حيل المصارف القانونية تتحول من «نعمة إلى نقمة»

وكالات التصنيف تضيق الخناق بعكس المسار تجاه المنتجات البنكية

حيل المصارف القانونية تتحول من «نعمة إلى نقمة»
TT

حيل المصارف القانونية تتحول من «نعمة إلى نقمة»

حيل المصارف القانونية تتحول من «نعمة إلى نقمة»

يقول السير ويليام لورنس: «عندما نبدأ في ممارسة الخداع، فإننا بذلك ننسج شبكة معقدة». لذا تستخدم المصارف حول العالم بعض الحيل القانونية التي تمكنها من تحويل الإنفاقات أو مدخرات مالية على كشوف حساباتها من عبء ضريبي إلى منفذ قانوني يدر المزيد من الأرباح، أو زيادة رأس المال.
وقال بنك إقليمي ضخم إنه سيعلن عن خسارة كبيرة. وألقى باللائمة على قيود قانون فولكر على مضاربة البنوك في ممتلكاتها. ورد منظمو البنك بالقول إن قانون فولكر ربما لا ينطبق على البنك. وصدر بيان البنك، فيما صدر الرد التنظيمي أيضا، وكانت المحصلة الرئيسة هي أنه لم يتضح ما إذا كان «زايونز بنك كوربوريشن» سيتمكن من مواصلة التعتيم على الخسائر التي تكبدها البنك، أم سيضطر إلى إدراجها في قائمة دخله.
لكن الجانب المشوق في قصة «زايونز» واضح، فالمناورة التي بدأت قبل أربعة عشر عاما للتحايل على قواعد رأس المال انتهت نهاية سيئة بالنسبة للبنك.
لم يكن كل ما قام به «زايونز بنك كوربوريشن» غير قانوني أو تم إخفاؤه عن المنظمين. وبدت الاستراتيجيات التي استخدمها لخفض رأس المال الذي يحتاجه ذكية، وتعمل بشكل جيد في إطار القواعد. لكن انتهى بهم الحال إلى تكبد خسائر كبيرة. ما يقبع على المحك الآن هو قدرة «زايونز» على الاحتفاظ ببعض السندات المالية أملا في إمكانية التعافي، وما إذا كان سيضطر إلى تكبد خسائر في قائمة دخله عوضا عن الكشف عنها في الحواشي السفلية.
تعتمد استراتيجية «زايونز» في جانب منها على استخدام التصنيف المرتفع من قبل وكالات تصنيف السندات عند تقييمها للسندات المتأزمة. والآن، وقد تم دحض هذه التقييمات، عكست الوكالات من مسارها وقامت بخفض التصنيف بشكل حاد. ويشكو البنك من أن التصنيف منخفض على نحو غير معقول وهو ما يجعل الخسائر أكثر مما ينبغي أن تكون.
كان حملة الأسهم في «زايونز» سيؤدون بشكل أفضل لو أن البنك، وآخرين، أداروا الأمور بنفس الطريقة القديمة. كان باستطاعته جمع المزيد من رؤوس الأموال عبر إصدار أسهم عادية. فعندما كان بحاجة إلى إيداعات إضافية لتمويل القروض التي أراد تقديمها، كان بمقدوره عرض معدل فائدة أعلى. وكان المحتمل أن يؤدي هذان المساران إلى تراجع أرباح السهم، وربما الإضرار بسعر سهم «زايونز»، لكنهما ما كان ليتسببا في الخسائر الضخمة التي أعلن عنها الآن. وسيحاول هذا المقال تلخيص ما جرى، وربما يدرك القراء أن القروض السيئة - السبب التقليدي لخسارة الأموال في المصارف - لم تلعب دورا. فقد أقرض «زايونز» بعضا من هذه القروض، بطبيعة الحال، لكن مصاعب البنك الحالية كانت نتيجة لسياسة التمويل لا الديون التي لم تسدد.
تعود جذور المشكلة إلى عام 2000، في وقت لم تكن الودائع تنمو فيه بالشكل الكافي لتسمح لـ«زايونز» بالوفاء بمطالب عملائه من القروض. ولذا قام بإنشاء كيان خاص لهذا الغرض سماه «لوكهارت للتمويل». قدم «زايونز» القروض وقام بتحويلها إلى سندات وباعها إلى «لوكهارت»، التي جرى تمويلها بشكل كبير من بيع السندات التجارية قصيرة الأجل.
وقد أخبرني كلارك هينكلي، نائب رئيس بنك «زايونز»، قبل ست سنوات، بأن إنشاء «لوكهارت»: «أتاح لنا هذه الاستراتيجية بشكل أساسي إنتاج هذه القروض وعدم الاحتفاظ برأس مال ملموس عداها».
كان هذا البيع إلى «لوكهارت» نسجا من خيال. فقد أصدر «زايونز» ضمانات سيولة إلى «لوكهارت». ولو فسدت أي من السندات المالية التي تملكها «لوكهارت»، أو لم تتمكن «لوكهارت» من إصدار سندات تجارية، فسوف يقوم «زايونز» بشراء السندات مرة أخرى بقيمتها الاسمية. ومع بداية أزمة الائتمان في أواخر عام 2007، تجمدت سوق السندات الجارية المدعومة بالأصول، واضطر «زايونز» إلى الوفاء بذلك الوعد. وقد تسبب ذلك في خسارة تقدر بـ33 مليون دولار، واختار «زايونز» الكشف عنها عشية رأس السنة، وتزايدت تلك الخسارة بمرور السنوات.
وعندما تحدثت عن المشكلة في عام 2008، أشرت عرضا إلى أن «(لوكهارت) تقوم أيضا بشراء السندات المالية لا تلك التي قام (زايونز) بجمعها». كان ينبغي أن أدرس كليهما بحثا عن نوعية هذه السندات وسبب قيام «لوكهارت» بشرائها، والتي اتضح أنها كانت المصدر الرئيس خلف مشكلات «زايونز» الحالية.
كانت السندات التي تم اختيارها حزما من السندات المالية التي أصدرها بنك آخر، يسيطر على شركات. لماذا أصدرت هذه البنوك هذه السندات؟.. لكي يبدو أن البنك يحتفظ برأس مال جيد من دون أن يتمكن فعليا من اجتذاب أي شخص للاستثمار فيه. ولماذا كانت «لوكهارت» بحاجة إلى شراء السندات المالية؟.. لأن وكالات التصنيف، التي طلب منها منح سندات «لوكهارت» التجارية تصنيفا عاليا، طالبتها بأن تشتري سندات أخرى ممتازة لتنويع محفظتها.
كانت السندات موضع التساؤل حزما - التزامات الدين المضمونة - التي يطلق عليها السندات المضمونة الثقة التي أصدرتها المصارف وشركات التأمين. تلك السندات التي تعرف اختصارا باسم «ترو بي إس» كانت انتصارا للابتكارات المالية. كانت هذه الأوراق المالية بالنسبة لخدمة الدين الداخلي سندات، والفائدة التي يدفعها البنك كانت مخصومة من الضرائب. لكن بالنسبة لمنظمي البنك، كان بالإمكان معالجة المال المدفوع لهم كرأس مال، كما هو الحال بالنسبة لأرباح إصدار الأسهم العادية.
كان البنك قادرا على معالجة رأس المال لأن لديه الحق في وقف دفع الفائدة حتى خمس سنوات. بيد أنه بعد تلك العطلة كان عليهم إما دفع الفائدة أو المخاطرة باللجوء إلى إعلان الإفلاس. ومعظم التزامات الدين المضمونة التي يمتلكها «زايونز» الآن تم شراؤها في الأصل من قبل «لوكهارت» وحصلت على تصنيف ممتاز في ذلك الوقت.
وفي آخر إيداع فصلي لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة كشف «زايونز» عن كيفية حدوث ذلك. فقد استغلت الكثير من المصارف ميزة الخمس سنوات هذه، وهو ما دفع وكالات التصنيف إلى إعادة التفكير. لكن الأوراق المالية الممتازة التي اشترتها «لوكهارت» لم تعد تملك تصنيف الدرجة الاستثمارية. فأفضلها تحمل التصنيف «BB» أما أسوأها فتصنيفها «CC» وهي القريبة من العجز عن التسديد. لكن «زايونز» لا يزال يتوقع أن تتمكن هذه السندات في النهاية من تسديد ديونها كاملة.
بيد أن البعض يخالفون هذا الرأي. لأن هذه الأوراق المالية تمتلك قيمة سوقية تقارب نصف القيمة الاسمية فقط. وكشف «زايونز» عن كل هذا الانخفاض في القيمة سابقا بصورة متعمقة في الهوامش. بيد أن الكثير من الخسائر التي تكبدها لم تظهر في قائمة الدخل الخاصة بالبنك على أنها خسائر. وقال البنك إنه توقع الكشف عن وجود صافي عبء، بعد خصم الضريبة، يقدر بنحو 387 مليون دولار أميركي، وهو ما يزيد من الأرباح المذكورة في أي سنة مضت منذ عام 2007.
ولم يجر إظهار هذه الخسائر في بيان الأرباح والخسائر قبل ذلك لأن القواعد المحاسبية الخاصة بتقييم الأوراق المالية تمنح البنوك الكثير من الحرية.
ويقول روبرت سويرينجا، أستاذ المحاسبة بجامعة كورنيل والذي كان عضوا منشقا عن مجلس المعايير المحاسبية المالية عندما جرى إرساء هذا النظام المرن منذ أكثر من عقدين من الزمان «يمكن أن تكون لديك قيمة مختلفة اعتمادا على الغرض الذي صرحت به بخصوص تعاملك مع الأوراق المالية». وحتى في حال انخفاض القيمة، يمكن أن تسهم الخطة المقررة لأي بنك في التحكم إذا ما كان هذا الانخفاض يجب ذكره على أنه خسارة أو أي شيء آخر أو حتى تجاهله. ويقول «زايونز» إن «قاعدة فولكر» تعني الآن أنه لم يعد بإمكانه التعبير عن عزمه الاحتفاظ بهذه الأوراق المالية حتى تستعيد قيمتها الكاملة. بيد أن المنظمين أعلنوا عن وثيقة توضح أنه من الممكن عدم سقوط التزامات الدين المضمونة إلى مستوى الفئة المحظورة أو يمكن إعادة هيكلتها مرة أخرى، في حال حدوث ذلك، من أجل الخروج من تلك المشكلة. لم يكن هناك توضيح مباشر ما إذا كان «زايونز» سيصرح بأن هذا الأمر «غير مهم» أم لا. وفي حال فعله لذلك، فمن الممكن أن يسمح له ذلك التصرف بالصمود وانتظار استعادة النشاط.
وبالطبع، فإن هذا الأمر قد لا يحدث، ومن ثم من الممكن أن تكون الخسائر أكبر. ومن ثم لجأت الكثير من البنوك التي إلى استخدام خيار عدم السداد لمدة خمس سنوات، وفعلت الأمر نفسه في عام 2009 أو عام 2010. وسيتعين على تلك البنوك قريبا أن تقرر ما إذا كان بإمكانها تحمل سداد تلك المبالغ المرحلة أم لا.
وإذا لم يُسمح ببيع الأوراق المالية وهي تجمع بين خصائص السندات والأسهم الممتازة، لما كانت البنوك قد حولتها إلى رأس مال بصورة أفضل لأنها كان سيتعين عليها حينئذ إصدار المزيد من الأسهم العادية. وتوصلت دراسة صادرة عن المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع إلى أن «المؤسسات المصرفية التي أصدرت هذه السندات كانت أكثر ضعفا، ونتيجة لذلك زادت المخاطر وأخفقت بشكل أكثر من المنظمات التي لم تتخذ تلك الخطوة». تجري مطالبة البنوك الكبرى بالتوقف تدريجيا عن التعامل مع الأوراق المالية «ترو بي إس» على أنها رأس مال. وقالت شيلا بير، الرئيسة السابقة لمجلس إدارة المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، إن «الدرس المستفاد من ذلك الأمر هو أن رأس المال الوحيد المهم هو رأس المال العادي الملموس، وأن المشرعين يحتاجون إلى القيام بعمل أفضل من أجل تقييد عملية شراء البنوك لكل الأوراق المالية الأخرى».
وخسرت البنوك التي اشترت الأوراق المالية «ترو بي إس»، أو التي يوجد بها الكثير من التزامات الدين المضمونة، مثل «زايونز»، الكثير من الأموال. وتواجه الآن هذه البنوك تهديدا آخر أكثر خطورة. جرى إصدار الأوراق المالية «ترو بي إس» من قبل البنوك التي تمتلك شركات، وليس البنوك الفعلية. ووجد بعض الممولين البارعين طرقا لإعادة رسملة البنوك المتعثرة ثم إعلان إفلاس الشركات التي تحمل تلك الأوراق لتصير تلك الأوراق المالية عديمة القيمة. ولذلك يلجأ الآن المالكون للأوراق المالية إلى المحاكم من أجل محاولة إيقاف هذا التكتيك.
والسؤال الآن هو: أليس الابتكار المالي أمرا رائعا؟



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.