إسرائيل تنسحب من غزة.. بعد مقتل أكثر من 1880 فلسطينيا ونزوح ربع مليون

طواقم الأنقاض تنتشل المزيد من الضحايا.. والأمم المتحدة تجتمع اليوم لبحث الأوضاع

أفراد عائلة فلسطينية يبكون من هول الصدمة بعدما عادوا لمنزلهم في بيت حانون أمس الذي تعرض لأضرار جسيمة جراء الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
أفراد عائلة فلسطينية يبكون من هول الصدمة بعدما عادوا لمنزلهم في بيت حانون أمس الذي تعرض لأضرار جسيمة جراء الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
TT

إسرائيل تنسحب من غزة.. بعد مقتل أكثر من 1880 فلسطينيا ونزوح ربع مليون

أفراد عائلة فلسطينية يبكون من هول الصدمة بعدما عادوا لمنزلهم في بيت حانون أمس الذي تعرض لأضرار جسيمة جراء الغارات الإسرائيلية (أ.ب)
أفراد عائلة فلسطينية يبكون من هول الصدمة بعدما عادوا لمنزلهم في بيت حانون أمس الذي تعرض لأضرار جسيمة جراء الغارات الإسرائيلية (أ.ب)

أكملت القوات الإسرائيلية انسحابها من قطاع غزة، أمس، وتمركزت خارج الشريط الحدودي، مع دخول وقف إطلاق النار ضمن هدنة إنسانية تستمر 72 ساعة دخلت حيز التنفيذ صباح أمس. وفي الوقت الذي هنأ فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جيشه على عملية تدمير الأنفاق، أعلنت حماس من جهتها هزيمة إسرائيل، فيما طالبت السلطة الفلسطينية من العالم مد جسور جوية وبرية وبحرية لمساعدة الناس في القطاع، وطالبت بإعلان القطاع منطقة منكوبة.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر، إن القوات البرية انسحبت بشكل كامل قبل الموعد المقرر لبدء سريان الهدنة. وأضاف: «قوات الدفاع سيعاد نشرها في مواقع دفاعية خارج قطاع غزة وستحتفظ بتلك المواقع».
وشوهدت الدبابات والآليات الإسرائيلية وهي تتراجع إلى خارج غزة وتعيد تموضعها حتى وقت متأخر من أمس.
وجاء الانسحاب الإسرائيلي بعد أن أنهت القوات البرية تدمير أنفاق تابعة لحركة حماس. وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون، إنه جرى تدمير 32 نفقا وعشرات من الخنادق قبل الموعد المقرر لبدء سريان الهدنة.
وهنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، في بيان صادر عن مكتبه، الجيش الإسرائيلي والشاباك (الأمن العام) على «إنهاء عمليات تحييد (تدمير) الأنفاق الإرهابية في قطاع غزة». وتابع: «العملية العسكرية وجهت ضربة إلى المنظومة الاستراتيجية التي استثمرت فيها حماس جهدا هائلا على مدار سنين، ومثلما قلت في بداية العملية العسكرية فإنه لا يوجد ضمان لنجاح بنسبة 100 في المائة، لكننا فعل كل ما بوسعنا من أجل تحقيق أكبر ضرر بالأنفاق».
وكانت إسرائيل وحماس تبادلتا الهجمات قبل دقائق من بدء موعد سريان الهدنة وقصفت إسرائيل مواقع في غزة وأطلقت حماس صواريخ على القدس ومدن أخرى.
وأظهر الانسحاب الإسرائيلي من غزة إلى أي حد تعرض القطاع إلى دمار كبير. وذهل الفلسطينيون العائدون إلى منازلهم في شمال وجنوب القطاع من حجم الدمار الكبير الذي أحال أحياء كاملة إلى أثر بعد عين.
وفي غضون ذلك، انتشلت الطواقم الطبية 15 فلسطينيا من تحت الأنقاض في مناطق متفرقة من القطاع. وقال وزير الشؤون الاجتماعية رئيس غرفة الطوارئ المركزية الحكومية، شوقي العيسة، إن «العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة أوقع منذ بدأ في الثامن من يوليو (تموز) الماضي ما يقارب من 1881 شهيدا ثلثهم من الأطفال 430 كما قتلت 243 امرأة و79 مسنا».
وأوضح في بيان أن «عدد الجرحى بلغ 9570 جريحا، بينهم 2877 طفلا و1853 امرأة و374 مسنا». واستنادا لمعطيات وزارة الصحة، فإن 153 من جرحى العدوان لا يزالون تحت العناية المركزة في مستشفيات القطاع المختلفة.
كما خلف العدوان تدمير ما يزيد على عشرة آلاف منزل ومسجد بشكل كامل، ونحو 30000 بشكل جزئي.
وفي هذا السياق، أكدت الأمم المتحدة أن عدد النازحين بلغ 267 ألفا و970 شخصا لجأوا إلى تسعين مدرسة تديرها الأمم المتحدة، وهو عدد بدأ في الانخفاض مع عودة بعض العائلات إلى منازلها.
وفي إسرائيل، أقر الجيش بمقتل 64 جنديا في أسوأ حصيلة منذ حربه على «حزب الله» اللبناني في 2006، إضافة إلى ثلاثة مدنيين أحدهم تايلاندي قتلوا بقذائف صاروخية. وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن 3360 قذيفة أطلقت من قطاع غزة منذ بداية الهجوم ونجحت في السقوط في إسرائيل، بينما اعترض نظام «القبة الحديدية» المضاد للصواريخ 578 صاروخا. بينما قال الجيش إنه ضرب نحو 5000 آلاف هدف في القطاع.
وعد قائد المنطقة الجنوبية الميجر جنرال سامي ترجمان بأن الاختبار الأكبر يتمثل باستتباب الهدوء في قطاع غزة لفترة طويلة من الزمن. وقال: «يجب منع حماس بكل وسيلة من إعادة حفر الأنفاق حتى إذا اقتضى ذلك الدخول مجددا إلى القطاع لتدمير هذه الأنفاق». وأعرب عن اعتقاده أن عملية الجيش عززت قدرة الردع الإسرائيلية بشكل كبير.
ومن جانبها، أعلنت حماس هزيمة إسرائيل، وقال الناطق باسم الحركة، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «فشل» 100 في المائة في عدوانه على قطاع غزة. وأضاف في بيان صحافي: «ما زال بوسعنا الكثير لنفعله».
ومن جانبها، قالت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، في بيان: «إن فصول المعركة مستمرة، ولن تنتهي حتى يذعن العدو لكافة حقوق شعبنا ومطالبه العادلة». وأضافت: «إننا نتعامل مع المرحلة الحالية كمرحلة مؤقتة، وسلوك العدو هو الذي يحدد سير المعركة ومآلاتها، وتوجهاتنا في الأيام المقبلة مرهونة بتحقيق تطلعات شعبنا التي لا مجال لتجاوزها».
وأوضحت: «مجاهدونا ما زالوا في حالة استنفار واستعداد وترقب، وهم على أهبة الاستعداد للقيام بدورهم بحسب ما تقرره قيادة المقاومة لمصلحة شعبنا المرابط».
من جهة أخرى، تعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (الأربعاء) «اجتماعا غير رسمي» لأعضائها الـ193 حول الوضع في قطاع غزة، وستستمع خلاله إلى إفادات الكثير من كبار المسؤولين الأمميين، من بينهم المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي ورئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بيار كرينبول ومنسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».