تتجه أنظار قادة حزب العدالة والتنمية التركية إلى «لوحة النتائج» في الانتخابات الرئاسية التركية التي ستصدر اليوم، لكن عقولهم وقلوبهم في مكان آخر يبعد عن مقر اللجنة العليا للانتخابات، هو مقر رئاسة الحكومة الذي سيشغله أحدهم بعد انتقال رئيس الحكومة والحزب رجب طيب إردوغان، شبه المحتم، إلى القصر الرئاسي في تشانكايا.
وتعد مسألة خلافة إردوغان في الحزب وفي رئاسة الحكومة (وهما مركز واحد في القانون التركي) من أكثر المسائل حساسية في الحزب الحاكم لكثرة عدد الطامحين إلى هذا المركز، ما دفع إردوغان إلى تأجيل اتخاذ القرار في هذا الشأن أكثر من مرة إلى أن بلغ حدا أصبح معه محشورا في المواقيت، إذ أجريت الانتخابات وستصدر النتائج من دون معرفة من سيكون في المنصبين.
ومن غير المستبعد أن يؤجل إردوغان قراره حتى موعد تسلمه الرئاسة من سلفه عبد الله غل، فيصبح حينها رئيسا للحكومة ورئيسا منتخبا في الوقت نفسه، وهو ما سيكون سابقة في التاريخ التركي، وظاهرة غير مألوفة.
لا يبدو نص القانون التركي واضحا في هذا الشأن، لكن أصحاب الرأي القانوني اختلفوا في هذا المجال، فثمة من يعد أن عضوية إردوغان البرلمانية تسقط بمجرد إعلان النتائج، وبالتالي يسقط حقه في ترؤس الحكومة (وفقا للقانون التركي الذي يوجب أن يكون رئيس الحكومة برلمانيا)، فيما يرى البعض الآخر أن هذا الأمر يحدث عند تسلمه المنصب. وكان إردوغان طلب إجراء دراسات قانونية حول الموضوع بعد ما قيل عن رفض في أوساط حزب العدالة لأن يكون وزير الخارجية أحمد داود أوغلو هو الرئيس المقبل للحكومة، وهو كان صاحب الأسهم الأعلى حتى نهاية الأسبوع الماضي، حيث زادت حظوظ آخرين من داخل الحزب والحكومة.
ويتجه إردوغان إلى خيارين في التعامل مع سيناريو الفترة المقبلة، أولهما تعيين رئيس جديد للحكومة يقودها حتى موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العام 2015. أو الإبقاء على الحكومة الحالية مع تعيين أحد نوابه رئيسا لها بالوكالة حتى موعد الانتخابات، ويبدو أن الخيار الثاني هو المرجح حتى الساعة. وكان اسم غل قد طرح لتولي رئاسة الحكومة، لكن الأمر ينطوي على تعقيدات قانونية لأنه لا يمتلك مقعدا برلمانيا، مما سيحتم استقالة أحد نواب الحزب وإجراء انتخابات فرعية يترشح إليها غل، لكن الأخير لا يحبذ هذا السيناريو ويفضل الراحة حتى موعد الانتخابات البرلمانية، حيث قد يترشح لمنصب برلماني وفق ما أفادت به مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط»، وفقا للتفاهمات في الحزب، مشيرة إلى أن غل يفضل أن يرتاح حاليا من العمل السياسي وسيتخذ قراره في وقت لاحق.
ويتردد أن غل اشترط لقبوله المنصب أن يكون مطلق اليدين في حكومته، لا أن يمارس دور الوكيل لإردوغان في الحكومة، وهو ما يعتقد على نطاق واسع أن إردوغان يريده لقيادة البلاد من خلال المنصبين معا، نظرا لمحدودية صلاحيات رئيس الجمهورية.
ووفقا للمعادلة القائمة، فإن داود أوغلو سيكون الرئيس المقبل للحكومة في حال اعتماد الخيار الأول، الذي سيشهد تعديلا في الحكومة تأتي فيه وجوه جديدة من بينها رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان في منصب وزير الخارجية، أما في حال اعتماد الخيار الثاني، فهناك حظوظ لنواب رئيس الحكومة الحاليين، وأولهم بولند أرينج الذي أعلن صراحة الأسبوع الماضي أنه يقبل بهذا «التكليف» باعتباره مهمة أوكلت إليه، علما بأن أرينج لا يحق له الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة وفقا لقواعد الحزب الحاكم الذي ينص على ثلاث دورات نيابية لكل من أعضائه. وقال أرينج في حديث لتلفزيون تركي أواخر الأسبوع بأنه في حال اختيار غل لرئاسة الحكومة فسيكون ذلك اختيارا عظيما لما يتمتع به من ميزات في شخصيته وخبرته، لكن في حال لم يتم اختياره فهذه ليست نهاية العالم إذ لدينا زملاء قادرون على القيام بهذه المهمة. وعما إذا كان مرشحا لهذا الدور، قال: إذا كلفت به، فسأعده مهمة أوكلت إلي وسأقوم بها حتى موعد الانتخابات البرلمانية.
وتبقى هناك احتمالات أخرى لتولي هذا المنصب من قبل نائب رئيس الحكومة الثاني أمر الله إشلر، وهو من الحلقة الضيقة المقربة من إردوغان، بعد أن أطيحت آمال النائب الثالث على باباجان الذي خرج أحد مستشاري إردوغان الأسبوع الماضي إلى الإعلام مكذبا أحد تصريحاته، ليخرج بعدها صحافي مقرب من الحكومة ليتهم باباجان بأنه «مقرب من الجماعة» أي جماعة الداعية فتح الله غولن، وهي تهمة توازي تهمة «الخيانة العظمى» لدى أنصار الحزب الحاكم، ما يعني خروجه نهائيا من السباق على المنصب.
أما الخيار الأقوى فهو وزير المواصلات السابق بن علي يلدرم، وهو من المقربين من إردوغان وتقول المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط» بأنه صاحب الحظ الأوفر لقيادة الحكومة في الفترة المقبلة، خصوصا في ظل الاعتراضات داخل حزب العدالة على تسمية داود أوغلو رئيسا للحكومة. لكن مشكلة يلدرم، كما أرينج ومحمد علي شاهين، أنهم الثلاثة لن يستطيعوا الترشح لانتخابات العام 2015، انطلاقا من قاعدة الدورات الثلاث.
إردوغان يؤجل إعلان خليفته لرئاسة الحكومة إلى اللحظات الأخيرة
اعتراضات قوية داخل الحزب على مرشحه المفضل داود أوغلو
إردوغان يؤجل إعلان خليفته لرئاسة الحكومة إلى اللحظات الأخيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة