القوى الأمنية اللبنانية تخفف تدابيرها على مداخل مخيم عين الحلوة الفلسطيني

تحركات احتجاجية على «إعاقة حركة الناس» و«الاتهام الإعلامي» بعد كل حدث

القوى الأمنية اللبنانية تخفف تدابيرها على مداخل مخيم عين الحلوة الفلسطيني
TT

القوى الأمنية اللبنانية تخفف تدابيرها على مداخل مخيم عين الحلوة الفلسطيني

القوى الأمنية اللبنانية تخفف تدابيرها على مداخل مخيم عين الحلوة الفلسطيني

خفف الجيش اللبناني، أمس، تدابيره الأمنية المشددة التي اتخذها على حركة الدخول والخروج إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا بجنوب لبنان، بعد اغتيال وزير المالية الأسبق محمد شطح، وورود معلومات عن أن السيارة المفخخة كانت دخلت المخيم بعد سرقتها من ساحل الشوف.
وقالت مصادر فلسطينية في المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتصالات التي قادتها فعاليات فلسطينية، أبرزها من قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور، أثمرت عن «تخفيف الإجراءات المشددة، بعد يومين من التدابير على حركة الداخلين والخارجين إلى المخيم».
وأكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات الأمنية «تتشدد في ظروف معينة، وتعود إلى طبيعتها في وقت لاحق»، مشيرا إلى أن التدابير الأخيرة «اتخذت في ضوء معلومات أمنية مرتبطة بالتفجير الذي استهدف الوزير شطح، وقضايا أمنية أخرى قبل اغتياله».
وكانت تقارير أفادت بأن مديرية المخابرات في الجيش استجوبت أشخاصا وردت أسماؤهم في قضية إدخال السيارة المسروقة المستخدمة في تفجير وسط بيروت، يوم الجمعة الماضي، وأطلقت سراحهم. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة فتح سلمت قائد (كتيبة شهداء شاتيلا)، العقيد طلال الأردني، إلى مخابرات الجيش للاستماع إلى إفادته على خلفية السيارة المسروقة التي استخدمت في تفجير ستاركو أول من أمس، بعد طلبه، واستجوب اليوم (أمس)»، مشيرة إلى أنه كان «متوقعا أن يطلق سراحه مساء اليوم (أمس)».
وشهد المخيم، منذ الجمعة الماضي، إجراءات أمنية مشددة اتخذتها وحدات الجيش، تضمنت تفتيشا دقيقا للسيارات وللعابرين إلى المخيم، مما دفع قيادات فلسطينية للاتصال بمديرية المخابرات في الجنوب، طالبة منها التخفيف من التدابير «تسهيلا لحركة سكان المخيم».
وأكد اللواء صبحي أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»، أن مدير المخابرات في الجنوب العميد علي شحرور «تجاوب مع مطلبنا لتخفيف الإجراءات التي شهدت تسهيلا أمس»، مشيرا إلى أن التدابير المشددة «عطلت أعمال السكان الذين يخرجون ويدخلون إلى المخيم، نظرا للضغط الكبير على الحركة»، لافتا إلى أنه «جرى اتصال بيني وبين عضو كتلة (المستقبل) النائب بهية الحريري التي ساهمت وساطتها أيضا في تسهيل الأمور وتخفيف التدابير».
وجدد أبو عرب تأكيده أن «أمن الفلسطينيين من أمن اللبنانيين»، مشيرا إلى أن هناك تواصلا مستمرا مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، كما أن هناك تعاونا كبيرا مع السلطات اللبنانية.
وكانت مصادر فلسطينية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الفصائل الفلسطينية كافة تؤكد أن المخيمات تحت سلطة القانون، وتتعاون مع القوى الأمنية اللبنانية، مشيرة إلى أن «القوى الإسلامية في عين الحلوة أيضا، تعبر عن التوجه نفسه».
ووصفت مصادر فلسطينية التدابير التي اتخذها الجيش على مداخل مخيم عين الحلوة، بأنها «الأكثر تشددا منذ التدابير التي اتخذها بالتزامن مع معارك مخيم نهر البارد مع جماعة فتح الإسلام المتشددة في عام 2007»، مشيرة إلى أن جميع السيارات التي تدخل إلى المخيم وتخرج منه «تخضع لتفتيش دقيق، وتفتيش عن هويات المارين، فضلا عن تسجيل أسمائهم». وقالت إن تلك الإجراءات «أجبرت الناس على الوقوف نحو ساعة أمام الحاجز، مما أعاق حركة السكان الذين يخرجون من المخيم يوميا بأعداد كبيرة ويدخلون إليه».
وبموازاة هذه التدابير، اعتصم العشرات من اللاجئين الفلسطينيين عند المدخل الجنوبي لمخيم عين الحلوة مقابل بلدة درب السيم - قضاء صيدا، احتجاجا على التدابير التي اتخذها الجيش اللبناني عند الحاجز. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن المسؤول الإعلامي لحركة حماس في الجنوب أبو أحمد فضل، اتصل بقيادة الجيش في الجنوب، داعيا إلى «تخفيف هذه الإجراءات من أجل مصلحة اللاجئين الفلسطينيين وتأمين سلامتهم، لا سيما أن هؤلاء يذهبون إلى أعمالهم لتأمين لقمة عيشهم»، مؤكدا «التعاون بين الفلسطينيين وقيادة الجيش وأن أمن لبنان من أمن الفلسطينيين».
وقالت مصادر فلسطينية إن الاعتصامات أيضا، جرت احتجاجا على وسائل الإعلام المحلية «التي اتهمت المخيم بعد ساعات قليلة من التفجير، وحاكت سيناريو يبعث عن القلق»، رغم التعاون الكبير للفلسطينيين مع الجهات الأمنية اللبنانية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.