أبدى أحد طرفي الصراع المذهبي في منطقة غرداية بجنوب الجزائر، خطة للمصالحة عرضتها الحكومة، وذلك غداة إعلان مصدر رسمي أن رئيس الوزراء عبد المالك سلال عقد اجتماعا مع ممثلين عن الطرفين وتقرر تشكيل «مجلس للحكماء» لحل النزاع.
وقال الناشط الحقوقي كمال الدين فخار، المتحدث باسم السكان «الميزاب» الإباضيين (إحدى المجموعات الأمازيغية في البلاد)، في بيان أرسله لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «المواطنين الميزابيين الأحرار الذين عانوا ويعانون من الظلم والقهر، ومن الممارسات العنصرية المنظمة، يرفعون مطلبين لن يتنازلوا عنهما أبدا، إذا أرادت السلطة تحقيق المصالحة (بين الفريقين المتناحرين) الدائمة بمنطقتنا».
ويتمثل الشرط الأول، حسب فخار، في أن تقدم السلطة اعتذارا للميزابيين «بسبب الجرائم المقترفة ضدهم على أيدي الشرطة الجزائرية». ودعا فخار إلى «السماح للجنة تحقيق أممية للتقصي في الجرائم المقترفة بمنطقة الميزاب، لكشف الحقائق وتحديد المسؤوليات».
وبشأن لقاء المصالحة بين أعيان طائفتي الميزابيين والشعانبة الناطقين بالعربية، الذي جرى أول من أمس، بالعاصمة برعاية الحكومة، قال فخار الذي يمثل الجناح المتشدد في «المذهب الإباضي»: «أي حديث عن تقارب أو مصالحة، عبارة عن ذر للرماد في العيون الهدف منه توفير التغطية للمجرمين والتستر على جرائمهم، ومحاولة يائسة لتزييف الحقائق لضمان استمرارية الحرب القذرة على الميزابيين»، مشيرا إلى أن رموز طائفته «يتبرأون من كل ميزابي شارك في هذه المهزلة (لقاء المصالحة الذي جرى بمبنى حكومي)، ونحمله المسؤولية كاملة أمام الله وأمام الشعب والتاريخ». يشار إلى أن العشرات من بيوت ومحلات الميزابيين تعرضت للتخريب أثناء الأحداث التي جرت في الأسبوعين الماضيين، أثناء المواجهات. ويتهم الميزابيون قوات الأمن بـ«التواطؤ مع الطائفة العربية» في الأحداث.
وجاء في وكالة الأنباء الجزائرية، نقلا عن «مصدر حكومي»، أن رئيس الوزراء سلال، «استقبل وفدا يمثل المجموعتين الإباضية والمالكية (مذهب الشعانبة)، من أجل وضع حد للتوتر الذي تشهده ولاية غرداية منذ أسابيع». وأفادت بأن البعثة تتكون من 24 شخصا يمثلون الطائفتين، وأن اللقاء انتهى باتخاذ قرارات في اتجاه التهدئة وعودة الأوضاع إلى طبيعتها. وأضافت الوكالة الرسمية، أن الاجتماع، الذي جرى بعيدا عن الصحافة، أفضى إلى تأسيس «مجلس للحكماء يكون بمثابة فضاء للتحكيم والصلح على أساس التعايش السلمي الذي كان يسود المنطقة».
وبحسب «المصدر الحكومي»، تعهد الإباضيون والمالكيون بـ«بذل كل ما في وسعهم لتجاوز الخلافات واستعادة العلاقات الأخوية وفق الأسس السلمية، المتوارثة عبر الأجيال». ونقل عن أعيان الطائفتين أنهم أبلغوا سلال بـ«التجاوزات التي وقعت خلال المناوشات». وكلف رئيس الوزراء وزير التضامن، بمنح إعانة للمتضررين من الأحداث، خاصة من تم تخريب مساكنهم. ودعا سلال وجهاء غرداية إلى «التوجه نحو المستقبل وطي صفحات الماضي والعمل على استتباب الأمن والسكينة».