دمشق تصعد في الغوطة الشرقية.. و«داعش» تحشد للسيطرة على الرقة

الائتلاف الوطني السوري يقرع «ناقوس الخطر» بعد وصول المسلحين إلى مارع بريف حلب الشمالي

القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد أثناء تقدمها نحو بلدة المليحة التي تقع على حافة المنطقة الشرقية قرب مطار دمشق بعد سيطرتهم على المنطقة من المقاتلين (أ.ف.ب)
القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد أثناء تقدمها نحو بلدة المليحة التي تقع على حافة المنطقة الشرقية قرب مطار دمشق بعد سيطرتهم على المنطقة من المقاتلين (أ.ف.ب)
TT

دمشق تصعد في الغوطة الشرقية.. و«داعش» تحشد للسيطرة على الرقة

القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد أثناء تقدمها نحو بلدة المليحة التي تقع على حافة المنطقة الشرقية قرب مطار دمشق بعد سيطرتهم على المنطقة من المقاتلين (أ.ف.ب)
القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد أثناء تقدمها نحو بلدة المليحة التي تقع على حافة المنطقة الشرقية قرب مطار دمشق بعد سيطرتهم على المنطقة من المقاتلين (أ.ف.ب)

يتحضر مقاتلو تنظيم «داعش» للسيطرة على مطار الطبقة العسكري، آخر معاقل القوات الحكومية السورية في محافظ الرقة (شمال البلاد)، فيما كثفت قوات النظام حملاتها العسكرية في حي جوبر في دمشق، بهدف السيطرة عليه وطرد مقاتلي المعارضة من كامل العاصمة السورية، بموازاة استخدام مقاتلين إسلاميين، لأول مرة، صاروخ «تاو» الأميركي المضاد للمدرعات في الغوطة الغربية لدمشق.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الطيران الحربي السوري نفذ غارتين على مناطق في حي جوبر، بموازاة قصف تعرض له الحي الخاضع لسيطرة المعارضة.
وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن التصعيد يهدف منه النظام «لاستهداف معنويات المقاتلين المعارضين بعد السيطرة على المليحة»، مشيرة إلى أن القوات الحكومية تقود جبهة الغوطة الشرقية المحاصرة منذ عامين «من جبهتين أساسيتين، أولاهما المليحة التي استعادت السيطرة عليها الواقعة شرق العاصمة، وثانيتها حي جوبر الواقع شمالها».
وبإمكان النظام استعادة السيطرة على كامل العاصمة المحصنة جيدا، في حين نجح في السيطرة على جوبر الذي يواجهه فيه مقاتلة المعارضة بشراسة، بهدف منعه من التقدم إلى الغوطة الشرقية.
واستعاد النظام السيطرة على بلدة المليحة المحاذية لدمشق في الغوطة الشرقية، أول من أمس، و«نقل متاريسه إلى عمق الغوطة في جسرين وزبدين»، كما أفاد ناشطون، مؤكدين أن الاشتباكات «انتقلت إلى العمق ويشارك فيها مقاتلون من (حزب الله) اللبناني، وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية والمروحية».
وسجل خرق جديد في العاصمة بموازاة تحرك في حي القدم جنوب دمشق الذي يشهد اشتباكات متقطعة منذ نحو ثمانية أشهر. وأفاد المرصد بقصف قوات النظام مواقع في منطقة المادنية بحي القدم بعدة قذائف، وسط فتح قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على المنطقة ذاتها.
وكان النظام حاول تحييد مناطق جنوب دمشق عن الاقتتال مع قوات المعارضة، عبر عقد مصالحات مع المعارضين مثل اتفاق المعضمية ومخيم اليرموك، واستعادة السيطرة على مواقع أخرى مثل الذيابية والحسنية والسيدة زينب، ومحاصرة مناطق أخرى مثل الحجر الأسود والقدم والتضامن.
وإضافة إلى مناطق في جنوب دمشق، تحاصر القوات الحكومية منطقة داريا، أول بلدات الغوطة الشرقية المحاذية لجنوب دمشق، والتي سجل فيها أمس خرق كبير، بعد وصول الأسلحة النوعية إلى المقاتلين المعارضين فيها.
وبث ناشطون سوريون في الغوطة الغربية مقطعا لمقاتل من كتيبة «أحرار داريا» التابعة للواء «شهداء الإسلام»، يطلق صاروخ «تاو» الأميركي المضاد للدروع، لأول مرة في المنطقة. وأصاب الصاروخ دبابة سورية من طراز «ط 52» كانت متمركزة داخل الفوج 137 المرابط على تخوم مدينة داريا. والصاروخ موجه سلكيا ومضاد للدروع، استخدم لأول مرة في سوريا خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، بعد إعلان حركة «حزم» المعارضة تلقيها مساعدات أميركية من هذه الصواريخ.
وفي محافظة الرقة، قال ناشطون سوريون إن تنظيم داعش يحشد مقاتليه للسيطرة على مطار الطبقة العسكري، بالتزامن قصف قوات النظام مفرق مدينة الطبقة الواقعة على أوتوستراد الرقة - حلب الدولي، وغارات أخرى على مناطق في محيط مطار الطبقة العسكري آخر معاقل قوات النظام في محافظة الرقة.
وفي المقابل، أفاد المرصد السوري بوصول نحو 108 عناصر وضباط من قوات النظام، إلى مطار الطبقة العسكري، وذلك بعد انسحابهم من الفرقة 17، حيث كانوا متوارين في منازل مواطنين في قرى بريف الرقة الشمالي الغربي. وكان «داعش» سيطر على الفرقة 17 في 25 من الشهر الماضي، وأدت الاشتباكات إلى مقتل وإعدام ما لا يقل عن 105 من عناصر الفرقة 17، بينهم أكثر من 20 ضابطا.
وتتعرض مدينة الطبقة والمناطق المجاورة لها لقصفٍ مستمر بدأت بشنه قوات تابعة للجيش النظامي منذ نحو أسبوع، وذلك بعد ورود أنباء عن سيطرة تنظيم داعش على جزءٍ من مزرعة العجراوي الملاصقة لمطار الطبقة العسكري. وبموازاة ذلك، قصفت قوات النظام مناطق في قرية جعيدين بريف المنصورة، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى من عائلة واحدة.
وفي سياق المعارك التي يخوضها «داعش» ضد قوات المعارضة بريف حلب الشمالي، أكدت «الجبهة الإسلامية» التي تسيطر على بلدة مارع، أن مقاتليها خاضوا اشتباكات عنيفة في القرى المحيطة بمارع، وأفضت إلى سيطرة «داعش» عليها أول من أمس، وأهمها قريتا أرشاف ودابق، مشيرة إلى أن المعارك «لا تزال متواصلة بين الطرفين» في الريف الواقع شمال شرقي حلب. ودعت الجبهة كل الفصائل المعارضة إلى «التوحد والتنسيق» بهدف «التصدي لاعتداءات قوات النظام السوري وتنظيم داعش».
وواكب الائتلاف الوطني السوري التطورات في حلب، إذ «قرع ناقوس الخطر» مع تقدم «داعش» في ريف حلب الشمالي ووصوله قرب بلدة مارع بعد سيطرته على قريتي أخترين وتركمان وبعض القرى الأخرى المحيطة بها. وأكد الائتلاف، في بيان، أن «خطر هذا التنظيم في العراق وسوريا كلٌّ لا يتجزأ، وإذا كان المجتمع الدولي جادا في محاربته فيجب ألا يقتصر ذلك على العراق».
وذكر الائتلاف المجتمع الدولي بأنه والجيش السوري الحر كانا «أول من تنبه لخطر هذا التنظيم، وأول من هب لمحاربته وطرده من مختلف المناطق السورية، ومن ضمنها ريف حلب»، مجددا تأكيده أنه «لا يوجد بديل عن دعم الجيش السوري الحر وتزويده بالسلاح النوعي للتصدي لخطر التنظيم وجرائمه بحق المدنيين، ومتابعة واجبه الوطني في محاربة نظام الأسد الراعي الأول للإرهاب في المنطقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».