تجدد القصف على حلب والمرصد السوري يحصي 130 ألف قتيل منذ بدء الصراع

الاتحاد الأوروبي يدعو للمساعدة بإطلاق رزان زيتونة

اثار القصف المستمر على حلب
اثار القصف المستمر على حلب
TT

تجدد القصف على حلب والمرصد السوري يحصي 130 ألف قتيل منذ بدء الصراع

اثار القصف المستمر على حلب
اثار القصف المستمر على حلب

جددت القوات النظامية أمس، قصفها على مدينة حلب، شمال سوريا، حيث سقط عشرة أشخاص بينهم طفلان في قذيفة استهدفت حافلة في حي طريق الباب شرق حلب، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، معلنا حصيلة جديدة لضحايا الصراع في سوريا بلغت 130 ألف قتيل، غالبيتهم من المقاتلين، منذ بدء الصراع العسكري.
وأوضح المرصد أن «عشرة أشخاص بينهم طفلان وسيدة قتلوا جميعا إثر سقوط قذيفة أطلقتها القوات النظامية، قرب دوار الحلوانية بحي طريق الباب على باص للنقل كانوا يستقلونه»، مشيرا إلى «سقوط قذيفة أخرى أثناء إسعاف الجرحى في الحي».
وفي حين بث المرصد شريط فيديو يظهر حشدا من الناس تجمعوا حول حافلة اشتعلت فيها النيران وسط صراخ، وأشخاصا ينقلون جثثا من داخل الباص، أفاد بأن «عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حال الخطر».
ولم يمنع تنديد حكومات غربية وعربية ومنظمات غير حكومية بحملة القصف الجوي المستمرة منذ أكثر من أسبوعين على منطقة حلب القوات النظامية من مواصلتها القصف واستهداف المدنيين. وقتل 517 شخصا على الأقل، بينهم 151 طفلا، خلال أسبوعين من القصف الجوي للقوات النظامية على مدينة حلب وريفها في شمال سوريا.
وتزامن القصف على حلب، مع مقتل خمسة أشخاص وجرح ثمانية آخرين في قصف استهدف ساحة الحاج عاطف في حي كرم الشامي في حمص، بحسب ناشطين. كما تعرض حي الوعر في مدينة حمص إلى قصف متقطع من القوات النظامية باستخدام المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى إثر استهداف أماكن تجمعات النازحين بالقرب من مدينة المعارض وبعض المدارس.
من جهة أخرى، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، مقتل أكثر من 130 ألف شخص منذ بدء النزاع في سوريا، في منتصف مارس (آذار) 2011، غالبيتهم من المقاتلين في الجانبين (النظام والمعارضة). وتوزع القتلى بحسب المرصد بين 46266 مدنيا بينهم أكثر من سبعة آلاف طفل، و52290 من عناصر القوات النظامية والمجموعات المسلحة الموالية لها، و29083 من مقاتلي المعارضة وبينهم جهاديون، بالإضافة إلى 2794 قتيلا مجهولي الهوية.
وأوضح المرصد أن «هذه الحصيلة تشمل الفترة الممتدة بين 18 مارس (آذار) 2011، تاريخ مقتل أول شخص في محافظة درعا، جنوب سوريا حتى اليوم الأخير من سنة 2013»، مشيرا إلى أنه «بين القتلى المدنيين 7014 طفلا، و4695 أنثى فوق سن الثامنة عشرة».
أما خسائر القوات النظامية فتوزعت بحسب المرصد بين «32014 من القوات النظامية، و19729 من اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني، و262 مقاتلا من حزب الله، و286 مقاتلا من الطائفة الشيعية من جنسيات غير سورية».
ورجح المرصد أن يكون «العدد الحقيقي للقتلى في صفوف كتائب المعارضة السورية والقوات النظامية أكثر من ذلك، لكن يصعب توثيقها بدقة بسبب التكتم الشديد من الطرفين على الخسائر البشرية». وحول المعتقلين عند كلا الطرفين، قدر المرصد عدد المحتجزين في سجون القوات النظامية بـ17 ألف معتقل»، في حين تعتقل الكتائب المقاتلة لا سيما «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وجبهة «النصرة» ستة آلاف أسير من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها.
وفي سياق متصل، عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه الشديد إزاء مصير الناشطة رزان زيتونة وشركائها الثلاثة وائل حمادة وسميرة الخليل وناظم الحمادي الذين خطفوا في مدينة دوما بريف دمشق على يد مهاجمين مجهولين، في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ونقل المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، عنها قلقها لغياب المعلومات عن «مصير الناشطين البارزين في مجال حقوق الإنسان بعد مرور ثلاثة أسابيع على خطفهم قرب دمشق».
وتعتبر المحامية رزان زيتونة من الوجوه البارزة في الحراك الشعبي الذي انطلق في مارس (آذار) 2011 ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وتلقت في العام نفسه مع ناشطين آخرين في «الربيع العربي» جائزة سخاروف لحقوق الإنسان التي يمنحها الاتحاد الأوروبي. وانتقدت منذ ذلك الحين انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل كل أطراف النزاع. وشدد بيان الاتحاد الأوروبي على أن «أشتون تشاطر الشعب السوري والمجتمع الدولي قلقه إزاء الشكوك المحيطة بمصير هؤلاء الناشطين»، داعيا «الأفراد الذين لديهم تواصل مع المسؤولين عن خطفهم لممارسة ضغوط في الإفراج عنهم بشتى السبل الممكنة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.