تعيش المناطق المحيطة ببلدة عرسال حالة من الحذر الشديد والاستنفار، نتيجة اقتراب المعارك من القرى والبلدات ذات الغالبية الشيعية والمسيحية، فيما أفادت معلومات لـ«الشرق الأوسط» أن حزب الله حشد عددا كبيرا من مقاتليه في هذه القرى تحسبا لامتداد المواجهات إليها، كما أوضحت مصادر ميدانية أن الحزب لم يتدخل بعد في هذه المعركة على الرغم من عنفها، تاركا المهمة لوحدات الجيش اللبناني.
في المقابل، قال الخبير العسكري، المقرب من «حزب الله» العميد المتقاعد أمين حطيط إن حزب الله وعلى خلاف بعض المعلومات التي أشارت إلى مشاركته في القتال إلى جانب الجيش ضد المسلحين في عرسال، إنه «طالما أن الجيش قادر على منع تمدد المسلحين إلى القرى الشيعية القريبة من عرسال في البقاع، فإن حزب الله لن يتخذ قراره بالتدخل. وأوضح أنه إذا عجز الجيش عن استيعاب الهجوم فعندها لن يقف الحزب مكتوف اليدين، واستعداداته كاملة للدفاع عن مناطقه إذا تفلت الإرهاب ووصل إلى بعلبك والهرمل في البقاع»، وهي المعلومات التي تقاطعت مع ما أعلنه رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، أمس، قائلا: «علينا أن نكون جاهزين ومن يهدد بانقسام الجيش والخروج عنه نقول لهم ليس لبنان ولا البقاع هو الموصل، ولن نسمح بهدم مسجد أو كنيسة أو حسينية أو مقام وسندافع بكل ما أوتينا من قوة».
ورأى مصطفى عبدو، العضو السابق في مجلس بلدية اللبوة (ذات الغالبية الشيعية) أن ما يجري في عرسال هو نتيجة سقوط القصير والقلمون وسيطرة المسلحين على المنافذ الحدودية مع سوريا وفرض واقع أمني جديد على عرسال الملاذ الآمن للمسلحين والمهربين والتجار وعصابات القتل والخطف الذين قاموا بأعمال موثقة واعتداءات على الجيش اللبناني عام 2013 وعلى شباب من آل جعفر وأمهز وخطف العمال السوريين واللبنانيين من أجل فدية مالية».
وردا على سؤال حول مشاركة عناصر من حزب الله في الميدان، قال إن الجيش اللبناني يحظى بتأييد شعبي ومساندة من الأهالي للدفاع عن منازلهم وقراهم بالمرابطة على حدود بلداتهم خشية تسلل المسلحين إليها والعبث بأمنها. وتحدث عن دور لحزب الله من الناحية السورية لجهة الحدود، حيث يتدخل حزب الله إلى جانب الجيش السوري لتضييق الخناق على المسلحين في مناطق ميرا ووادي الخيل ورأس المعرة والشعرة والزمراني وخربة يونين.
ميدانيا، تواصلت عمليات النزوح من بلدة عرسال أمس، حيث أفيد عن خروج آلاف المدنيين من الرجال والنساء والأطفال الذين استغلوا الهدوء الليلي، فيما تكاثرت الشائعات عن انسحاب ملحوظ للمسلحين من شوارع البلدة وأزقتها باتجاه الجبال الشرقية بعد قيامهم بعمليات سلب ونهب وتصفيات واعتداء على الأهالي لمنعهم من مغادرة البلدة، فيما أفيد عن مقتل خمسة أطفال ثلاثة منهم من أبناء عائلة واحدة لدى محاولتهم الخروج من البلدة مع والدهم علي الحجيري بالإضافة إلى أبناء حسن حسين الحجيري الذين قتلوا مع والدهم.
وخيمت على عرسال حالة من الفوضى والتصفيات والإعدامات الميدانية التي يقوم بها المسلحون بحق من تربطهم صلة بمؤسسات الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية. ومع احتدام المعارك طلب الجيش اللبناني من الإعلاميين الابتعاد عن مداخل عرسال إلى أماكن آمنة خشية تعرضهم لإطلاق نار من قبل المسلحين. ويصف أحد أبناء البلدة الدكتور أديب الحجيري (60 عاماً) ما يجري في عرسال بالكارثة بعد سيطرة المسلحين بشكل كامل على البلدة. وقال: «لم يبق أمامنا سوى الجيش الملاذ الوحيد لتخليص عرسال بما تتخبط به حالياً»، وأضاف: «لقد تمكنت من الخروج مع أرتال من السيارات مع من يرفضون ممارسات المسلحين وبعدما شعر هؤلاء بأن البلدة ستوشك على الفراغ من أبنائها أقدموا على منع اللبنانيين من الخروج لاستخدامهم دروعا بشرية». وناشد الدولة بالعمل على تحرير عرسال من قبضة المسلحين ومحاكمة كل من أوصل عرسال إلى هذه الحال. أما المهندس ح. سمعان فقال: «هذه المنطقة التي تعيش المحبة والسلام والعيش الواحد دخلت إليها ثقافة غريبة عن أبنائها تدعو للفتنة والتمذهب. نحن سنبقى متجذرين في أرضنا لن يستطيع أي أحد أن ينتزعها منا أو يقتلعنا من أرضنا».
محمد الحجيري (40 عاماً) و(هو من عرسال)، أكد على علاقة حسن الجوار مع الجيران «الذين تربطنا بهم علاقات جيدة وهؤلاء أبقى لنا من هذه العصابات المسلحة الذين فتحوا لنا منازلهم وعرضوا على أهلنا الاستضافة في منازلهم». وأشار إلى أن الغالبية من أبناء البلدة خرجوا من عرسال ولم يتبق من أصل 40 ألف لبناني سوى 15 ألف للدفاع عن منازلهم ومحلاتهم التجارية.
نازحون من عرسال لـ {الشرق الأوسط}: المسلحون أطلقوا النار على المغادرين خوفا من فراغ البلدة
«حزب الله» يحشد عناصره في القرى الشيعية والمسيحية تحسبا لامتداد المعارك
نازحون من عرسال لـ {الشرق الأوسط}: المسلحون أطلقوا النار على المغادرين خوفا من فراغ البلدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة