نقص عمالة الإنشاء أكبر التحديات التي تواجه السوق العقارية السعودية

تسببت في ارتفاع أجرة الموجودة حاليا.. والبعض تسرب للعمل في دول الجوار

أكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشاريع قد توقفت أو على الأقل تضررت من شح أعداد العمالة («الشرق الأوسط»)
أكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشاريع قد توقفت أو على الأقل تضررت من شح أعداد العمالة («الشرق الأوسط»)
TT

نقص عمالة الإنشاء أكبر التحديات التي تواجه السوق العقارية السعودية

أكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشاريع قد توقفت أو على الأقل تضررت من شح أعداد العمالة («الشرق الأوسط»)
أكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشاريع قد توقفت أو على الأقل تضررت من شح أعداد العمالة («الشرق الأوسط»)

تصدرت أزمة نقص العمالة المتخصصة في مشاريع الإنشاء في السعودية، أبرز التحديات التي يواجهها القطاع العقاري المحلي خلال عام 2014. حيث أكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشاريع قد توقفت أو على الأقل تضررت من شح أعداد العمالة النادرة، كما أن هناك صعوبة بالغة في توفير شركات مقاولات في الوقت الحالي، نتيجة انشغال معظمها بعقود المشاريع الضخمة التي أضرت بشكل مباشر على مشاريع الأفراد، بغض الطرف عن أسعارها المتزايدة نتيجة الطلب المتنامي الذي تعجز الشركات المحلية في تلبيته.
وأكد عقاريون أن للحملة الأمنية التي تشنها الحكومة السعودية على مخالفي الإقامة النظامية، أحد أهم الأسباب، كما أن لزيادة المشاريع التي تعكف الشركات العقارية على تنفيذها أثرا كبيرا، في الوقت الذي يعد استقدام العمالة من أصعب ما يمكن، مما أثر على فرض زيادة في أسعار هذه العمالة قدرت بـ10 في المائة، خصوصا أن شركات المقاولات أصبحت لا تفاصل في أسعارها نتيجة الأعمال المتزايدة التي تعهدت بتنفيذها.
قال علي التميمي الذي يدير مؤسسة عقارية، بأن هناك أزمة حقيقية في توفير العمالة المتخصصة في قطاع الإنشاءات، وأن هذه المشكلة تمثل أبرز التحديات الذي تواجهها السوق العقارية السعودية، إذ يلاحظ توقف الكثير من المشاريع أو بناؤها بشكل بطيء بعد تسرب معظم عمالتها نحو العروض الأفضل، لافتا بأن المهلة التصحيحية عصفت بقطاع المقاولات الذي تضرر كثيرا من تسفير العمالة، دون وجود بديل جاهز يحل محلهم، خصوصا أن السعودية دولة تنمو بشكل مهول وتحتاج بذلك إلى أعداد أكبر من العمالة، وليس القضاء على العمالة الموجودة التي تعاني أساسا من النقص.
وأضاف: «أكثر ما نخشاه أن يستمر الوضع على ما هو عليه من ناحية خلو السوق من العمالة الماهرة، مما يعني مشكلة إضافية تنضم إلى مشاكل ارتفاع أسعار العقار وأسعار مواد البناء، والقادم هو ارتفاع كبير في قيمة خدمات العمالة الإنشائية»، لافتا بأن السوق تعاني حلقة مفرغة من التنسيق بين توفير العمالة المحترفة التي يتم استقبالها على أنها تحمل مؤهلات هندسية، والواقع المحلي الذي يشتهر باستقدام العمالة الجديدة لتدريبها وتعليمها على منشآتنا ومن ثم يهاجرون إلى الخارج وخصوصا إلى دول الخليج، للاستفادة من ارتفاع قيمة عقود الإنشاء هناك.
وحول الأمور المترتبة على تقلص عمالة البناء الماهرة في السوق العقارية السعودية لصالح المشاريع الكبرى، أكد ياسر المريشد، صاحب شركة «المريشد» للإنشاءات العقارية، أن أكثر ما يؤرقهم عند تسلم مشاريع البناء هو البحث عن عمالة مدربة، في ظل توالي العروض والمميزات على هذه النوعية من العمالة، التي بدأت تفرض أسعارا خارج حدود المألوف نتيجة ارتفاع الطلب، مقابل الأعداد المنخفضة المتخصصة التي تزخر بها السوق السعودية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على رفع أسعار تكاليف البناء إلى نحو 10 في المائة.
وتطرق المريشد إلى ضعف أعداد العمالة الوافدة العاملة في المشاريع الإنشائية، ملقيا باللوم على الجهات المسؤولة بالاشتراك مع شركات الاستقدام، متسائلا: «هل يجب على العمالة أن تجرب على منازلنا عدة مرات حتى تتقن العمل؟»، مبينا أن ترك المجال للعمالة المبتدئة يتسبب في هدر أكبر من المبلغ المدفوع للعامل الماهر، حيث سيتسبب في هدر مواد البناء التي تعتبر غالية الثمن، وذلك عن طريق الغلط ومن ثم الهدم، أو عن طريق عدم تقدير الكميات المناسبة عند البناء.
وزاد: «يضاف إلى ذلك الجهد والوقت اللذان سيضيعان عند الاعتماد عليهم، ناهيك عن التصدعات والشقوق التي قد تحدث للمبنى، وأن هناك عدة حالات أشرفت عليها عمالة غير مدربة انتهى الأمر بها إلى حالات لا تحمد عقباها»، موضحا أنه يجب وضع قوانين أشد صرامة للعمالة العاملة في مشاريع البناء.
يشار إلى أن الاستثمار في العقار السعودي من أكثر الاستثمارات جاذبية، خصوصا بعد انتكاسة سوق الأسهم السعودية عام 2008، وهو الأمر الذي دفع الاستثمار العقاري إلى تزعم الاستثمارات الأكثر تداولا وجاذبية في السوق السعودية على نطاق واسع، وأن هناك حركة عقارية غير مسبوقة تعيشها المنطقة، وانعكست على جميع القطاعات المرتبطة بالإنشاءات العمرانية.
وفي الاتجاه نفسه، أوضح إبراهيم العبيد «صاحب مكتب متخصص في الاستشارات العقارية»، أن هناك سحبا كبيرا من قبل الشركات العقارية الكبرى في السعودية على العمالة المتخصصة، التي تفضل العمل مع تلك الشركات لأسباب مختلفة، أهمها عدم مماطلة الشركات في تسديد حقوقهم، إضافة إلى استمرار الشركات في العروض على تلك العمالة، ناهيك عن احتكاك تلك العمالة ببيئات عمل أرقى وأرفع مستوى، مما يلقي بظلاله على توسيع الخبرات الإنشائية لدى الفني العامل.
ويزيد العبيد بأن الشركات الكبرى توفر مميزات أخرى للعاملين معها، متى ما شعرت بقيمة الفني الذي بدأ في التقلص، في ظل المشاريع التي تزيد يوما بعد آخر، مضيفا أن البعض من هؤلاء العاملين يفضل العمل مع الشركات الكبرى ليس لتحقيق الأموال فقط بل للاطلاع على معلومات جديدة، أو استفسارات سابقة في مجال البناء، مما يجعلهم يفضلون العمل مع الشركات الكبرى التي تجذبهم بشتى الطرق، وتترك العمالة غير المدربة للمشاريع الصغرى التي بدأت تعاني من ضعف إمكانيات العمالة الموجودة لديها.
ويذكر أن السوق العقارية في السعودية لم تشهد منذ نشأتها أي انخفاض في الحركة العمرانية أو ركود، بل إنها في ازدياد ملاحظ، وذلك نتيجة النمو المطرد، ولكونها دولة شابة فهي تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات العقارية بشكل مستمر، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، وهو الأمر الذي يجعل من ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تحرص الحكومة على حلها.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».