44 نائبا عراقيا يستقيلون بعد اقتحام ساحة الاعتصام في الرمادي

اتصالات لتطويق الأزمة.. و44 من نواب «العراقية» يستقيلون

مسلحون يشتبكون مع قوات الأمن في مدينة الرمادي بعد اقتحام ساحة الاعتصام في المدينة (أ.ف.ب)
مسلحون يشتبكون مع قوات الأمن في مدينة الرمادي بعد اقتحام ساحة الاعتصام في المدينة (أ.ف.ب)
TT

44 نائبا عراقيا يستقيلون بعد اقتحام ساحة الاعتصام في الرمادي

مسلحون يشتبكون مع قوات الأمن في مدينة الرمادي بعد اقتحام ساحة الاعتصام في المدينة (أ.ف.ب)
مسلحون يشتبكون مع قوات الأمن في مدينة الرمادي بعد اقتحام ساحة الاعتصام في المدينة (أ.ف.ب)

في حين عد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، رفع خيم المعتصمين من ساحة الاعتصام في الرمادي، كبرى ساحات المحافظات الخمس الغربية المنتفضة، أمس، أكبر ضربة توجه إلى تنظيم القاعدة - علق أربعة نواب ينتمون إلى «القائمة العراقية» عضويتهم في البرلمان احتجاجا على العملية.
وقال بيان صادر عن مكتب المالكي خلال لقائه عددا من شيوخ العشائر، إن «العمليات العسكرية الجارية في الأنبار وحدت العراقيين خلف القوات المسلحة، وهذا هو عنوان الانتصار الحقيقي». وأضاف المالكي أن «عمليات الأنبار هي أكبر ضربة لـ(القاعدة) التي خسرت ملاذها الآمن في مخيمات الاعتصام، وهو أمر واضح ومعروف لدى الجميع، ومعلن في وسائل الإعلام، من خلال تهديدات أعضاء هذا التنظيم الإرهابي من داخل هذه المخيمات». وأشاد المالكي «بدور العشائر العراقية وموقفها الوطني الداعم للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية». من جهتها، دعت رئاسة إقليم كردستان الحكومة العراقية والمحتجين في الأنبار إلى الحوار والتفاهم من أجل إنهاء المواجهات الحالية هناك.
وقال أوميد صباح، المتحدث الرسمي باسم ديوان رئاسة الإقليم، في تصريح: «إن الأحداث الأخيرة في محافظة الأنبار مثيرة للقلق، وبالأخص الهجوم على منزل عضو مجلس النواب أحمد العلواني ومقتل شقيقه علي العلواني، ونحن نتابع باهتمام الاستقرار وأمان المواطنين في تلك المحافظة. ونأمل أن تنتهي مشاكل محافظة الأنبار في أسرع وقت، مناشدين الجميع الاحتكام إلى الحل السلمي والحوار والتفاهم من أجل إنهاء تلك المشاكل». وأضاف: «كما نعلن أنه لا يجوز الخلط بين محاربة الإرهاب والمطالب المشروعة لمواطني المحافظة، وينبغي الإصغاء إلى تلك المطالب وإيجاد الحلول مناسبة لها». وفي حين قلل ائتلاف «دولة القانون»، الذي يتزعمه المالكي، مما يمكن أن تتسبب فيه أزمة الأنبار من تداعيات مستقبلية على العملية السياسية في البلاد - فإن «القائمة العراقية» تدرس خيارات عدة، من بينها الانسحاب من العملية السياسية. وفي هذ السياق تقدم 44 نائبا من القائمة باستقالاتهم احتجاجا على العملية، مطالبين بسحب الجيش من المدن وإطلاق سراح النائب أحمد العلواني الذي اعتقل السبت الماضي. وأعلن النائب ظافر العاني في بيان تلاه في مؤتمر صحافي وإلى جانبه رئيس البرلمان أسامة النجيفي «قدم أعضاء مجلس النواب من قائمة المتحدون للإصلاح استقالاتهم»، معلنا أسماء النواب الـ44 .
وكانت «القائمة العراقية» قد هددت بالانسحاب من العملية السياسية في وقت كان وفد منها اجتمع أول من أمس في أربيل مع المجمع الفقهي العراقي وعدد من قادة الحراك الشعبي لاتخاذ موقف مما يجري. وفي هذا السياق، فقد طالب المجمع الفقهي العراقي لكبار علماء الدعوة والإفتاء في العراق جميع ممثلي المكون السني «بالانسحاب من وثيقة الشرف»، وحرم المشاركة في العمليات العسكرية في الأنبار. وطالب المجمع، في بيان أمس، جميع القيادات السنية بـ«الاجتماع من أجل الخروج بقرارات تحدد مصير هذا المكون، وعلى السياسيين إعادة تقييم مشاركتهم السياسية ومراجعتها، وعلى شيوخ العشائر ووجهاء الأنبار منع أولادهم من المشاركة في هذه الحرب»، داعيا المراجع الشيعية إلى «بيان موقفها، مما يتعرض له أهل السنة من حملات عسكرية واعتقالات عشوائية بحجة مكافحة الإرهاب».
من جهته، طالب المرجع السني البارز، الشيخ عبد الملك السعدي، الحكومة العراقية بالتهدئة، داعيا أهالي الأنبار، في الوقت نفسه، إلى الدفاع عن أنفسهم. ووصف السعدي اقتحام الحكومة ساحة الاعتصام بأنها «أكبر دليل على نواياها السيئة». وأضاف السعدي: «أطالبها بالتهدئة وإطفاء نار الحرب بين الشعب الواحد». ووجه السعدي نداء «للجيش والقوات المسلحة بعدم الاستجابة لأوامر تزجكم في أتون الحرب». من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف «دولة القانون»، علي الشلاه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذي حصل كان جزءا من ترتيب جرى الاتفاق عليه بين رئيس الوزراء وشيوخ عشائر الأنبار لإزالة الخيم التي تحولت إلى بؤر للفتنة، لأن الحد الفاصل في أي عمل أو حراك جماهيري هو السلمية التي كفلها الدستور ولا غبار عليها»، مشيرا إلى أن «ساحة اعتصام الرمادي اختطفت، ولم تتمكن الجهات التي تولت الأمر من المحافظة على سلميتها، ولذا تحولت إلى فتنة، إذ جرى العثور أثناء الاقتحام على سيارات مفخخة وأسلحة وأحزمة ناسفة وغيرها». وأوضح أن «شيوخ عشائر الأنبار ممن كانوا يأتون إلى المالكي ويطالبون بتحقيق المطالب المشروعة لهم كانوا يشكون من الساحات التي ترفض تحقيق المطالب، ومن هنا فإن عملية التهويل الإعلامي يقصد منها التغطية على عمل باركه أهالي الأنبار قبل الآخرين». وبشأن ما يمكن أن تعمله الحكومة على صعيد تعويض أهالي الأنبار، قال الشلاه إن «رئيس الوزراء وعد الشيوخ ومجلس المحافظة بالبدء بعملية إعمار وبناء الأنبار بعد أن كانت مختطفة من قبل الإرهابيين».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.