مصر تبحث ضبط قانوني «مكافحة الإرهاب» و«الاستثمار»

مراقبون أكدوا أن «الإصلاح التشريعي» يرسخ أقدام الدولة سياسيا واقتصاديا

مصر تبحث ضبط قانوني «مكافحة الإرهاب» و«الاستثمار»
TT

مصر تبحث ضبط قانوني «مكافحة الإرهاب» و«الاستثمار»

مصر تبحث ضبط قانوني «مكافحة الإرهاب» و«الاستثمار»

بدأت لجنة متخصصة في مصر أمس أعمالها التي تهدف إلى تنقية التشريعات الحالية والإبقاء على الأصلح منها أو تعديلها، حتى تتناسب مع احتياجات الدولة وتتوافق مع الدستور. ودشنت اللجنة أعمالها أمس برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة المصرية، والذي وجه إلى وضع قوانين الاستثمار والاقتصاد، والقوانين المتعلقة بالأمن القومي، وبخاصة قانون مكافحة الإرهاب على رأس أولويات عمل اللجنة.
ويرى خبراء ومراقبون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن توجهات وتطلعات الدولة في مصر إلى آفاق استثمارية واقتصادية جديدة من أجل تحسين حالة التراخي الداخلي والخارجي التي شهدتها الدولة خلال الأعوام الأخيرة، وخاصة في ظل الإشراف على الانتهاء من خطوات «خارطة الطريق» السياسية، والحماس الفائق الذي بثه تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في الشارع المصري؛ فإن تلك التطلعات ترتبط وثيقا بعدد من الخطوات الواجبة، على رأسها إرساء منظومة للأمن وفرض سطوة الدولة على الشارع من أجل بث الثقة في نفوس المستثمرين، وذلك بالتوازي مع توفير مناخ مناسب للاستثمار من خلال ضبط القوانين المنظمة لآليات الاستثمار، وتوحيد قنوات العمل، حيث تشهد هذه المنظومة ترهلا شديدا يسهم في تنفير المستثمرين من الدخول بقوة إلى السوق المصرية.
ويؤكد الخبراء أن عائد إصلاح تلك الضوابط لن ينعكس على الاقتصاد المصري وحده، ولكنه يتخطاه لينعكس لاحقا على الاستقرار السياسي الداخلي، والعلاقات والتوازنات الدولية والإقليمية، والرخاء الاجتماعي للمواطن. مثمنين خطوات الحكومة في هذا الاتجاه وعلى رأسها قرار تشكيل لجنة الإصلاح التشريعي الجديدة، التي ستسهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف السابقة.
وصدر قرار بتشكيل اللجنة في يونيو (حزيران) الماضي، برئاسة محلب وعضوية كل من وزير شؤون مجلس النواب والعدالة الانتقالية، ويكون مقررا للجنة، ويحل محل رئيس مجلس الوزراء عند غيابه، إضافة إلى عضوية كل من وزير العدل ورئيس مجلس الدولة ومفتي مصر ووكيل الأزهر ورئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء ورئيس قسم التشريع بمجلس الدولة ومساعد وزير العدل لشؤون التشريع. كما تضم اللجنة ثلاثة من أساتذة كليات الحقوق بالجامعات واثنين من رجال القضاء واثنين من المحامين وثلاثة من رجال القانون من الشخصيات العامة.
وتختص اللجنة بإعداد وبحث ودراسة مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية وقرارات رئيس مجلس الوزراء اللازم إصدارها أو تعديلها تنفيذا لأحكام الدستور، أو تلك التي تحيلها إليها الوزارات والجهات المختلفة لمراجعتها وتطويرها والتنسيق بينها وبين التشريعات المختلفة لضمان عدم تعددها أو قصورها أو تناقضها أو غموضها والعمل على ضبطها وتوحيدها وتبسيطها ومسايرتها لحاجة المجتمع وملاءمتها للسياسة العامة للدولة وفلسفتها وأهدافها القومية.
وتختص اللجنة كذلك ببحث ودراسة ومراجعة مشروعات القوانين الرئيسة بهدف تطوير وتجديد التشريعات وتوحيد وتجميع التشريعات في الموضوعات المتجانسة بما يتوافق مع الدستور ويواكب حركة المجتمع وتبسيط نظام التقاضي وتيسير إجراءاته وإزالة معوقاته، فضلا عن بحث ودراسة الموضوعات التي يرى رئيس اللجنة العليا عرضها عليها بحكم اتصالها بشؤون التشريع وتقديم التوصيات اللازمة في شأنها.
وقال محلب أمس إن اللجنة بدأت عملها في مقر مجلس النواب بقوة من أجل إصلاح التشريعات في مصر، واصفا هذه الإصلاحات بـ«المشروع الجبار»، خاصة وأن مصر بحاجة إلى جذب الاستثمار، وهو ما يستدعي وضع قانون الاستثمار على رأس أعمال اللجنة. وأوضح أن اللجنة لديها أجندة عمل جاهزة وفترات زمنية محددة، معربا عن أمله في أن القامات الموجودة باللجنة تحقق صالح الوطن من خلال هذه الإصلاحات التشريعية.
من جهته، كشف المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية، عن بدء اللجنة «إعداد قاعدة بيانات ومعلومات بالتشريعات القائمة بمصر، بهدف توحيد التشريعات تجنبا لتحقيق منافع لجهة أو أشخاص». وقال إن هذا الإجراء يكفل تنقية التشريعات وإزالة ما قد يشوبها من تعارض وتداخل بين أحكامها، وصولا إلى توحيد التشريعات ذات الموضوعات المتجانسة، حتى لا يترتب على أي مشروع يعرض على اللجنة أي منافع أو تكاليف خاصة بأي جهة بذاتها أو لأشخاص يتصلون بها»؛ وهو ما يساهم في «استئصال الفساد من منابعه» على حد قوله.
وأضاف الهنيدي أن الأجندة التشريعية للجنة تتضمن عددا من القوانين الهامة، أبرزها مجموعة القوانين الاقتصادية وتشريعات تخص الأمن القومي، منها قانون مكافحة الإرهاب وقانون الاستثمار الموحد. موضحا أن اللجنة ستجتمع مرتين أسبوعيا، في حين ستنعقد اللجان الفرعية طبقا لجدولها الخاص بها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».