أزمة خبز في ريف حمص الشمالي.. واشتباكات حلب على ثلاث جبهات

المعارضة السورية تصد هجمات النظام في جوبر.. وصواريخ «أرض – أرض» على المليحة

صورة نشرت أمس تظهر دمارا في قاعدة الفرقة 17 للجيش السوري بعد استيلاء مقاتلين من «داعش» عليها نهاية الشهر الماضي (رويترز)
صورة نشرت أمس تظهر دمارا في قاعدة الفرقة 17 للجيش السوري بعد استيلاء مقاتلين من «داعش» عليها نهاية الشهر الماضي (رويترز)
TT

أزمة خبز في ريف حمص الشمالي.. واشتباكات حلب على ثلاث جبهات

صورة نشرت أمس تظهر دمارا في قاعدة الفرقة 17 للجيش السوري بعد استيلاء مقاتلين من «داعش» عليها نهاية الشهر الماضي (رويترز)
صورة نشرت أمس تظهر دمارا في قاعدة الفرقة 17 للجيش السوري بعد استيلاء مقاتلين من «داعش» عليها نهاية الشهر الماضي (رويترز)

صدّت قوات المعارضة السورية في دمشق، أمس، هجمات متتالية نفذتها القوات النظامية لاستعادة السيطرة على حي جوبر المحاذي لبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة، تزامنا مع تعرض بلدة المليحة لـ11 غارة جوية، و14 صاروخا يُعتقد أنها من نوع أرض – أرض، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبموازاة ذلك، تجددت الاشتباكات في حلب بين قوات المعارضة والنظام في محيط سجن حلب المركزي والفئة الثانية من المدينة الصناعية، في حين تفاقمت الأزمة الإنسانية في مدينة تلبيسة في حمص، جراء النقص في الخبز.
وخرجت مظاهرة نظّمها عددٌ من الناشطين المعارضين في بلدة تلبيسة، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ريف حمص الشمالي، تنديدا بانقطاع مادة الخبز عن البلدة منذ نحو الشهر، نتيجة النقص في الطحين.
وتعد المدينة من أهم معاقل المعارضة في ريف حمص الشمالي التي فقد النظام السيطرة عليها قبل عامين، وتخضع لحصار مطبق، جراء المعارك المستمرة بين القوات النظامية وقوات المعارضة. وكانت تلبيسة، وبلدات ريف حمص الشمالي، استقبلت المئات من المعارضين الذين خرجوا من أحياء حمص القديمة بموجب الصفقة مع النظام في شهر مايو (أيار) الماضي.
وقال ناشط ميداني في تلبيسة إنّ المظاهرة هي «استكمال لحملة (الإنذار الأخير)، التي أطلقها مؤخرا ناشطون معارضون في المدينة في مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيرا في تصريحات نقلها «مكتب أخبار سوريا» المعارض، إلى أن «60 ألف نسمة من أبناء تلبيسة ومن النازحين إليها من أحياء حمص القديمة يقطنون البلدة حاليا، ما يتطلب حلا سريعا لأزمة الخبز، التي باتت تؤرق السكان».
وتعاني غالبية مدن الريف الشمالي لمحافظة حمص الخاضعة لسيطرة المعارضة أزمة في وجود الخبز، إلا أن أسباب هذه الأزمة تختلف من منطقة إلى أخرى، فبعض المناطق تعاني من عدم توفر الطحين، ومنها ما يعاني من عدم توفّر الأفران، في حين أنّ هناك قرى تعاني من ارتفاع في أسعار الخبز رغم توفّره.
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، بأن الطيران الحربي النظامي نفّذ 11 غارة على مناطق في بلدة المليحة ومحيطها وسط قصف من قبل قوات النظام بقذائف الهاون والمدفعية على مناطق في البلدة، بالتزامن مع قصف لقوات النظام بـ14 صاروخ يعتقد أنها من نوع أرض - أرض على المليحة ومحيطها. وأشار إلى وقوع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة، وقوات النظام وحزب الله اللبناني وقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى في المليحة ومحيطها.
وعلى مقربة من المليحة التي تحاول القوات النظامية منع المعارضة من التقدم باتجاه أحياء العاصمة السورية، أعلن ناشطون سوريون قصف القوات النظامية حي جوبر، الخاضع لسيطرة المعارضة السورية، شرق العاصمة. ونقلت مواقع المعارضة عن ناشطين قولهم إن القوات النظامية «فجّرت عددا من البيوت العربية القديمة الواقعة بين حاجز عارفة، الخاضع لسيطرة المعارضة، والأبنية التي ما زالت قيد الاكساء والواقعة على أطرف حي جوبر»، وذلك بعد تعرّض قوات النظام لعدّة عمليات مباغتة نفّذتها عبر التسلّل إلى تلك البيوت، في وقت تواصل فصائل المعارضة المتمركزة داخل حي جوبر بصدّ الهجمات المتتالية التي تنفّذها قوات تابعة للنظام، في محاولتها التقدّم في الحي، وذلك عبر اشتباكاتٍ متقطعة تجري بين الطرفين على أطراف جوبر.
وفي ريف دمشق، قصفت قوات النظام مناطق في مدينة الزبداني، ومناطق أخرى في الطريق الواصل بين بلدتي زاكية وخان الشيح ومزارعها في الغوطة الغربية، فيما اندلعت اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة بالقرب من الفوج 137 بالغوطة الغربية، وسط قصف متبادل بين الطرفين، بالتزامن مع قصف قوات النظام لمناطق في الأراضي الزراعية بالقرب من بلدة الحسينية.
إلى ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة بين كتائب إسلامية وقوات النظام مدعومة بمقاتلين أجانب موالين لها، في محيط الفئة الثانية من المدينة الصناعية شيخ نجار وفي محيط سجن حلب المركزي وفي منطقة المناشر بالبريج بالمدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب، كما قال: «المرصد»، بموازاة اندلاع اشتباكات في محيط منطقة الإسكان في حي الشيخ سعيد وفي محيط قرية عزيزة بالمدخل الجنوبي لمدينة حلب، واشتباكات أخرى في محيط مبنى فرع المخابرات الجوية ومحيط جامع الرسول الأعظم في حي جمعية الزهراء غرب حلب.
ويتصارع الطرفان في تلك الجبهات منذ مطلع العام، مع محاولة القوات النظامية فرض حصار على أحياء حلب بتقدمها من الجهة الشرقية على محور المدينة الصناعية، فيما تحاول المعارضة إحداث خرق على محور شمال غربي حلب من جهة جمعية الزهراء، كما تحاول التقدم من الجهة الجنوبية.
وترافقت العمليات العسكرية مع قصف مدفعي نفذته قوات النظام على مناطق الاشتباكات، في حين اندلعت اشتباكات مماثلة في محيط قرية عين عسان وفي محيط جبل عزان بريف حلب الجنوبي، تبعه قصف لقوات النظام على عدة قرى في محيط جبل عزان.
وفي داخل المدينة، تواصل استهداف القصف الجوي والبري على أحياء باب النيرب، ومساكن هنانو وطريق الباب وجبل بدرو الجزماتي الصاخور، والميسر.
وفي دير الزور، استهدفت قوات النظام مواقع سيطرة تنظيم «داعش»، في حين بدأ التنظيم بإخلاء المباني السكنية التابعة لحقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد يومين على سيطرته عليه، بهدف إسكان عائلات المقاتلين الأجانب في صفوفه بدير الزور.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.