عمرو موسى: لن نسمح بدويلات متطرفة على حدود مصر الغربية

رئيس برلمان ليبيا ينحاز للإسلاميين في معركة مطار طرابلس

عمرو موسى
عمرو موسى
TT

عمرو موسى: لن نسمح بدويلات متطرفة على حدود مصر الغربية

عمرو موسى
عمرو موسى

في تطور لافت، دعا عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إلى نقاش مجتمعي يمهد للرأي العام المصري لاحتمال استخدام القاهرة «حق الدفاع عن النفس» ضد الفصائل المتطرفة في ليبيا على الحدود الغربية لبلاده، فيما بدا تلويحا بتدخل عسكري مصري في بنغازي (شرق ليبيا). وقال الدكتور أحمد كامل المتحدث باسم موسى لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «التهديد الذي تمثله إقامة دويلات على الحدود المصرية لم يعد نظريا؛ ويعد تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري يستدعي تهيئة المصريين حال اضطرت مصر للتدخل حفاظا على أمنها القومي».
وقال موسى، الذي ترأس في وقت سابق الهيئة الاستشارية للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حملته الانتخابية، في بيان أصدره أمس، إن الوضع في ليبيا مصدر قلق كبير لمصر ودول الجوار الليبي وللعالم العربي على اتساعه، مشيرا إلى أن ما سماه «المطامع الخارجية» أدت إلى اضطراب الوضع وإفشال انتفاضة الشعب الليبي من أجل الحرية والديمقراطية وبناء ليبيا الجديدة.
ودعا موسى، رئيس اللجنة التي صاغت الدستور المصري، إلى نقاش واسع لتوعية الرأي العام في مصر بالمخاطر القائمة، ولبناء التأييد اللازم في حالة اضطرار بلاده لاستخدام حق الدفاع عن النفس، مشيرا إلى أن إعلان الدويلات الطائفية داخل الدول العربية تطور سلبي وخطير ويشكل تهديدا للسلم والأمن والاستقرار في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وجوارها.
وتأتي دعوة موسى بعد يوم واحد من مباحثات جرت في القاهرة بين الرئيس السيسي ورئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي الذي يترأس حاليا الاتحاد الأوروبي. وشملت تلك المباحثات تطور الأوضاع الأمنية في ليبيا. وكانت اشتباكات قد اندلعت في طرابلس الغرب وفي مدينة بنغازي شرق البلاد منذ الأسبوع الماضي وسط الخوف من انزلاق ليبيا من جديد إلى الحرب الأهلية بعد ثلاث سنوات على الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمعمر القذافي. وعجزت الحكومة المركزية والجيش في ليبيا عن السيطرة على الكتائب المسلحة شبه الرسمية، التي تدفع لها وزارات الدولة، وتسيطر على مخازن هائلة من الصواريخ والدبابات والأسلحة من عهد القذافي.
وفي بنغازي، تحالف مقاتلون إسلاميون وثوار سابقون لمحاربة القوات الحكومية واحتلوا قاعدة عسكرية للقوات الخاصة في الأسبوع الماضي وطردوا الجيش إلى خارج حدود المدينة.
وقال موسى في بيانه إن «الدويلات والطوائف والفصائل المتطرفة في ليبيا تهدد أمن مصر القومي تهديدا مباشرا»، داعيا الشعب الليبي وعقلاءه إلى وقف استهداف المصريين وحمايتهم وتسهيل عودتهم إلى مصر.
واضطر عاملون مصريون في غرب ليبيا إلى الفرار باتجاه معبر رأس جدير على الحدود الليبية التونسية بعد استعار المعارك في العاصمة الليبية طرابلس. وقالت الخارجية المصرية إنها أجرت الاتصالات اللازمة مع السلطات الليبية وزعماء العشائر لتوفير التأمين اللازم للمصريين الموجودين على الجانب الليبي من الحدود مع تونس. وقال الدكتور كامل إن «موسى يقيم الوضع في ليبيا تقييما دقيقا، ويدرك قدر المخاطر التي تمثلها إقامة دويلات طائفية على الأمن القومي لدول الجوار الليبي، وعلينا أن نشرح للرأي العام المصري هذه المخاطر لكي نعده لاحتمال تدخل مصري مباشر».
وأضاف المتحدث باسم موسى أن النقاش في مصر كان يدور بشأن «تهديدات نظرية محتملة للأمن القومي؛ لكننا نواجه الآن خطر حقيقيا لم يعد محتملا، ولم يعد بعيدا».
ونفى كامل علمه إذا ما كان موسى قد أجرى مشاورات مع جهات رسمية مصرية قبل إصدار البيان، قائلا: «ليس لي علم بذلك، لكن الرئيس السيسي خلال حملته الانتخابية سبق أن لمح إلى ذلك الاحتمال». وعن أسباب دعوة موسى إلى تحرك منفرد لبلاده من دون مظلة الجامعة العربية، قال كامل: «إننا بصدد خطر مباشر يهدد الأمن القومي، وكل الدول المحيطة بمناطق توتر تمثل تهديدا لأمنها تفعل ذلك».
وتباينت ردود الفعل في القاهرة على مبادرة موسى، وبينما حذر الدكتور محمد السعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، من تدخل مصري مباشر في ليبيا خشية انجرار القاهرة لما وصفه بـ«المستنقع الليبي»، قال فريد زهران، نائب رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن «الدور المصري بات ضروريا لكنه يتحدد بالاتجاه الغالب على إرادة الليبيين، حتى إذا ما تطلب الأمر تدخلا سياسيا عسكريا بالمعنى الواسع للكلمة»، على حد قوله.
وقال إدريس، الذي شغل منصب أمين لجنة الشؤون العربية في البرلمان السابق، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «من حق مصر ومن واجبها أن تستنفر قواتها على الحدود الليبية لمواجهة أي محاولة للمساس بأراضيها، لكن توجيه ضربة استباقية يجر مصر إلى مستنقع يفوق قدرتها». معربا عن اعتقاده أن لدى القاهرة وسائل وأدوات ضغط سياسية عديدة تمكنها من العمل دون الحاجة لتحرك عسكري استباقي.
من جانبه، قال زهران إن الدور المصري في ليبيا بات ضرورة ملحة تفرضها ضرورات حماية الأمن القومي، وعلى القاهرة أن تلعب دورا في بناء الاستقرار في ليبيا، لافتا إلى أن هذا الدور يتحدد وفق مقتضى الحال، بداية من تحرك سياسي، أو سياسي عسكري.
وأوضح زهران: «نحن نتحدث عن دور عسكري بالمعني الواسع، بما يتضمنه هذا من إمكانية توفير دعم لوجيستي وحتى التحرك المباشر»، محذرا من مغبة أن يكون التحرك المصري من دون بناء تأييد دولي، مشيرا إلى وجود أطراف إقليمية لن يسعدها مثل هذا التحرك كـ«إسرائيل وتركيا وإيران».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».