العبادي يبدأ اتصالاته لتشكيل الحكومة ويتلقى دعما إضافيا من حزب الدعوة

الكتل السنية تطالبه بتصحيح أخطاء الماضي وتؤكد على «الشراكة» وليس «المشاركة»

العبادي يبدأ اتصالاته لتشكيل الحكومة ويتلقى دعما إضافيا من حزب الدعوة
TT

العبادي يبدأ اتصالاته لتشكيل الحكومة ويتلقى دعما إضافيا من حزب الدعوة

العبادي يبدأ اتصالاته لتشكيل الحكومة ويتلقى دعما إضافيا من حزب الدعوة

بينما تعهدت القيادة الكردية بدعم حيدر العبادي، المكلف بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وذلك في محادثة هاتفية بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، طالبت الكتلة السنية في البرلمان العراقي العبادي بتصحيح أخطاء الماضي مشيرة إلى أنها لم تعد تكتفي بمجرد المشاركة في السلطة بقدر ما تريد الشراكة في القرار السياسي.
من جانبه، دعا العبادي الكتل السياسية، وفي المقدمة منها الشريكان المهمان العرب السنة والأكراد، إلى تقديم رؤاهما للاتفاق على الحقائب الوزارية. العبادي، الذي تلقى أمس دعما جديدا من حزب الدعوة في أول إشارة من الحزب إلى تخطي زعيمه نوري المالكي، قال في بيان له إن «المشاورات السياسية بدأت من أجل تشكيل الكابينة الوزارية للحكومة منذ الساعات الأولى»، داعيا «الكتل السياسية إلى تعيين ممثلين لها لغرض التفاوض والاتفاق على الحقائب الوزارية وأن يكون المرشحون من الكفاءات الوطنية القادرة على النهوض بالعراق إلى المستوى اللائق به». وأضاف العبادي أن «العمل يجري من أجل عرض الكابينة الوزارية بأسرع وقت ممكن للتوجه إلى مرحلة إعادة الأمن والقضاء على عصابات (داعش)، والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي تتطلب جهدا واستراتيجية أمنية جديدة تتناسب مع الأوضاع الأمنية الحالية». وأشار العبادي إلى أن «هناك جهودا مضنية من أجل الخروج بحكومة قوية تعتمد على الكفاءة والنزاهة وتسهم في إنقاذ البلد من الأزمات والإشكالات التي تواجهه على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية».
في سياق ذلك، وفي دعم لافت لرئيس الوزراء المكلف، أكد المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية أن الحزب رشح بأغلبية أعضائه العبادي رئيساً للوزراء، خوفاً من «ضياع المنصب»، من ائتلاف دولة القانون. وقال صلاح عبد الرزاق عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة ومحافظ بغداد السابق في تصريح أمس: «لقد اضطرنا الفراغ الدستوري لاختيار العبادي رئيساً للوزراء»، مبينا أن «مهلة التكليف كانت من يوم الخميس الماضي، وكون رئيس الجمهورية تأخر في ذلك ولم يكلف المالكي أصبحنا بفراغ دستوري، حتى جرى تدارك الأمر من قبل التحالف الوطني». وأوضح عبد الرزاق أنه «مع أن البعض في دولة القانون والدعوة لم يكن لديهم وضوح في كيفية الترشيح، قمنا شخصيا بإيضاح الأمور لهم، وقد تراجع كثير منهم من موقفه الرافض لترشيح العبادي».
وكشف عبد الرزاق عن وجود رؤية مختلفة للمالكي تتمثل باستحقاق «ائتلاف دولة القانون كأكبر مكون، وقدموا طلبا للمحكمة الاتحادية، ونحن بانتظار قرارها الذي سيتم احترامه من قبل الجميع»، مستدركا: «لكننا بكل الأحوال مستمرون بمسألة تشكيل الحكومة باعتبار التكليف حصل، وهناك قرار من رئيس الجمهورية بتكليف العبادي». وتابع: «في حال لم تحكم المحكمة الاتحادية لدولة القانون بكونها الكتلة الأكبر سنستمر بتشكيل الحكومة برئاسة العبادي، ولا نعتقد أن الأمور تصل لدرجة رفض المالكي تسليم السلطة، فكل الدورات الماضية حصل التبديل بينها بصورة سلسة، ولا بد أن يقتنع المالكي بالأمر إذا كان قرار المحكمة في غير صالحه».
وفيما بدا كأول عقبة أمام العبادي فإن الكتل السنية رهنت مشاركتها في الحكومة الجديدة ليس بمجرد تغيير الوجوه بل البرامج والآليات، فضلا عن تأكيد مبدأ الشراكة في القرار لا المشاركة في السلطة فقط. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري عقب اجتماع عقد في منزله لتحالف القوى العراقية، إن المجتمعين أكدوا «على ضرورة أن تكون هناك شراكة لا مشاركة فقط للمكون السني لتجاوز الأخطاء السابقة ووضع البلد على جادة التفاهم». وأضاف البيان أن «الكتل السنية أبدت ارتياحها لتكليف العبادي وطالبته بنهج وطني في تشكيل الحكومة وإدارتها».
في سياق ذلك، أكد محمد الخالدي، القيادي في كتلة «متحدون للإصلاح» بزعامة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بات من الصعب العودة إلى مرحلة ما قبل العاشر من يونيو (حزيران) وأعتقد أن الجميع أدرك بمن فيهم الأميركان والإيرانيون ذلك، وهو ما أسهم في التأييد الذي حظي به تكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة»، مبينا أنه «بصرف النظر عن احتلال الموصل وصلاح الدين من قبل (داعش) وهو أمر ناتج عن الأخطاء الكارثية التي أوقع المالكي البلد بها، أقول بصرف النظر عن ذلك فلنا نحن العرب السنة مطالبنا التي لم يعد ممكنا بعد كل هذه التضحيات التنازل عنها». وأشار إلى أننا «أيدنا السيد العبادي من منطلق التغيير لكننا طوال السنوات الماضية لم نكن نعترض على شخص المالكي بقدر ما كنا نعترض على نهج خاطئ وهو ما يتوجب علينا اليوم التأكيد عليه في ورقتنا التفاوضية التي ستقوم على أساس الشراكة لا المشاركة»، مضيفا أن «وهناك مسألة في غاية الأهمية وهي الأخذ بنظر الاعتبار الحق الدستوري في الأقاليم أو اللامركزية الإدارية».
من جانبه، أكد القيادي الكردي مؤيد الطيب في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الكرد سيتعاونون مع السيد العبادي لتشكيل الحكومة وتسهيل عملية تشكيلها وفقا لثوابت الدستور العراقي التي لم يتعامل معه المالكي للأسف»، مبينا أن «الكتل الكردية تدرس الآن الخطوات اللاحقة بشأن الكابينة الوزارية والملفات الأخرى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».