توتر في الأنبار.. والمالكي يعيد الجيش إلى مدنها

مسلح في حالة تأهب بينما تحترق سيارة تابعة للشرطة في الفلوجة أمس (أ.ب)
مسلح في حالة تأهب بينما تحترق سيارة تابعة للشرطة في الفلوجة أمس (أ.ب)
TT

توتر في الأنبار.. والمالكي يعيد الجيش إلى مدنها

مسلح في حالة تأهب بينما تحترق سيارة تابعة للشرطة في الفلوجة أمس (أ.ب)
مسلح في حالة تأهب بينما تحترق سيارة تابعة للشرطة في الفلوجة أمس (أ.ب)

تعهد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، بملاحقة الميليشيات والخارجين عن القانون مع استمرار مطاردة الجماعات الإرهابية في صحارى الأنبار. وفي حين أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة «متحدون» خالد العلواني استمرار تدهور الوضع الأمني في الأنبار، أكد المالكي في كلمته الأسبوعية المتلفزة أمس رفضه إجراء مفاوضات «مع من صنع الأزمة في الأنبار من السياسيين». وأضاف المالكي أن «الحرب ستستمر في الأنبار «لإنقاذ أهلها من (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى»، متهما أطرافا سياسية لم يسمها بـ«تبني الطائفية بشكل عميق». وشدد المالكي على أن « الحكومة تأخرت في رفع خيم ساحة اعتصام محافظة الأنبار»، مبينا أن «الجيش هو للعراق وليس لرئيس الوزراء أو للشيعة أو للسنة».
وغداة توجيه المالكي بسحب الجيش من مدن محافظة الأنبار، شهد الوضع الأمني في مدينتي الرمادي والفلوجة انفلاتا أمنيا لافتا بعد سيطرة مسلحين على مداخل الرمادي فضلا عن العديد من مراكز الشرطة في المدينتين. وفي هذا السياق، دعا محافظ الأنبار أحمد الذيابي، الذي أعلن في وقت سابق أمس رفع حظر التجوال في الرمادي، الجيش إلى دخول المدينة لمواجهة «الإرهابيين وإبعاد شرهم عنها». ونقلت قناة «العراقية» الحكومية عن المحافظ قوله إن «الجيش ركن أساسي في الأمن، وتوقعنا دخول الإرهابيين إلى المدن بعد الضغط عليهم في الصحراء».
وفي وقت لاحق امس قرر المالكي اعادة الجيش الى مدن الانبار استجابة لنداء محافظها.
على صعيد ذي صلة، أفاد مصدر في التحالف الوطني الشيعي الحاكم بأن الهيئة السياسية للتحالف الوطني ستعقد اليوم الخميس اجتماعا برئاسة رئيس التحالف، إبراهيم الجعفري، وحضور رئيس الوزراء نوري المالكي. وطبقا للمصدر، فإن الاجتماع سيناقش الأوضاع في الأنبار وانسحاب عدد من النواب من البرلمان، فضلا عن بحث مصير وثيقة الشرف والسلم الأهلي وسبل تفعيلها بعد انسحاب رئيس البرلمان أسامة النجيفي منها.
في السياق نفسه أعلنت وزارة الدفاع العراقية استمرار العمليات العسكرية في محافظة الأنبار إلى حين القضاء على الإرهاب، معتبرة أن الموقف في المحافظة جيد جدا. وقال وزير الدفاع وكالة، سعدون الدليمي، في تصريح، إن «القوات الأمنية العراقية مستمرة في تنظيف المنطقة الغربية من عناصر (داعش) الإرهابية»، مبينا أن «هذه الحملة لن تتوقف إلا بعد القضاء تماما على الإرهاب». ووصف الدليمي الموقف في محافظة الأنبار أنه «جيد جدا».
وفي حين أعلن مستشفى الرمادي العام في بيان أمس أن «المستشفى استقبل جثث 16 شهيدا، فيما بلغ عدد المصابين 66 جريحا خلال اليومين الفائتين»، منعت قوة من الجيش دخول السيارات المدنية الآتية من محافظة الأنبار إلى بغداد، حسبما أعلن مصدر أمني. وحسب المصدر «لم تعرف أسباب المنع». لكن نائبين في البرلمان عن محافظة الأنبار أكدا استمرار توتر الأوضاع هناك بعد رفع خيم الاعتصام قبل أربعة أيام واعتقال النائب أحمد العلواني. وقال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء نوري المالكي بزج الجيش في قضية داخلية إنما هي سياسة خاطئة ويمكن أن تترتب عليها المزيد من النتائج السلبية إن لم نقل الكارثية». وأضاف أنه «حين ذهب الجيش لكي يقاتل المسلحين في صحراء الأنبار وقف الجميع معه لأن هذه هي مهمة الجيوش في العالم غير أن نقل المعركة بطريقة ما إلى ساحات الاعتصام زاد الأمور تعقيدا وتحول إلى مزايدة سياسية».
من جهته، قال خالد العلواني، عضو البرلمان عن كتلة «متحدون»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع في الأنبار يسير من سيئ إلى أسوأ لا سيما في قضاء الفلوجة إذ إن المسلحين سيطروا حتى الآن على نحو خمسة مراكز للشرطة بعد أن ألقى رجال الشرطة أسلحتهم وخرجوا من هذه المراكز». وردا على سؤال عما إذا كان هؤلاء المسلحون ينتمون إلى رجال العشائر أو تنظيم القاعدة، قال العلواني، إن «الصورة غير واضحة حتى الآن ولا نعرف على وجه التحديد هويتهم وهو أمر من شأنه أن يزيد الأوضاع التباسا». وأشار إلى أن «فتاوى صدرت من الشيخين عبد الملك السعدي ورافع الرفاعي بعدم التعرض لرجال الشرطة والجيش ولكننا لا نضمن التزام هؤلاء بمثل هذه الفتاوى». وبشأن قضية النائب أحمد العلواني قال، إنه «سيحال إلى القضاء في المنطقة الخضراء اليوم بتهمة التحريض على العنف والفتنة ونأمل أن يطلق سراحه أو يخرج بكفالة».
على صعيد آخر ذي صلة، أحرق مسلحون في مدينة الرمادي أربعة مراكز للشرطة، بحسب ما أفاد مصدر أمني ومراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ضابط برتبة نقيب في شرطة الرمادي (100 كلم غرب بغداد): «قام المسلحون بإحراق أربعة مراكز شرطة في وسط مدينة الرمادي، هي مركز شرطة الملعب ومركز النصر ومركز الحميرة ومركز الضباط». وشوهدت هذه المراكز محترقة، وكانت لا تزال النيران مندلعة في واحدة منها، إضافة إلى سيارتين محترقتين تعودان للجيش العراقي الذي غادر معظم مناطق المدينة وبقي عند طرفها الغربي. كما هاجم مسلحون 16 مركز شرطة في الفلوجة وهربوا نحو مائة سجين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».