إسرائيل تهدد باستئناف العملية البرية.. وحماس مستعدة لحرب طويلة

مقتل خمسة فلسطينيين وإصابة إسرائيليين ونزوح الآلاف في تجدد القصف على غزة

قوات حرس الحدود الإسرائيلية تطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد محتجين تجمعوا بعد صلاة الجمعة للتظاهر أمس (أ.ف.ب)
قوات حرس الحدود الإسرائيلية تطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد محتجين تجمعوا بعد صلاة الجمعة للتظاهر أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهدد باستئناف العملية البرية.. وحماس مستعدة لحرب طويلة

قوات حرس الحدود الإسرائيلية تطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد محتجين تجمعوا بعد صلاة الجمعة للتظاهر أمس (أ.ف.ب)
قوات حرس الحدود الإسرائيلية تطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد محتجين تجمعوا بعد صلاة الجمعة للتظاهر أمس (أ.ف.ب)

استأنفت إسرائيل وحماس أمس الهجمات المتبادلة فورا بعد انتهاء هدنة 72 ساعة، وتعثر جهود تمديدها ثانية. وقتلت إسرائيل في قطاع غزة خمسة فلسطينيين على الأقل، بينهم طفل، في حين أطلق الفلسطينيون عشرات الصواريخ التي سقطت على مستوطنات ومدن إسرائيلية في محيط القطاع.
وقالت إسرائيل، إنها شنت غارات جوية على القطاع ردا على تعرضها لإطلاق صواريخ. وقال اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر في بيان: «سنستمر في ضرب حماس وبنيتها التحتية وناشطيها حتى إعادة الأمن إلى دولة إسرائيل». وأضاف: «حماس اتخذت قرارا خاطئا باستئناف قصفها لجنوب البلاد وستدفع الثمن».
ودعا وزراء ومسؤولون إسرائيليون إلى ضرب حماس بقوة. وتحدث وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينتز في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي عن إمكانية إلى أن تعيد إسرائيل إطلاق عملية برية من «أجل السيطرة على قطاع غزة في سبيل الإطاحة بنظام حماس».
وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست زئيف ألكين، إنه يجب الرد وبصرامة على حماس. وأضاف: «يبدو أن اللغة الوحيدة التي تفهمها حماس هي لغة الضربات العسكرية ولا طائل تحت مواصلة المحادثات في القاهرة».
وتركت إسرائيل الباب مفتوحا من أجل جميع الخيارات. وقال مصدر أمني رفيع، إن إسرائيل سترد بقوة على القصف من القطاع وبحسب التطورات. وأضاف: «إن قوات معززة من جيش الدفاع ما زالت منتشرة على حدود قطاع غزة تحسبا لأي طارئ.. لم يجر بعد تسريح 50 في المائة من جنود الاحتياط الذين جرى استدعاؤهم والبالغ عددهم 82 ألفا». وقضى طفل فلسطيني عمره عشر سنوات كأول ضحية بعد انتهاء الهدنة. وقالت مصادر طبية، إن القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل الطفل إبراهيم الدواوسة (عشر سنوات) في حي الشيخ رضوان، وأحمد نعيم عوكل في رفح، وسليمان وأحمد ومحمود أبو هداف في القرارة في خان يونس، وإصابة العشرات بجراح. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أعطى أوامر أمس للجيش الإسرائيلي بالرد بقوة على «خرق وقف إطلاق النار من قبل حماس».
وقال مكتب نتنياهو في بيان: «إن إسرائيل كانت قد أبلغت مصر باستعدادها لتمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة باثنتين وسبعين ساعة قبل انتهاء مفعوله صباح اليوم (الجمعة)، لكن حركة حماس خرقت وقف إطلاق النار قبل انتهائه». وأضاف البيان: «إن حماس تواصل إطلاق النار باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مما أدى إلى إصابة مدنيين إسرائيليين، ورغم ذلك فإن إسرائيل ستواصل نقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع كلما كان الأمر ممكنا».
وتابع: «إن إسرائيل ستعمل بجميع الوسائل لحماية مواطنيها وفي الوقت نفسه ستسعى إلى تجنب المس بسكان غزة».
غير أنه بخلاف ما يقول نتنياهو اضطر آلاف من الفلسطينيين في شمال وشرق وجنوب القطاع، للنزوح مجددا من منازلهم التي عادوا إليها في اليومين الماضيين.
ولجأت العائلات إلى منازل أقارب لهم وسط القطاع وإلى مراكز الإيواء التي تفتحها الأمم المتحدة (الأونروا) في أماكن مختلفة في غزة. ويوجد عشرات الآلاف النازحين حتى الآن في هذه المراكز. وفي المقابل، أطلق الفلسطينيون 50 صاروخا على مدن وتجمعات في محيط القطاع.
وكانت كتائب القسام التابعة لحماس أعلنت أنها لن تقبل بتمديد الهدنة إذا لم توافق إسرائيل فورا على رفع الحصار.
وأعلنت حماس بعد استئناف القتال، أن الفصائل الفلسطينية لم توافق على تمديد الوقف المؤقت لإطلاق النار، لكنها أكدت أن المفاوضات في القاهرة لا تزال مستمرة. وأصابت صواريخ حماس والفصائل إسرائيليين بجراح. وسقطت صواريخ في أسدود وعسقلان وأشكول وبئر السبع وأوفاكيم وسيغف شالوم.
وأعلنت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أنه يجب إعادة فتح الملاجئ في التجمعات السكنية التي تقع حتى مسافة أقصاها 80 كيلومترا من قطاع غزة. وقالت الجبهة إنها «تحظر تنظيم تجمعات بمشاركة أكثر من خمسمائة شخص في المناطق التي تبعد حتى 40 كيلومترا عن القطاع وألف شخص في الخلاء في التجمعات السكنية التي تبعد ما بين 40 كيلومترا و80 كيلومترا». وبحسب التعليمات فإنه «لا يجوز إقامة نشاطات إلا قرب الغرف المحصنة».
وبدت الهجمات المتبادلة من الطرفين أقل حدة من الأيام السابقة، وقالت مصادر أمنية في غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر طلبت من جميع الأطراف الالتزام بوقف إطلاق النار حتى لو لم يكن ذلك معلنا. وسجلت هدنة أمر واقع معظم أوقات يوم أمس، وتخللها خروقات، قبل أن يكشف الطرفان القصف مع حلول المساء.
ومن غير المعروف إذا ما كان القتال سيشتد في الأيام القليلة المقبلة. وقال نتنياهو في حديث لشبكة «فوكس» الأميركية، إنه غير مقتنع بانتهاء القتال في غزة، مضيفا: «صحيح يوجد فرصة لتحقيق حل سلمي، لكن الأمر يتوقف على حماس».
لكن حماس ردت بقولها، إنها مستعدة لكل الخيارات، حرب جوية أو برية طويلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».