين استفتاء الدستور

شدد على جاهزية السلطات لإنجاح أول استحقاقات «خارطة المستقبل»

سيارة شرطة مصرية مشتعلة بالنيران أمام جامعة الأزهر، أمس (أ.ف.ب)
سيارة شرطة مصرية مشتعلة بالنيران أمام جامعة الأزهر، أمس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول في «الداخلية» المصرية: 230 ألف رجل لتأمين استفتاء الدستور

سيارة شرطة مصرية مشتعلة بالنيران أمام جامعة الأزهر، أمس (أ.ف.ب)
سيارة شرطة مصرية مشتعلة بالنيران أمام جامعة الأزهر، أمس (أ.ف.ب)

قال مسؤول في وزارة الداخلية المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الوزارة سوف تتصدى بكل قوة لمحاولات أنصار جماعة الإخوان المسلمين تعطيل الاستفتاء على الدستور الجديد، المقرر له منتصف الشهر الحالي»، وأضاف أنه «جرى وضع خطة متطورة ومحكمة لتأمين مقار الاستفتاء والمناطق المحيطة بها»، بالمشاركة مع الجيش، وأن الخطة تشمل الدفع بنحو 230 ألف رجل أمن لتأمين مقار الاستفتاء.
وتتجه الأنظار المصرية والدولية لأولى خطوات «خارطة المستقبل» التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية في يوليو (تموز) من العام الماضي، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وتعزز نتائج الاستفتاء إلى حد بعيد شرعية ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي، بحسب مراقبين. وتنشط أجهزة الأمن بالتعاون مع الجيش، في مسعى للتقليل من تأثير موجة عنف وعمليات تفجير تشهدها مصر في الوقت الراهن. وتتهم السلطات جماعة الإخوان بالوقوف وراءها، لإحداث تأثير سلبي على نسبة المشاركة في الاستفتاء.
ووفقا للمصادر الأمنية، فإن «خطة التأمين تتضمن تمركز قوات الجيش على بعد يقدر بنحو 200 متر من مقار اللجان، لتتيح الفرصة للناخبين للدخول إلى اللجان بسهولة»، لافتة إلى أن الأمن سيكون موجودا خارج اللجان، وأنه سوف يتدخل في حال وجود أي إعاقة للناخبين أو إثارة شغب من قبل أي عناصر داخل اللجان.
وأضاف المسؤول الأمني، أنه تقرر الدفع بنحو 230 ألفا من العناصر الأمنية للسيطرة من الخارج على مقار لجان الاستفتاء على مستوى محافظات مصر، بالإضافة إلى تشكيلات احتياطية ومجموعات قتالية، لافتا إلى أن إفساد أي محاولة لتعطيل الاستفتاء، تتطلب مشاركة كل مواطن مصري وحرصه على الإدلاء بصوته تحت أي ظروف، وذلك للعبور من تلك المرحلة واستكمال «خارطة المستقبل».
وتزايدت أعمال العنف والتفجيرات عقب عزل مرسي في يوليو الماضي، ويتظاهر أنصار جماعة الإخوان في القاهرة وعدة محافظات بشكل شبه يومي، وأبطلت أجهزة الأمن بالجيزة، أمس، مفعول قنبلة مضادة للأفراد عثر عليها في منطقة بولاق الدكرور أمام موقف حافلات، بينما انفجرت عبوة ناسفة على طريق العريش، أسفرت عن مقتل ضابط وإصابة أربع مجندين. ويقول مراقبون إن «السلطات تحاول تأكيد قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد بالتحرك الفوري حال وجود أي بلاغ عن أجسام غريبة للتعامل معها».
من جانبها، أشارت المصادر الأمنية إلى أنه «سيجري تعزيز الإجراءات الأمنية بجميع أقسام ومراكز الشرطة، حيث جرى تزويد أقسام ومراكز الشرطة كافة بكاميرات مراقبة، ومجموعات قتالية، للتصدي لأي محاولة للاعتداء عليها».
من ناحية أخرى، أوضح مسؤول أمني آخر أن «أماكن الاستفتاء مؤمنة بالكامل لضمان سير عملية الاستفتاء بسهولة ويسر، وأن وزارة الداخلية ستؤمن مداخل ومخارج مقار الاستفتاء لضمان عدم تدافع المواطنين أثناء الإدلاء بأصواتهم وضمان حركة المرور خارج اللجان»، مضيفا أن «دور القوات المسلحة سيقتصر على المساعدة في تأمين الأماكن الحيوية، وتعويض النقص العددي في الأماكن الحيوية والمهمة».
وقال المسؤول الأمني الذي فضل عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات المسلحة ستكون موجودة في الميادين الرئيسة ومداخل المدن وأمام مقار الحكومة، حتى تتيح لقوات الشرطة التفرغ لتأمين مقر الاستفتاء».
في السياق نفسه، ﻗررت اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ، المشرفة على الدستور، ﺑدء ﻓﺗﺢ ﻟﺟﺎن اﻟﺗﺻوﯾت ﻟﻠﻣﺻرﯾﯾن اﻟﻣﻘﯾﻣﯾن باﻟﺧﺎرج اعتبارا من 8 يناير (كانون الثاني) الحالي. ووبالتزامن مع بدء تصويت المصريين بالخارج على الدستور، تستكمل محكمة جنايات القاهرة في جلسة يوم 8 الشهر الحالي، محاكمة الرئيس المعزول و14 من قيادات «الإخوان» في قضية قتل متظاهري قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة).
ومن جانبه، واصل تحالف يقوده «الإخوان» تحريضه على التظاهر خلال الأسبوع الحالي، وطالب التحالف في بيان له أمس، باستمرار الحشد استعدادا لمظاهرات الأربعاء المقبل، وذلك تزامنا مع جلسة محاكمة مرسي، واستكمال التظاهر نحو مقاطعة الاستفتاء على الدستور.
لكن المسؤول الأمني نفسه قلل من حجم مظاهرات «الإخوان» يوم جلسة محاكمة الرئيس المعزول، قائلا إن «جماعة الإخوان غير قادرة على الحشد يوم محاكمة مرسي أو تعطيل الاستفتاء، بسبب انخفاض مصادر تمويلها، وعدم وجود قيادات صف أول تستطيع التواصل مع القواعد الشعبية في الشوارع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.