«كنت في الخامسة من العمر وأصبحت يتيمة. لا أعرف ماذا يعني حب الأم أو حب الأب. فقدت شقيقي الذي كان يبلغ من العمر عشر سنوات وشقيقتي التي كانت في الثانية من العمر.. قالت جدتي: لا تنسي أبدا. مرت سنوات طويلة لكنني ما زلت أتذكر».
بهذه الكلمات تصف كريستينا غيل وهي ناجية من عمليات إبادة آلاف من غجر الروما في بولندا خلال الحرب العالمية الأولى، حال حياتها، وعبرت غيل البالغة من العمر 76 عاما عن معاناة عائلتها بقولها «أطلب منكم ألا تنسوا».
يأتي حديث السيدة التي كانت وجدتها الوحيدين الناجيين من عائلتها التي تتكون من 49 شخصا، بعد سبعين عاما على قتل الجيش الألماني النازي الآلاف ببلدة شوروفا الصغيرة الواقعة جنوب شرقي بولندا. في الثالث من أغسطس (آب) 1943.
هذا التاريخ يرتدي طابعا رمزيا كبيرا لغجر الروما، ويقول رومان كفياتكوفسكي رئيس رابطة غجر الروما في بولندا أمام نصب الضحايا الغجر في معتقل اوشفيتز بأن هذا المكان «يرمز إلى كل معاناة غجر الروما والسينتي في تلك الفترة»، مضيفا: «نتوحد هنا في الألم في ذكرى الضحايا. هنا نعزز قوتنا كشعب ليس فقط في ماضينا بل ومن أجل مستقبلنا أيضا».
وأحيا أكثر من ألف شخص قدموا من 25 دولة أوروبية ذكرى غجر الروما الذين كانوا ضحايا حملة إبادة في عهد النازيين.
وفي ألمانيا، كرم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الألماني يواخيم جاوك أمس، الجنود الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى، وذلك خلال مراسم أقيمت بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان ألمانيا الحرب ضد فرنسا.
واجتمع الرئيسان في القمة الجبلية المعروفة باسم «هارتمانسويليركوبف» في منطقة ألزاس التي تقاتلت فرنسا وألمانيا من أجلها على مدى قرون.
وفي عام 1915، قتل نحو 30 ألف جندي فرنسي وألماني أثناء القتال من أجل السيطرة على القمة الصخرية الاستراتيجية التي تعرف باسم «فيل أرمان» بالفرنسية.
وشمل جدول أعمال أمس مراسم لوضع أكاليل من الزهور ووضع حجر الأساس لنصب تذكاري جديد فرنسي ألماني.
والحدث المشترك الذي يقام أمس الأحد هو واحد من الكثير من المراسم التذكارية التي تحيي الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية (1914 - 1918).
ويجتمع 20 من رؤساء الدول والحكومات من مختلف أنحاء أوروبا في مدينة ليج البلجيكية اليوم في ذكرى اليوم الذي انتهكت فيه ألمانيا حياد بلجيكا وغزت أراضيها.
وتليت رسالة من الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي بمناسبة هذا اليوم الدولي لذكرى محرقة غجر الروما.
وقال في رسالته بأن «واجبنا هو أن نتذكر ضحايا فاراجيمو أو إبادة غجر الروما». وأضاف: «لكن علينا أيضا أن نعترض على كل أشكال التعصب حيال غجر الروما وأي مجموعات إثنية أخرى وكل أشكال العنصرية وكره الآخر».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تأكيد توماس شوبسبرغر (23 عاما) الذي قدم من النمسا «أنها حملة إبادة نسيها الأوروبيون وهذا الأمر يجب أن يتغير».
وقال: «لست من غجر الروما لكنني جئت لتكريم ضحايا إبادة الغجر خلال الحرب العالمية الأولى والعمل على أن يصبح هذا الفصل من التاريخ معروفا بشكل أفضل».
وتابع الشاب الذي يقيم في فيينا «خلافا لإبادة اليهود المعروفة في جميع أنحاء العالم، إبادة ومعاناة غجر الروما يتم تجاهلها».
وقد شارك في مؤتمر نظمته لثلاثة أيام في كراكوفا الجمعية الدولية لشباب غجر الروما ومنظمة غير حكومية في كراكوفا تحمل اسم «روما ايدوكيشن اسوسييشن هارانغوس».
وبعد اليهود الذين قتل مليون منهم في اوشفيتز والبولنديين الذين مات ثمانون ألفا منهم، يحتل غجر الروما المرتبة الثالثة في هذا المعتقل. وقد قتل في المعتقل نحو 21 ألفا منهم بعدما تم ترحيلهم من 14 بلدا أوروبيا.
ويقول المؤرخون بأن ما بين 220 ألفا و500 ألف من غجر الروما قتلوا بأيدي النظام النازي.
وعندما دخلت الحرب العالمية الأولى في 1914. لم تكن بريطانيا قد خاضت أي حرب كبيرة في أوروبا منذ أكثر من قرن ولم تكن تملك أكثر من جيش بري صغير من المحترفين. إلا أنها نجحت في حشد أربعة ملايين جندي بفضل التعبئة في الإمبراطورية الشاسعة.
ففي الرابع من أغسطس 1914، كانت بريطانيا تملك جيشا محترفا من 400 ألف رجل يضاف إليهم 300 ألف من الاحتياط وأفراد قوات المناطق.
لكن نصف هذه القوات كانت منتشرة في أنحاء الإمبراطورية البريطانية ولم يكن لدى لندن سوى 150 ألف جندي يمكنهم الانخراط في المعارك التي بدأت. وهؤلاء كانوا أقل بست إلى ثماني مرات من الجيشين الفرنسي والألماني.
ومثل مئات الآلاف من البريطانيين من كل الأعمار الذين تطوعوا خلال أسابيع للدفاع عن بلدهم، لبت شبه القارة الهندية وأستراليا وكندا ودول أخرى في الاتحاد الواسع نداء لندن بإرسال عشرات الآلاف من المقاتلين المتطوعين للدفاع عن الإمبراطورية في أوروبا البعيدة ثم في الشرق الأوسط.
ولم يتوقف تدفق هؤلاء المقاتلين. وفي 1918 في نهاية النزاع كان لدى لندن نحو أربعة ملايين جاءوا من جميع أنحاء الإمبراطورية.
وقالت سيدة وارسي التي كانت أول وزيرة مسلمة في المملكة المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي بأن «جنودنا لم يكونوا بريطانيين فقط، فقد قدم كثيرون» من شبه القارة الهندية.
وكان من أبرز منشطي حملة التعبئة الاستثنائية اللورد كيتشنر وزير الحرب الذي اشتهر بعد إعلان دعائي ظهر فيه موجها إصبعه إلى المشاهد قائلا: «أريدك أنت!».
وبفضل جهوده، انضم 480 ألف متطوع إلى الجيش البريطاني بين الرابع من أغسطس و12 سبتمبر (أيلول) 1914 بينهم 300 ألف في الأسبوعين الأخيرين.
وكتب المؤرخ بيتر سيمكينز في كتابه «جيش كيتشنر» أنه «في أغسطس 1914 كان الوحيد تقريبا بين المسؤولين العسكريين ورجال الدولة في البلاد الذي توقع أن الحرب ستكون طويلة ومكلفة».
وانتشرت مراكز التطوع بينما رفع السن الأعلى للخدمة إلى 38 عاما وخفض الطول المطلوب للجنود إلى 1.60 متر.
وفي المجموع، نجح كيتشنر في جمع مليونين و467 ألف جندي بين أغسطس 1914 وديسمبر (كانون الأول) 1915 قبل أن تجبر شراسة المعارك الدولة على فرض الخدمة الإلزامية على الشبان البريطانيين في يناير (كانون الثاني) 1916.
وفي المجموع أرسلت شبه القارة الهندية (الهند وباكستان وبنغلادش) 1.5 مليون رجل وجاء 500 ألف من أستراليا ونيوزيلندا والعدد نفسه من كندا. وشارك أيضا 74 ألف رجل من جنوب أفريقيا للدفاع عن الإمبراطورية حسب أرقام الحكومة البريطانية.
وبدفع من رئيس الوزراء حينذاك اندرو فيشر أعلنت أستراليا على الفور الحرب على ألمانيا وأرسلت 400 ألف رجل يشكلون عشرة في المائة من سكانها، للقتال في أوروبا. ولم يعد 61 ألفا من هؤلاء إلى بلدهم في محنة أثرت إلى الأبد على الشعب الأسترالي الذي ما زال يحيي إلى اليوم ذكرى مشاركته في النزاع.
ويبقى رمز هذه المشاركة معركة غاليبولي التي انتهت بكارثة عند مدخل مضيق الدردنيل التركي حيث شهد المتطوعون الأستراليون الحديثون أولى معاركهم ضد القوات العثمانية إلى جانب النيوزيلنديين ووحدات فرنسية وبريطانية.
أوروبا تحيي الذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى
الرئيسان الألماني والفرنسي يجتمعان في منطقة ألزاس لتكريم الضحايا
أوروبا تحيي الذكرى المئوية للحرب العالمية الاولى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة