يُتوقع أن تشكل عودة رئيس الحكومة الأسبق،، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى لبنان، بعد أكثر من ثلاث سنوات على غيابه القسري، نقطة تحول في مسار الأزمات اللبنانية المتشابكة، إذ يعوّل اللبنانيون على أن يكون الحريري يحمل في جعبته حلا للأزمة الرئاسية يضع حدا للشغور المستمر في موقع الرئاسة الأولى منذ مايو (أيار) الماضي، كما يأملون أن تشكل الهبة السعودية التي يحملها الحريري معه ركيزة أساسية تمكن الجيش اللبناني من تولي مهمة محاربة الإرهاب المتمدد إلى لبنان من بوابة عرسال.
وكان الحريري غادر لبنان بعد إسقاط حكومته في عام 2011 إثر انسحاب وزراء «حزب الله» وحلفائه منها، وقد أمضى السنوات الثلاث الماضية متنقلا بين فرنسا والمملكة العربية السعودية بعدما وصلته تحذيرات من مخططات لاغتياله في حال عودته إلى لبنان، وقد تجسدت باغتيال أحد أبرز المقربين منه الوزير الأسبق محمد شطح، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في وسط بيروت.
وفضّل الحريري مفاجأة نوابه والقياديين في تياره، الذين لم يكونوا على علم بعودته، التي تزامنت مع معارك محتدمة خاضها الجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية شرق البلاد مع جماعات مسلحة وإرهابية حاولت السيطرة على البلدة التي يتمتع فيها الحريري بشعبية كبيرة. وأعلن الحريري مطلع الأسبوع الحالي عن تقديم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، هبة مليار دولار لتسليح القوى العسكرية اللبنانية لدعمها في مكافحة الإرهاب بعد اندلاع المواجهات في عرسال.
وربط رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر بين عودة الحريري بالهبة السعودية، لافتا إلى أنّه مكلف الإشراف على صرف الهبة بشكل شفاف وسريع، لافتا إلى أن الحريري عاد أيضا بمحاولة لإعادة ترتيب بيته الداخلي في تيار المستقبل بعد خروج بعض نوابه بتصريحات معاكسة لمواقفه.
وعد جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الهواجس الأمنية التي كانت تمنع الحريري من العودة انتفت إلى حد بعيد.. «فالحكومة الحالية هي غيرها حكومة الرئيس السابق نجيب ميقاتي، كما أن الحريري وتياره يتمثلان في حكومة الرئيس تمام سلام الحالية بوزارتين أمنيتين هما العدل والداخلية».
وأكد العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس حزب القوات سمير جعجع أحد الحلفاء المسيحيين للحريري، أنّهم لم يكونوا على علم بعودته، متوقعا أن يكون الهدف الأول من العودة تسلم زمام الأمور بعد اشتداد الأزمة في المنطقة وظهور قوة جديدة متطرفة على الساحة السنية.
وعد قاطيشا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه قد حان أصلا وقت العودة بعدما افتقد الشارع السني في عرسال وطرابلس وغيرهما من المناطق ذات الأكثرية السنية لقائده، وأحس بنوع من الضعف، متوقعا أن تبث عودته روحا جديدا في جمهوره كما في قوى «14 آذار» وتعطي دينامية باتجاه عمل سياسي فاعل. واستبعد أن يكون الحريري عائدا للسير بتسوية، لافتا إلى أن حلفاءه على الأقل ليسوا بهذا الجو.
ولم يصدر أي موقف رسمي من «حزب الله» بعيد عودة الحريري، وقال الخبير العسكري المقرب من الحزب، أمين حطيط أن غياب الحريري طوال السنوات الثلاث الماضية، لم يكن صحيا ولا طبيعيا، مشددا على أن أي مسؤول لبناني يجب أن يدير الشؤون الوطنية من الداخل.
ولفت حطيط، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أحد الأسباب الرئيسة لعودة الحريري محاولة الإسهام في بناء منظومة أمنية تحمي كل اللبنانيين دون استثناء، مستبعدا أن يكون يحمل في جعبته حلا للأزمة الرئاسية، وقال: «الوضع الإقليمي باق على تعقيداته، ولبنان جزء من هذا الإقليم وبالتالي التعقيدات تفرض نفسها عليه، ما يعني أن الحل ليس قريبا».
وعد حطيط أن الحريري بعودته «أعطى إشارة إيجابية أن هناك نية للقاء مع الآخرين للبحث بسبل إخراج لبنان من أزمته»، ورأى أنه «اختار العودة في لحظة محرجة يعيشها التيار بعدما عمت الفوضى في بعض مواقف نوابه».
وتوقع حطيط أن يكون هناك نوع من البحث عن هدنة أو تهدئة لوضع حد للانهيارات الحاصلة على كل الصعد، وخصوصا على الصعيد الأمني، لكن الوصول لتسوية كاملة مستبعد.
ولا يرى حطيط في الأفق لقاء قريبا يجمع الحريري بأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله باعتبار أن العلاقة بين الحزب وتيار المستقبل «ليست بأفضل أحوالها».
ولم تنجح ستة أشهر من «الانسجام» الحكومي بين تيار المستقبل و«حزب الله» بإعادة النبض إلى العلاقة الثنائية بينهما، بعد أن تدهورت كليا مع قرار الحزب القتال إلى جانب النظام السوري في عام 2012. وأعلن النائب محمد رعد، رئيس كتلة «حزب الله» النيابية أخيرا أن علاقة الحزب «شبه مقطوعة» مع تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، فيما أكدت مصادر قيادية في المستقبل أن العلاقة «مقطوعة بالكامل».
وكان الحريري أطلق الشهر الماضي «خارطة طريق» لحل الأزمة اللبنانية تضمّنت ستّ نقاط رئيسة، الأولوية فيها إلى انتخاب رئيس ومن ثم تشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية إضافة إلى إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحددها القانون وتجنّب أي شكلٍ من أشكال التمديد للمجلس النيابي.
بعد 3 سنوات من الغياب القسري الحريري يتحدى المخاطر الأمنية وتمدد النزاع السوري إلى لبنان
خبراء استبعدوا نضوج تسوية رئاسية
بعد 3 سنوات من الغياب القسري الحريري يتحدى المخاطر الأمنية وتمدد النزاع السوري إلى لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة