«العفو الدولية» تتهم جيش نيجيريا بارتكاب انتهاكات فظيعة

قالت إنه نفذ عمليات إعدام خارج القانون.. والجيش يفتح تحقيقا

«العفو الدولية» تتهم جيش نيجيريا بارتكاب انتهاكات فظيعة
TT

«العفو الدولية» تتهم جيش نيجيريا بارتكاب انتهاكات فظيعة

«العفو الدولية» تتهم جيش نيجيريا بارتكاب انتهاكات فظيعة

اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش النيجيري والميليشيات المدنية التي تؤازره بارتكاب «انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان» في حربه ضد جماعة بوكو حرام المتشددة، في شمال شرقي البلاد.
وقالت المنظمة الحقوقية غير الحكومية اليوم (الثلاثاء) إنها حصلت خلال مهمة قامت بها أخيرا في ولاية بورنو على أشرطة فيديو وصور وإفادات شهود توفر «أدلة جديدة على عمليات إعدام خارج إطار القضاء وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» ارتكبها جنود ومجموعات مسلحة أخرى.
وأوضحت المنظمة أن التسجيلات تتضمن صورا لمعتقلين ذُبحوا وألقيت جثثهم في مقابر جماعية «على أيدي رجال ينتمون على ما يبدو إلى الجيش النيجيري وميليشيات القوة المدنية للجيش، المدعومة من الدولة».
وأظهرت مقاطع الفيديو والصور والشهادات التي جمعتها المنظمة الجنود وهم يقومون بعمليات إعدام خارج نطاق القانون لـ16 شابا وصبيا يتعرضون للذبح أو لطلقات نارية في الرأس ثم يجري دفنهم في مقابر جماعية.
وقال سليل شيتي الأمين العام للمنظمة: «هذه ليست صورا نتوقعها من حكومة تعتزم أداء أبرز الأدوار في أفريقيا».
وأضاف أن المنظمة حصلت من جهة أخرى على شريط فيديو يظهر نتائج غارة شنتها بوكو حرام على قرية قتلت خلالها نحو 100 شخص ودمرت عددا كبيرا من المساكن.
وسارع الجيش إلى التعليق على بيان منظمة العفو. وقال في بيان إنه يأخذ «بكثير من الجدية المزاعم الخطيرة» لمنظمة العفو والتي تمس بـ«نزاهة عملية مكافحة الإرهاب الحالية».
وأكد الجيش أنه شكل لجنة تضم عددا من كبار الضباط وخبراء القانون والطب الشرعي لدرس التسجيلات و«مزاعم الانتهاكات بغية التحقق من صحة هذه التأكيدات وتحديد المسؤولين عن هذه الأفعال».
وأضاف البيان أن «غالبية المشاهد الواردة في تسجيلات الفيديو غريبة عن عمليتنا، ويجب أن تدرس لضمان أن لا تدس مثل هذه الممارسات خلسة في النظام».
وبحسب منظمة العفو الدولية فإن أكثر من أربعة آلاف شخص قتلوا منذ مطلع العام في النزاع الدائر بين بوكو حرام والجيش النيجيري. ولا تتضمن هذه الحصيلة أكثر من 600 شخص أعدموا تعسفيا بعد هجوم على ثكنة في 14 مارس (آذار) في مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو.
وسبق لمنظمة العفو ومنظمات حقوقية محلية أن اتهمت الجيش والشرطة النيجيريين بتنفيذ عمليات إعدام ميدانية وبارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة، ولكن السلطات تنفي دوما هذه الاتهامات.
وأخيرا أعلنت الشرطة النيجيرية أنها أدخلت في مناهج كلياتها مواد تتناول حقوق الإنسان.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.