لبنان: سلام يحدد موعدا لانتخاب مفتٍ جديد وقباني بارك الخطوة ودعا لنبذ الخلافات

اتفاق لإنهاء أزمة دار الفتوى بعد خلاف لعامين بمبادرة مصرية ودعم عربي

الشيخ محمد رشيد قباني
الشيخ محمد رشيد قباني
TT

لبنان: سلام يحدد موعدا لانتخاب مفتٍ جديد وقباني بارك الخطوة ودعا لنبذ الخلافات

الشيخ محمد رشيد قباني
الشيخ محمد رشيد قباني

بلغت أزمة دار الفتوى اللبنانية خواتيمها أمس مع دعوة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام «مجلس الانتخاب الإسلامي» إلى انتخاب مفت جديد للجمهورية اللبنانية، خلفا للمفتي الحالي الشيخ محمد رشيد قباني، الذي سارع إلى مباركة الخطوة، داعيا إلى «نبذ الخلافات والفتنة»، بعد خلاف حاد مع أعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى استمر نحو عامين.
وحدد سلام موعدا لانتخاب مفت جديد في العاشر من الشهر الحالي في مقر دار الفتوى في بيروت، فيما بارك قباني، الذي تنتهي ولايته رسميا في 15 سبتمبر (أيلول) المقبل، «الدعوة الموجهة من سلام إلى إجراء انتخابات لاختيار مفت جديد للجمهورية اللبنانية». وأوضح بيان صادر عن مكتب قباني أن دعوة سلام لانتخاب مفت جديد تأتي بعد «مشاورات جرت في الفترة الأخيرة لحل أزمة دار الفتوى وتوحيد الصف الإسلامي، وفي إطار التجاوب مع المبادرة المصرية ومباركة عربية، وفي سياق الخطوات والإجراءات التي اتخذت ضمن الأجواء الختامية للحل». وقالت إنها تأتي بعد «اطمئنان المفتي إلى أن كل ما تم الاتفاق عليه سيكون مصونا لحفظ مكانة مقام الإفتاء الديني، ومكانة المسلمين ومرجعيتهم الدينية».
وتوجه قباني بالشكر إلى «كل من بذل جهدا للتوصل إلى هذا الاتفاق، وفي مقدمتهم جمهورية مصر العربية، ممثلة بقنصلها العام لدى لبنان شريف البحراوي، خاصة أن هذا الجهد يمثل إعادة تفعيل لدور مصر العربي المتوازن على الساحتين العربية والإسلامية، والدول العربية الشقيقة التي ساهمت بصورة مباشرة في إنجاح تلك المساعي الأخوية المباركة». وانتهز هذه الفرصة «لدعوة جميع المسلمين إلى نبذ الخلافات والفتن، والتوحد على كلمة سواء لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالمنطقة العربية، بصفة عامة، ولبنان بصفة خاصة».
وينهي موقف قباني انقساما شهدته دار الفتوى منذ نحو عامين بين المفتي قباني من جهة، وأعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الذي يضم رؤساء الحكومات الحالي والسابقين، من جهة أخرى، على خلفية التباين في وجهات النظر بين الجانبين وتوجيه تهم إلى المفتي باختلاس مبالغ مالية ضخمة والتفرد باتخاذ قرارات عدة، علما بأن ملفات فساد سلكت طريقها إلى القضاء اللبناني.
ونتج عن هذا الخلاف وجود «مجلسين شرعيين»، أحدهما مدد لنفسه نهاية عام 2012 من دون العودة إلى المفتي، برضا رؤساء الحكومات السابقين والحالي باستثناء رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، والثاني انتخب قبل عام بإيعاز من قباني الذي رد مجلس شورى الدولة مراجعته بشأن إبطال تمديد ولاية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. كما أدت استقالة 15 عضوا من المجلس الشرعي المحسوب على قباني في 22 يوليو (تموز) الماضي إلى إفقاده نصابه القانوني عمليا.
وأسند سلام دعوته لانتخاب مفت جديد أمس إلى جملة من المراسيم والقرارات الصادرة عن مجلس شورى الدولة، التي قضت، إضافة إلى رد مراجعة قباني بشأن تمديد المجلس الشرعي لنفسه، بوقف تنفيذ قرارات قباني بشأن دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء المجلس الشرعي، وتكليف كل من الشيخ أحمد نصار مفتيا لمدينة صيدا وأقضيتها، والشيخ أيمن الرفاعي مفتيا لمحافظة بعلبك - الهرمل، والشيخ زيد محمد بكار زكريا مفتيا لمحافظة عكار. كما ذكر سلام بإبطال مجلس شورى الدولة قرارين اتخذهما قباني في السابع من شهر يونيو (حزيران) الماضي، سحب بموجب الأول حق الدعوة إلى انتخاب مفتٍ من رئيس الحكومة ومنحها لمدير الأوقاف الإسلامية، وقضى الثاني بتوسيع الهيئة الناخبة بعد أن كانت محصورة بنحو 110 أعضاء منذ عام 1996 عندما انتخب قباني.
وعدد سلام في متن قراره أسماء أعضاء المجلس الانتخابي، الذي يضم إضافة إلى رؤساء الحكومات السابقين والحالي، كلا من الوزراء والنواب السنة العاملين، وأعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، والمفتين المحليين والعلماء قضاة الشرع الشريف العاملين، والقضاة المتقاعدين، وأميني الفتوى في بيروت وطرابلس والمدير العام للأوقاف الإسلامية.
وبموجب قرار رئيس الحكومة اللبنانية، يجري انتخاب مفت جديد بحضور ثلثي أعضاء المجلس في الدورة الأولى عند الحادية عشرة ظهرا، وإذا لم يكتمل النصاب، يصار إلى تأجيل الجلسة إلى الساعة 12.00 ظهرا من اليوم ذاته بحيث يجري الانتخاب بحضور نصف الأعضاء في المرة الثانية. وطلب سلام من المدير العام للأوقاف الإسلامية نشر هذا القرار على مدخل مقر باب دار الفتوى، واتخاذ التدابير والإجراءات الإدارية المنوطة به كافة في هذا الإطار.
يذكر أن العرف السائد يقضي بانتخاب مفتي الجمهورية اللبنانية على أن يتحدر من العاصمة بيروت. وأفادت تسريبات سابقة بأن «رئيس المحاكم الشرعية» الشيخ عبد اللطيف دريان هو الأكثر حظوظا لخلافة قباني، خصوصا أنه يحظى بتأييد غالبية قضاة الشرع الأعضاء في المجلس الناخب.



الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج، كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تعهد بها خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن الشهر الماضي.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حطّت مروحيتان عسكريتان أردنيتان تحملان طفلين من غزة مبتوري الأطراف ومرافقين من عائلتيهما قبيل ظهر الثلاثاء، في مطار ماركا العسكري في عمان، تبعتهما مروحيتان أخريان بعد الظهر تحملان طفلين مصابين، وفق مشاهد بثّها تلفزيون «المملكة» الرسمي.

ونقل الأطفال مباشرة من المروحيات إلى سيارات إسعاف لنقلهم إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

وعقب هبوط تلك المروحيات، قال وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي: «قبل قليل، بدأ دخول الدفعة الأولى من الأطفال الغزيين الذين يعانون من أمراض مختلفة تنفيذاً للمبادرة التي تحدث عنها الملك في واشنطن».

وأضاف أن «هذه الدفعة الأولى من مجموعة من الأطفال الغزيين وصلت بالطائرات المروحية إلى مطار ماركا العسكري، وهناك مجموعة أخرى ستصل براً خلال فترة قصيرة إن شاء الله».

ومساء الثلاثاء، دخلت سيارات إسعاف تحمل أطفالاً من غزة، وحافلات تقلّ مرافقيهم إلى المملكة، عبر معبر جسر الملك حسين (اللنبي).

وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، خلال مؤتمر صحافي عند المعبر: «تم نقل 29 من الأطفال المصابين من قطاع غزة، و44 من مرافقيهم، وجرى تنفيذ هذه العملية من قبل القوات المسلحة بالشراكة مع وزارة الصحة».

وأوضح أن الإجلاء نفّذ «على مسارين، الأول مسار جوي انطلق من مهبط قريب من معبر كرم أبو سالم على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وصولاً إلى مطار ماركا العسكري».

وأضاف أن المسار الثاني «هو مسار بري انطلق مباشرة من كرم أبو سالم من خلال مجموعة من سيارات الإسعاف والحافلات التي تتبع القوات المسلحة، والتي وصلت جسر الملك حسين».

ويتم توزيع الأطفال على مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بإشراف وزارة الصحة.

وقال أحمد شحادة (13 عاماً) من جباليا لوكالة الصحافة الفرنسية لدى وصوله في سيارة إسعاف إلى الأردن: «كنت ذاهباً لتعبئة الماء، ألقت مروحية جسماً مشبوهاً وانفجر فينا، بترت يدي وجرحت ساقي، وكان العظم ظاهراً».

وأضاف الطفل، الذي قتل والده وأعمامه وأخواله في الحرب وبقيت له أمه وشقيقتاه، أن «يدي بُترت ورجلي كانت ستحتاج للبتر، لكن الحمد لله (...) سافرنا إلى الأردن لأجل تركيب طرف (صناعي) وأعود لحياتي».

أما محمد العمواسي (43 سنة) الذي جاء مع ابنه بلال لعلاج عينه، فقال إن ابنه وابن اخته أصيبا بشظايا في عينيهما أثناء اللعب إثر «انفجار جسم مشبوه».

وأضاف بحرقة أن «المشهد لا يطاق، قطاع غزة كله مدمر (...) أنفسنا مكسورة، حياتنا مدمرة، بيوتنا تدمرت، مستقبلنا كله دمر».

وكان العاهل الأردني قال للرئيس الأميركي في 11 فبراير (شباط) إن بلاده مستعدة لاستقبال 2000 طفل مريض من غزة، وخصوصاً المصابين بالسرطان، ومن يعانون حالات طبية صعبة، للعلاج في المملكة.

وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 111 ألفاً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.