تلويح أميركي بخيارات عسكرية.. و«داعش» تجتاح البلدات المسيحية

فرنسا تدعو إلىاجتماع عاجل لمجلس الأمن.. والبابا يطلق نداء من أجلهم

أطفال عراقيون مسيحيون من قرية قراقوش التابعة لقضاء نينوى عقب وصولهم إلى كنيسة القديس جوزيف في أربيل بعد رحلة معاناة وفرار من عنف المتطرفين أمس (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون مسيحيون من قرية قراقوش التابعة لقضاء نينوى عقب وصولهم إلى كنيسة القديس جوزيف في أربيل بعد رحلة معاناة وفرار من عنف المتطرفين أمس (أ.ف.ب)
TT

تلويح أميركي بخيارات عسكرية.. و«داعش» تجتاح البلدات المسيحية

أطفال عراقيون مسيحيون من قرية قراقوش التابعة لقضاء نينوى عقب وصولهم إلى كنيسة القديس جوزيف في أربيل بعد رحلة معاناة وفرار من عنف المتطرفين أمس (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون مسيحيون من قرية قراقوش التابعة لقضاء نينوى عقب وصولهم إلى كنيسة القديس جوزيف في أربيل بعد رحلة معاناة وفرار من عنف المتطرفين أمس (أ.ف.ب)

يشكل مسيحيو العراق الذين فر عشرات الآلاف منهم أمس بعد سيطرة متطرفي تنظيم «داعش» على عدة مدن في شمال العراق، مجموعة مهددة. وهاجر عدد كبير منهم البلاد في السنوات الأخيرة. وأعلن رجل دين مسيحي عراقي، أن المسلحين الإسلاميين المتطرفين سيطروا أمس (الخميس) على مناطق المسيحيين في محافظة الموصل (شمال) وأجبروا عشرات آلاف منهم على الفرار.
وأطلق البابا فرنسيس أمس نداء عاجلا إلى الأسرة الدولية «لحماية» سكان شمال العراق المسيحيين بمعظمهم، الفارين أمام تقدم جهاديي تنظيم «داعش».
وقال البابا في نداء تلاه الناطق باسمه الأب فيديريكو لومباردي، إنه «يضم صوته إلى نداء مطارنة» المنطقة من أجل السلام ويطلب من الأسرة الدولية «حماية» السكان الفارين و«تأمين المساعدات الضرورية» لهم. وأكد أن «العنف لا يقهر بالعنف، بل بالسلام»، معبرا عن تعاطفه مع المسيحيين «المضطهدين والمجردين من كل شيء».
وتابع أن البابا فرنسيس «يوجه دعوة عاجلة إلى الأسرة الدولية لتتحرك من أجل وقف المأساة الحالية ويطلب أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المهددين بالعنف وتأمين المساعدات اللازمة بدءا بالأكثر إلحاحا، إلى النازحين الذين يرتبط مصيرهم بتضامن الآخرين».
ودعت فرنسا أمس لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في شمال العراق، حيث تمكن تنظيم «داعش» من الاستيلاء على عدة بلدات مسيحية. وقال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي في بيان له: «تشعر فرنسا بالقلق البالغ إزاء أحدث التطورات بالتقدم الذي أحرزه تنظيم (داعش) في شمال العراق واستيلائه على مدينة قراقوش، أكبر مدينة مسيحية في العراق، والانتهاكات التي ارتكبت هناك والتي لا يمكن تحملها».
وقال فابيوس: «لمواجهة خطورة الوضع دعت باريس لعقد اجتماع لبحث كيف يمكن للمجتمع الدولي الاحتشاد لمواجهة التهديد الإرهابي في العراق وتوفير المساعدات والحماية للسكان المعرضين للخطر».
وأعلن بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس ساكو، وهو أبرز رجل دين مسيحي في العراق، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، أن «نحو مائة ألف مسيحي نزحوا بملابسهم وبعضهم سيرا على الأقدام للوصول إلى مدن أربيل ودهوك والسليمانية الكردية»، محذرا من أنهم يواجهون خطر الموت في حال عدم تأمين الطعام والمأوى لهم.
وأضاف أن «هذا النزوح الجماعي يضم أشخاصا كبار السن ومرضى وأطفالا وحوامل. هؤلاء الأشخاص معظمهم في العراء». وقال: «إنها كارثة إنسانية. كنائسهم احتلت، وأنزلت صلبانها وجرى إحراق نحو 1500 مخطوطة».
من جهته، قال يوسف توما، رئيس أساقفة كركوك والسليمانية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها كارثة، الوضع مأساوي، ونحن نناشد مجلس الأمن التدخل الفوري»، مضيفا أن «عشرات الآلاف من السكان المذعورين هربوا، في لحظة نتحدث فيها عن وضع لا يمكن أن يوصف».
وقال رجل الدين، إن «مدن تلكيف وقراقوش وبرطلة وكرمليس خلت بشكل نهائي من سكانها المسيحيين، وإن النازحين يسلكون الطرق ويستقلون مركبات للوصول إلى نقطة التفتيش في أربيل للدخول إليها». وكان تنظيم «داعش» المتطرف الذي يسيطر على الموصل منذ يومين وجه منتصف يوليو (تموز) إنذارا يمهل المسيحيين الذين يشكلون أقلية بضع ساعات لمغادرة مدينتهم وإلا سيكون مصيرهم التصفية. وكان قد خيرهم بين «اعتناق الإسلام» أو «عهد الذمة»، أي دفع الجزية، مهددا بأنهم «إن أبوا ذلك فليس لهم إلا السيف».
وقبل الاجتياح الأميركي في 2003 كان عدد المسيحيين في العراق يزيد على المليون منهم أكثر من 600 ألف في بغداد و60 ألفا في الموصل، لكنهم كانوا موزعين أيضا في مدينة كركوك الغنية بالنفط (شمال) ومدينة البصرة في الجنوب.
لكن بسبب أعمال العنف الدامية التي هزت البلاد منذ ذلك الحين لم يعد عددهم يربو اليوم على أربعمائة ألف في كل مناطق العراق، نصفهم في نينوى التي تعد الموصل عاصمتها.
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لأول مرة في تاريخ العراق، تفرغ الموصل الآن من المسيحيين»، مضيفا أن «العائلات المسيحية تنزح باتجاه دهوك وأربيل» في إقليم كردستان العراق.
وقال ساكو، إن مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 ألف شخص لثاني أكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها إلى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم «داعش» بيانا يطالبهم بمغادرتها.
وقبيل موجة النزوح من الموصل، شهد الكثير من القرى القريبة من هذه المدينة الاستراتيجية حالات نزوح كبيرة لسكان مسيحيين خوفا من دخول المسلحين المتطرفين إليها، وبينها بلدة برطلة المسيحية التي يعيش فيها نحو 30 ألف شخص وتقع إلى الشمال من الموصل.
وبحسب التقاليد دخلت المسيحية إلى العراق مع القديس توما الرسول أواخر القرن الأول بعد المسيح. والأكثر ترجيحا أن المسيحية في هذه البلاد تعود إلى القرن الثاني بعد المسيح. والكلدان يمثلون الغالبية العظمى من مسيحيي العراق، والكنيسة الكلدانية الكاثوليكية التي تتبع الطقوس الشرقية تعد أكبر الكنائس المسيحية في هذا البلد. كما تعد الكنيسة الكلدانية التي تعتمد اللغة الآرامية، لغة يسوع المسيح، من أقدم الكنائس المسيحية. وهي منبثقة عن العقيدة النسطورية التي تخلت عنها في القرن السادس عشر مع الاحتفاظ بشعائرها. أما بقية الكاثوليك فهم السريان الكاثوليك والأرمن الكاثوليك وكنيسة الكاثوليك اللاتين.
ومن بين المسيحيين من غير أتباع المذهب الكاثوليكي الآشوريون (النساطرة) الأكثر عددا في حين تتوزع البقية بين السريان الأرثوذكس أو الأرمن الأرثوذكس.
وفي ظل نظام صدام حسين لم يكن المسيحيون يعدون مكونا خطرا لأنه لم يكن لديهم طموحات سياسية كبيرة، لكن بعد الغزو الأميركي أصبحت البلاد ساحة معركة بين المتمردين والقوات الأجنبية، ثم استهدفت الطوائف المسيحية التي ربطت «الصليبيين» الغربيين بأعمال عنف طائفية تلت ذلك.
وخلال عشر سنوات هوجمت 61 كنيسة وقتل نحو ألف مسيحي، لكن ليس جميعهم في هجمات استهدفتهم مباشرة، بحسب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو. ووقع الاعتداء الأكثر دموية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2010، عندما قضى 44 مصليا وكاهنان في الهجوم الذين شنه تنظيم القاعدة في العراق والشام على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد. وفي أبريل (نيسان) الماضي تحدث البطريرك ساكو في مقابلة عن تنامي التطرف الديني وتوجيه تهديدات بالموت إلى المسيحيين واستيلاء عصابات مسلحة على ممتلكاتهم مما دفعهم إلى هجرة بلادهم.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.