السودان: الحوار الوطني يواجه صعوبات

زعيم المتمردين الجنوبيين رياك مشار يصل السودان ويجتمع مع البشير

السودان: الحوار الوطني يواجه صعوبات
TT

السودان: الحوار الوطني يواجه صعوبات

السودان: الحوار الوطني يواجه صعوبات

اجتمع رئيس متمردي جنوب السودان رياك مشار مطولا بالرئيس السوداني عمر البشير فور وصوله للعاصمة الخرطوم، في زيارة تأجلت أكثر من مرة بسبب تشابك الملفات والعلاقات بين السودان والدولة التي انشقت عنه قبل عامين.
وكشف عن وصول مشار علنا للخرطوم أول مرة الاثنين الماضي، بيد أن الزيارة أجلت في اللحظات الأخيرة بعد أن تم تحديد برنامجها، وقالت الرئاسة السودانية وقتها بأن مجموعة دول وسط وشرق أفريقيا «إيقاد»، التي تقود الوساطة بين التمرد وحكومة جوبا، أبلغتها أن الزيارة أجلت لأسباب لوجستية، ما أثار شكوكا بشأن قبول جوبا التي تجمعها مع الخرطوم اتفاقية تقضي بعدم إيواء متمردي البلدين، سيما بعد أن خرجت تصريحات سابقة من جوبا عدت فيها استقبال مشار بمثابة خرق لهذه الاتفاقية.
وقال مشار في تصريحات تلت اجتماعه بالرئيس البشير، إن زيارته للبلاد أتت ضمن جولة لعواصم دول مجموعة إيقاد، لكل من كينيا وجيبوتي والسودان، فضلا عن لقائه لرئيس الوزراء الإثيوبي في القمة الأفريقية الأخيرة.
وكانت جوبا ترفض زيارة الرجل للسودان، بيد أن ضغوط الوساطة الأفريقية أسهمت في جعل جوبا توافق على الزيارة، وأعلن وزير الإعلام الجنوبي مايكل مكوي أمس أن وساطة دول الإيقاد وافقت على مطلب الحركة الشعبية المعارضة، واعتمدت أجندة الحوار بين مشار والخرطوم.
وأوضح مشار في حديثه للصحافيين، أنه شرح للرئيس البشير سير التفاوض الذي تقوده إيقاد بقوله: «بيننا تاريخ طويل، وكنت أشرح للرئيس سير المفاوضات في أديس أبابا»، وأضاف أنهم يريدون تفاوضا مباشرا مع حكومة جوبا، واستشارة أصحاب المصلحة، بيد أن إيقاد تصر على التفاوض على مائدة مستديرة.
وكشف زعيم المتمردين خطته التفاوضية بالقول: «أبلغت الرئيس بأننا نريد حل القضايا التي أدت للصراع، وبعد الاتفاق عليها، يمكننا تكوين حكومة انتقالية، وفترة قبل انتقالية يوضع فيها دستور انتقالي، وتكون خلالها حكومة انتقالية بعد 6 أشهر»، وأضاف: «نحن إلى الآن لم نتناول قضايا الصراع نفسها، لكنا اتفقنا على الأجندة، وجئنا لتنوير الرئيس البشير، فقد كان رئيس للسودان الكبير، ولديه خبرة طويلة وتجارب يمكن أن نستفيد منها».
وشدد مشار على أهمية دور الرئيس البشير وقال: «نعتقد أنه يمكن أن يلعب دورا مباشرا، خاصة في القمة، ونتوقع من الحكومة السودانية دعم السلام في محادثات إيقاد، وأن يكون هناك طريق مرسوم وواضح لإيجاد حل سلمي للنزاع».
وبحث مشار - على حسب قوله - مع الرئيس البشير أوضاع النازحين الجنوبيين في الشمال والبالغ عددهم أكثر من 60 ألف لاجئ، وصل بعضهم العاصمة، ووجه الرئيس باستقبالهم في المناطق الحدودية، وتقديم الإغاثة لهم.وفي سياق آخر، افتتح الرئيس عمر البشير مؤتمر «الحوار المجتمعي» مع منظمات المجتمع المدني ورجال الدين وأساتذة جامعات وزعماء عشائر، وهي خطوة تهدف لإنقاذ الحوار مع القوى السياسية الذي رفضت غالب أحزابها المعارضة المشاركة فيه.
وقال البشير في خطابه للجلسة الافتتاحية للمؤتمر: «هذا المؤتمر يفتح الطريق واسعا للحوار الوطني بين القوى السياسية باعتبار أن حضوره هم الأجدر بوضع الحلول لمشاكل البلاد»، ووجه البشير أجهزة الدولة لتزويد المؤتمر بالمعلومات والوثائق اللازمة لوضع الخطط لإدارة المرحلة المقبلة، وعد التوصيات المتوقع خروجها عن مؤتمر الحوار المجتمعي التي بدأت أمس سندا لمداولات الحوار الوطني.
ودعا البشير يناير (كانون الثاني) الماضي لحوار وطني، لكن غالب أحزاب المعارضة قاطعته، مشترطة وقف الحرب وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
ووجه خروج حزب الأمة القومي أكبر أحزاب المعارضة لطمة كبيرة للحوار، فقد قرر الحزب مقاطعة الحوار بعد أن كان من أهم وأكبر دعاته، عقب اعتقال زعيمه الصادق المهدي لأكثر من شهر، وإطلاق سراحه لاحقا، على خلفية انتقادات وجهها لقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن السوداني، واعتقال زعيم حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ منذ أكثر من شهرين.
وبانسحابه لم يتبق حزب معارض ذو تأثير في الساحة السياسية مستمرا في عملية الحوار عدا حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الإسلامي حسن الترابي وحركة الإصلاح الآن المنشقة عن الحزب الحاكم، وفيما رفضت الحركات المسلحة التي تحارب الحكومة دعوة البشير.
وفي تطور لافت جديد وقع حزب المهدي أول من أمس بيانا مع الحركات المسلحة في تحالف الجبهة الثورية بيانا بموجبه أعلن المتمردون عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو الأمر الذي يعد كسبا للمهدي وتمتينا للحوار والتلاقي بين المعارضة بشقيها المدنية والمسلحة.
وفي السياق ذكرت مصادر «الشرق الأوسط» أن الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي سيصل الخرطوم في السادس عشر من الشهر الجاري، لبحث موضوعة «الحوار الوطني» الذي دعا له الرئيس البشير، مع القوى السياسية المعارضة، وبحث جولة التفاوض المقبلة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية - الشمال في أديس أبابا.
وتدفع الوساطة والاتحاد الأفريقي الحوار بين الفرقاء السودانيين، وتعده مخرجا من الأزمة السياسية التي يعيشها، وذكرت المصادر أن مبيكي ربما يعلن موعد الحوار ومكانه حال حصوله على موافقة الحكومة والقوى السياسية المعارضة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».