البرلمان التونسي يبدأ التصويت على الدستور الجديد اليوم

الشرطة تعتقل متشددين وتضبط أسلحة في سيدي بوزيد

ارشيفية لنواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان)
ارشيفية لنواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان)
TT

البرلمان التونسي يبدأ التصويت على الدستور الجديد اليوم

ارشيفية لنواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان)
ارشيفية لنواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان)

يتوقع أن يبدأ المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) اليوم، التصويت للمصادقة على الدستور الجديد، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات على ثورة 2011 وللخروج من أزمة سياسية دامت خمسة أشهر ميزها الحذر المتبادل بين الإسلاميين في الحكم والمعارضة. لكن قبل يومين من التصويت مادة مادة على مشروع الدستور، لم يجر نشر أي نسخة نهائية منه.
وذكرت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة أن نص الدستور الذي وضعت صياغته في الأول من يونيو (حزيران) الماضي ورفضته المعارضة سيجري عرضه على التصويت مع إدراج ملحق بالتوافقات التي جرى التوصل إليها مع المعارضة خلال الشهر الماضي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت عضوة المجلس التأسيسي عن حزب المسار المعارض، نادية شعبان، بأن «التوافقات لم يجر إدراجها كمواد في مشروع الدستور ويمكن أن تضاف مواد بحد ذاتها (...) لسنا في منأى من مفاجآت في اللحظات الأخيرة حول المسألة الدينية».
وسبق لحركة النهضة أن أعلنت عدة مرات منذ ربيع 2012 أنها تخلت عن إدراج تطبيق الشريعة الإسلامية في الدستور. وفي المقابل حصل الحزب على الموافقة على الإشارة للإسلام كمرجعية في نص القانون الأساسي. وعدت شعبان أن «التسرع» المفاجئ للمصادقة على الدستور سيحتم «ضيق الوقت»، وأضافت: «من المؤسف أن لا تجري صياغة قانون أساسي لعدة أجيال بصفة جيدة».
ورأت أن المصادقة النهائية على الدستور ستنتهي قبل 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، وهي الذكرى الثالثة لهروب الرئيس زين العابدين بن علي من تونس في أول نجاح لثورات الربيع العربي.
وسيصوت النواب على ديباجة الدستور و150 مادة و225 تعديلا جرى اقتراحها. وبعد المصادقة على كل مادة بالأغلبية المطلقة، ينبغي أن يحصل النص الكامل على مصادقة ثلثي أعضاء المجلس التأسيسي لتفادي ضرورة تنظيم استفتاء حوله.
وتشدد حركة النهضة، التي تتمتع بالأغلبية في المجلس التأسيسي، على أن يستمر هذا الأخير في ممارسة السلطة التشريعية إلى حين تنظيم الانتخابات التشريعية التي لم يحدد موعدها بعد، بينما تسعى المعارضة إلى تحجيم صلاحياته. وفي مقابل ذلك، اتفق الطرفان على حل المسائل الخلافية الأخرى مثل صلاحيات رئيس الجمهورية.
وبينما يريد الإسلاميون تحجيمها إلى أقل حد ممكن، طالبت معظم الطبقة السياسية بتقاسم هذه الصلاحيات بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
وحسب وكالة تونس أفريقيا للأنباء فإن اتفاقا جرى حول أن يكون رئيس الدولة مكلفا «تحديد السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن الوطني». كما يمكن أن يفرض التصويت بالثقة على رئيس الوزراء ويكون له حق حل البرلمان في بعض الحالات. وأعرب الخبير الدستوري عياض بن عاشور، الذي استشير في صياغة مشروع الدستور، عن تفاؤله حيث قال: إن الدستور يضمن الحريات «تماشيا مع المعايير الدولية» وأن حذف مادة فيه «منع من دخول الشريعة الإسلامية من النافذة بعد إخراجها من الباب».
وتابع: «بصفة عامة أفضت (المفاوضات) إلى نص دستوري لا بأس به يضمن مستوى من الديمقراطية (..) كما أن هناك الكثير من التحسن في الشكل والمضمون، حتى وإن كانت هناك بعض النقائص».
لكن بن عاشور أبدى تخوفه «من عدم احترام بعض أعضاء المجلس التأسيسي لالتزامات أحزابهم».
وبالنسبة لرئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر فإن «النقاش حول المسائل الخلافية كان صعبا، لكن التوافقات التي جرى التوصل إليها في الأسابيع الأخيرة أعادت الثقة بين النواب».
في غضون ذلك، أعلنت الداخلية التونسية أنها اعتقلت أربعة متشددين، وضبطت أسلحة ومواد متفجرة في محافظة سيدي بوزيد، وذلك بعد تشديد إجراءات الأمن بسبب مخاوف من شن المتشددين الإسلاميين هجمات أثناء الاحتفالات بمطلع العام الميلادي الجديد.
وجاءت هذه الاعتقالات بعد القبض على سبعة سلفيين الأحد الماضي في بلدة القصرين بغرب البلاد. وأصدرت وزارة الداخلية بيانا ذكرت فيه أن «أعوان الأمن الوطني في سيدي بوزيد تمكنوا مساء الأربعاء من إيقاف أربعة عناصر إرهابية تنتمي إلى تنظيم محظور، وحجز بندقية كلاشنيكوف وأعيرة نارية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.