النقابات تلوح بإضرابات بعد فشل الحكومة التونسية في الالتزام بتعهداتها

نشر قانون العدالة الانتقالية في غضون الأسبوع الحالي

تونسيون مؤيدون للاتحاد العام التونسي للشغل خلال مظاهرة سابقة طالبوا فيها الحكومة التي يقودها حزب النهضة على التنحي (رويترز)
تونسيون مؤيدون للاتحاد العام التونسي للشغل خلال مظاهرة سابقة طالبوا فيها الحكومة التي يقودها حزب النهضة على التنحي (رويترز)
TT

النقابات تلوح بإضرابات بعد فشل الحكومة التونسية في الالتزام بتعهداتها

تونسيون مؤيدون للاتحاد العام التونسي للشغل خلال مظاهرة سابقة طالبوا فيها الحكومة التي يقودها حزب النهضة على التنحي (رويترز)
تونسيون مؤيدون للاتحاد العام التونسي للشغل خلال مظاهرة سابقة طالبوا فيها الحكومة التي يقودها حزب النهضة على التنحي (رويترز)

بعد أن فشلت الحكومة التونسية خلال الفترة الماضية في الالتزام بتعهداتها تجاه مختلف القطاعات، أعلنت الكثير من النقابات اعتزامها القيام بإضرابات في الأيام القليلة المقبلة، وأشارت مجموعة من قطاعات الإنتاج والخدمات عن تواريخ محددة لشن عدد من الإضرابات والتحركات الاجتماعية معظمها قبل احتفال التونسيين بالذكرى الثالثة للإطاحة بنظام زين العابدين بن علي. ولوحت القيادات النقابية بشن تلك الإضرابات والتحركات الاحتجاجية في قطاعات ذات حساسية مثل المطاحن والصحة والتعليم العالي والمحاكم والتربية والمالية.
وتنفي القيادات النقابية الطابع السياسي لتحركاتها، وتفسر قراراتها بتعذر تفعيل الكثير من الاتفاقيات المبرمة بين سلطة الإشراف وممثلي النقابات.
ويبدأ الأطباء اليوم (الجمعة) إضرابا عاما يشمل كل الأنشطة الصحية والجامعية. وكشفت النقابة العامة للأطباء الجامعيين عن خلفية هذا القرار، وقالت في بيان لها إنه يأتي «نتيجة محاولة وزارة الصحة تمرير إصلاحات وقوانين هيكلية تمس مستقبل القطاع الصحي من دون تشريك الطرف النقابي».
وأعلنت وزارة الصحة العمومية التي يقودها عبد اللطيف المكي، القيادي في حركة النهضة، عن مشروع قانون يجبر الأطباء وأطباء الأسنان المختصين وفئة من المساعدين الاستشفائيين على العمل الإلزامي بالمناطق الداخلية الفقيرة لمدة ثلاث سنوات، لكنها اصطدمت بمعارضة سلك الأطباء لهذا القرار وهو ما جعل الوزارة تقترح عليهم العمل الإلزامي لمدة سنتين مع تمكينهم من امتيازات مالية إضافية ولا يزال المقترح موضوع تفاوض.
وبدوره هدد قطاع المطاحن بإيقاف كل أنشطته بداية من الاثنين المقبل، كما قررت الهيئة الإدارية لأعوان المحاكم والعدول الدخول في إضراب عام يومي الأربعاء والخميس المقبلين، في حين نجحت وزارة النقل في تفادي إضراب عام لأعوان الشركة الوطنية للنقل بين المدن كان مقررا من الثاني إلى الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي.
ويشهد قطاع عمال وزارة التربية، وفق مصادر نقابية، أجواء ساخنة وتهديدات بالإضراب خاصة بعد الامتيازات الكبيرة على حد تعبير النقابة التي أسندتها الحكومة إلى المتمتعين بالعفو التشريعي العام.
كما ستشهد عدة قطاعات مثل المالية تحركات هذا الشهر، ومن المنتظر الإعلان عن إضرابات جديدة بسبب غياب تطبيق الاتفاقيات المتفق عليها.
وبشأن هذه التهديدات بشن الإضراب، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد عمالي) لـ«الشرق الأوسط» إن الظرف الاجتماعي والاقتصادي، وما يعرفه من تأزم في صفوف الشباب والعائلات، يدعو كل الأطراف إلى وقفة محاسبة للحكومة حول مجموعة من السياسات التي اعتمدتها بعد الثورة.
ونفى الطاهري أن يكون الاتحاد العام التونسي للشغل سعى بوسائل أخرى إلى الضغط على الحكومة، سواء المتخلية أو المقبلة، وقال إن كل المطالب ذات طابع نقابي ومبنية في معظمها على محاضر جلسات مع وزارات الإشراف، والنقابة لا تطلب، على حد تعبيره، غير تطبيق تلك الاتفاقات لتفادي الصراع والمواجهة غير المجدية.
وسبق التهديدات باللجوء إلى الإضراب، إعلان حسين العباسي رئيس الاتحاد العام للشغل، عن توجه النقابة نحو فتح مفاوضات مع الحكومة للحد من الضرائب المجحفة والحيف في الأجور وارتفاع الأسعار وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للتونسيين، وهو ما عد مؤشرا على العودة إلى الملف الاجتماعي والاقتصادي بعد أشهر من التجاذب حول الملف السياسي، وتضرر الاتحاد العام للشغل جراء تكفله بقيادة الحوار الوطني.
في غضون ذلك، قال سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أمس، إن قانون العدالة الانتقالية سينشر خلال هذا الأسبوع بعد استكمال ترجمته إلى اللغة الفرنسية. وأشار ديلو إلى أن أرشيف الدولة سيكون في عهدة من سينفذون قانون العدالة الانتقالية.
وتواصلا مع الجدل الدائر حول صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد، تنظم وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية لقاء إعلاميا اليوم لتوضيح موقفها الرسمي من هذا الموضوع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.