الخارجية المصرية تطالب بضبط النفس وعدم التصعيد العسكري

عقب إعلان حماس والجهاد عدم تمديد الهدنة

الخارجية المصرية تطالب بضبط النفس وعدم التصعيد العسكري
TT

الخارجية المصرية تطالب بضبط النفس وعدم التصعيد العسكري

الخارجية المصرية تطالب بضبط النفس وعدم التصعيد العسكري

أعربت وزارة الخارجية المصرية عن أسفها لاستئناف الأعمال العسكرية مرة أخرى في قطاع غزة مما يعرض الشعب الفلسطيني إلى مخاطر جمة. وذكرت في بيان لها أمس أنه «منذ التوصل إلى وقف إطلاق النار، قامت مصر بجهود دؤوبة ومتواصلة على مدى الأيام الماضية لتقريب وجهات النظر ولرعاية المفاوضات غير المباشرة وصولا إلى تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني ولتوفير الحماية له من مخاطر استئناف الأعمال العسكرية، وقد أمكن التوصل في هذا الإطار إلى اتفاق حول الغالبية العظمى من الموضوعات ذات الاهتمام للشعب الفلسطيني وظلت هناك نقاط محدودة للغاية دون حسم، الأمر الذي كان يفرض قبول تجديد وقف إطلاق النار كي يتسنى مواصلة المفاوضات للتوصل إلى توافق حولها».
وطالبت الخارجية بضرورة ضبط النفس وبالامتناع عن التصعيد العسكري وبعدم استهداف المدنيين، مؤكدة حرصها البالغ على توفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل ووقف إراقة دماء الأبرياء.
كما طالبت وزارة الخارجية كافة الأطراف بالارتقاء إلى مستوى مسؤوليتهم، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، وبمراعاة مصالح الشعب الفلسطيني، ومن ثم العودة الفورية إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وباستغلال الفرصة المتاحة لاستئناف المفاوضات حول النقاط المحدودة للغاية التي ما تزال معلقة في أسرع وقت ممكن، تجنبا لاستمرار تساقط الضحايا وللحيلولة دون مضاعفة الخسائر التي يتكبدها الشعب الفلسطيني الشقيق.
وكان مصدر مسؤول في حركة حماس قد أعلن أن الحركة لم توافق على مقترح بتمديد الهدنة 72 ساعة إضافية بسبب التعنت الإسرائيلي وعدم موافقتها على كثير من المطالب الفلسطينية وأهمها فك الحصار والإفراج عن الأسرى، وغيرهما. وقال المصدر في تصريح له عقب انتهاء الاجتماع الثالث مع الوزير محمد التهامي رئيس جهاز المخابرات العامة فجر أمس الجمعة، إن إسرائيل تماطل خلال المفوضات غير المباشرة التي دارت خلال الثلاثة أيام الماضية ولم تعط الموافقة على معظم المطالب الفلسطينية ولذلك قررنا عدم الموافقة على مقترح تمديد الهدنة. وقالت مصادر مطلعة في داخل الوفد الفلسطيني إن حركة الجهاد الإسلامي اتخذت نفس موقف حركة حماس برفض التمديد.
من جهته، حمل عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الوفد الفلسطيني في مباحثات التهدئة التي تجري برعاية مصرية بالقاهرة، إسرائيل، عدم تمديد الهدنة، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني لا يرغب في التصعيد، وإنما من حقه الدفاع عن نفسه.
وقال أبلغنا أشقاءنا المصريين بأننا جالسون سواء كانت عطلة دينية بالنسبة لنا كمسلمين أم لا، لأن ديننا لا يمنع أن نقوم بالعمل من أجل وقف سفك الدماء بين الطرفين، وهذا هو الأهم وله الأولوية الآن، مضيفا: «نحن لسنا مع التصعيد، ومستعدون أن نستمر عبر الأشقاء في مصر في التفاوض لإنجاز اتفاق نهائي يعيد الحقوق لأصحابها، بما يعني رفع الحصار عن قطاع غزة بكل الأشكال، ومنح أطفال غزة الحق في العيش الكريم، وأن يذهبوا إلى مدارسهم وملاعبهم، وأن لا يبقوا تحت رحمة الطائرات. وانتقد الأحمد المجتمع الدولي واصفا إياه بأنه ظالم، كونه يتحدث عن عدم الاعتداء على المدنيين، الذين يدفعون الثمن، والمدنيين الذين يدفعون الثمن هم الفلسطينيون، وليس الإسرائيليين.
وأعرب الأحمد عن أمله في أن تكون الساعات المقبلة حاسمة، وأن لا تضيع كما ضاعت الأيام السابقة، مشددا على أن المطالب الفلسطينية واضحة ولا يمكن التنازل عنها، خاصة الحديث عن الميناء والمطار، منوها بأنه كان هناك مطار في غزة يعمل، وطائرات تنزل به بموافقة إسرائيل وفق اتفاق أوسلو، كما أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك جاء إلى غزة عام 1999 وقت أن كان يشغل الأحمد منصب وزير الأشغال العامة، حيث جرى الاحتفال وقص شريط بدء العمل في الميناء. وتساءل الأحمد عن سبب أن يمنع هذا الآن، وهو متفق عليه من قبل ذلك. وأكد أنهم ينتظرون ماذا سيقوم به المسؤولون في مصر. وأشار الأحمد إلى أنهم موجودون في القاهرة منذ أسبوع، وحتى الآن لم يسمعوا رأي إسرائيل في أي من المطالب الفلسطينية، وكل شيء سمعوه كان عبر وسائل الإعلام، مؤكدا أن هذا خطأ بالمفاوضات، لأنه يجب أن يستمعوا إلى الرأي الآخر، وحتى هذه اللحظة لم يعرفوا رأي الجانب الإسرائيلي بشكل رسمي في أي نقطة من النقاط التي جرى عرضها. وشدد الأحمد مجددا على أن الوفد الموجود بالقاهرة وفد فلسطيني موحد ومشكَّل من قبل الرئيس محمود عباس، حتى لو كان ينتمي أفراده لعدة فصائل فلسطينية مختلفة، موضحا أن كل كلمة يقولها تكون باسم الوفد الفلسطيني. وانتقد الأحمد إصرار بعض وسائل الإعلام على تقسيم الوفد. وحول إمكانية الحديث بشكل مباشر مع إسرائيل أكد الأحمد أن طبيعة الوضع وخصوصية تشكيل الوفد تطلبا هذا الأمر، وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها التفاوض بهذا الشكل، والسلطة ليس لديها مانع في التعامل مع إسرائيل. وحول الأسباب التي أدت لعدم الاتفاق حول تمديد الهدنة، أكد الأحمد أن ضغط الوقت وعدم معرفتنا لردود إسرائيل حول مطالبنا هما السبب في ذلك.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».