إردوغان يؤجل إعلان خليفته لرئاسة الحكومة إلى اللحظات الأخيرة

اعتراضات قوية داخل الحزب على مرشحه المفضل داود أوغلو

الرئيس التركي المنتهية ولايته عبد الله غل وزوجته يدليان بصوتيهما في مركز اقتراع بأنقرة (أ.ف.ب)
الرئيس التركي المنتهية ولايته عبد الله غل وزوجته يدليان بصوتيهما في مركز اقتراع بأنقرة (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يؤجل إعلان خليفته لرئاسة الحكومة إلى اللحظات الأخيرة

الرئيس التركي المنتهية ولايته عبد الله غل وزوجته يدليان بصوتيهما في مركز اقتراع بأنقرة (أ.ف.ب)
الرئيس التركي المنتهية ولايته عبد الله غل وزوجته يدليان بصوتيهما في مركز اقتراع بأنقرة (أ.ف.ب)

تتجه أنظار قادة حزب العدالة والتنمية التركية إلى «لوحة النتائج» في الانتخابات الرئاسية التركية التي ستصدر اليوم، لكن عقولهم وقلوبهم في مكان آخر يبعد عن مقر اللجنة العليا للانتخابات، هو مقر رئاسة الحكومة الذي سيشغله أحدهم بعد انتقال رئيس الحكومة والحزب رجب طيب إردوغان، شبه المحتم، إلى القصر الرئاسي في تشانكايا.
وتعد مسألة خلافة إردوغان في الحزب وفي رئاسة الحكومة (وهما مركز واحد في القانون التركي) من أكثر المسائل حساسية في الحزب الحاكم لكثرة عدد الطامحين إلى هذا المركز، ما دفع إردوغان إلى تأجيل اتخاذ القرار في هذا الشأن أكثر من مرة إلى أن بلغ حدا أصبح معه محشورا في المواقيت، إذ أجريت الانتخابات وستصدر النتائج من دون معرفة من سيكون في المنصبين.
ومن غير المستبعد أن يؤجل إردوغان قراره حتى موعد تسلمه الرئاسة من سلفه عبد الله غل، فيصبح حينها رئيسا للحكومة ورئيسا منتخبا في الوقت نفسه، وهو ما سيكون سابقة في التاريخ التركي، وظاهرة غير مألوفة.
لا يبدو نص القانون التركي واضحا في هذا الشأن، لكن أصحاب الرأي القانوني اختلفوا في هذا المجال، فثمة من يعد أن عضوية إردوغان البرلمانية تسقط بمجرد إعلان النتائج، وبالتالي يسقط حقه في ترؤس الحكومة (وفقا للقانون التركي الذي يوجب أن يكون رئيس الحكومة برلمانيا)، فيما يرى البعض الآخر أن هذا الأمر يحدث عند تسلمه المنصب. وكان إردوغان طلب إجراء دراسات قانونية حول الموضوع بعد ما قيل عن رفض في أوساط حزب العدالة لأن يكون وزير الخارجية أحمد داود أوغلو هو الرئيس المقبل للحكومة، وهو كان صاحب الأسهم الأعلى حتى نهاية الأسبوع الماضي، حيث زادت حظوظ آخرين من داخل الحزب والحكومة.
ويتجه إردوغان إلى خيارين في التعامل مع سيناريو الفترة المقبلة، أولهما تعيين رئيس جديد للحكومة يقودها حتى موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العام 2015. أو الإبقاء على الحكومة الحالية مع تعيين أحد نوابه رئيسا لها بالوكالة حتى موعد الانتخابات، ويبدو أن الخيار الثاني هو المرجح حتى الساعة. وكان اسم غل قد طرح لتولي رئاسة الحكومة، لكن الأمر ينطوي على تعقيدات قانونية لأنه لا يمتلك مقعدا برلمانيا، مما سيحتم استقالة أحد نواب الحزب وإجراء انتخابات فرعية يترشح إليها غل، لكن الأخير لا يحبذ هذا السيناريو ويفضل الراحة حتى موعد الانتخابات البرلمانية، حيث قد يترشح لمنصب برلماني وفق ما أفادت به مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط»، وفقا للتفاهمات في الحزب، مشيرة إلى أن غل يفضل أن يرتاح حاليا من العمل السياسي وسيتخذ قراره في وقت لاحق.
ويتردد أن غل اشترط لقبوله المنصب أن يكون مطلق اليدين في حكومته، لا أن يمارس دور الوكيل لإردوغان في الحكومة، وهو ما يعتقد على نطاق واسع أن إردوغان يريده لقيادة البلاد من خلال المنصبين معا، نظرا لمحدودية صلاحيات رئيس الجمهورية.
ووفقا للمعادلة القائمة، فإن داود أوغلو سيكون الرئيس المقبل للحكومة في حال اعتماد الخيار الأول، الذي سيشهد تعديلا في الحكومة تأتي فيه وجوه جديدة من بينها رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان في منصب وزير الخارجية، أما في حال اعتماد الخيار الثاني، فهناك حظوظ لنواب رئيس الحكومة الحاليين، وأولهم بولند أرينج الذي أعلن صراحة الأسبوع الماضي أنه يقبل بهذا «التكليف» باعتباره مهمة أوكلت إليه، علما بأن أرينج لا يحق له الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة وفقا لقواعد الحزب الحاكم الذي ينص على ثلاث دورات نيابية لكل من أعضائه. وقال أرينج في حديث لتلفزيون تركي أواخر الأسبوع بأنه في حال اختيار غل لرئاسة الحكومة فسيكون ذلك اختيارا عظيما لما يتمتع به من ميزات في شخصيته وخبرته، لكن في حال لم يتم اختياره فهذه ليست نهاية العالم إذ لدينا زملاء قادرون على القيام بهذه المهمة. وعما إذا كان مرشحا لهذا الدور، قال: إذا كلفت به، فسأعده مهمة أوكلت إلي وسأقوم بها حتى موعد الانتخابات البرلمانية.
وتبقى هناك احتمالات أخرى لتولي هذا المنصب من قبل نائب رئيس الحكومة الثاني أمر الله إشلر، وهو من الحلقة الضيقة المقربة من إردوغان، بعد أن أطيحت آمال النائب الثالث على باباجان الذي خرج أحد مستشاري إردوغان الأسبوع الماضي إلى الإعلام مكذبا أحد تصريحاته، ليخرج بعدها صحافي مقرب من الحكومة ليتهم باباجان بأنه «مقرب من الجماعة» أي جماعة الداعية فتح الله غولن، وهي تهمة توازي تهمة «الخيانة العظمى» لدى أنصار الحزب الحاكم، ما يعني خروجه نهائيا من السباق على المنصب.
أما الخيار الأقوى فهو وزير المواصلات السابق بن علي يلدرم، وهو من المقربين من إردوغان وتقول المصادر التركية لـ«الشرق الأوسط» بأنه صاحب الحظ الأوفر لقيادة الحكومة في الفترة المقبلة، خصوصا في ظل الاعتراضات داخل حزب العدالة على تسمية داود أوغلو رئيسا للحكومة. لكن مشكلة يلدرم، كما أرينج ومحمد علي شاهين، أنهم الثلاثة لن يستطيعوا الترشح لانتخابات العام 2015، انطلاقا من قاعدة الدورات الثلاث.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».