أوباما يقر بتورط «سي آي إيه» في التعذيب بعد 11 سبتمبر

تقرير للكونغرس: أساليب التحقيق القاسية لم تنجح في مكافحة الإرهاب

عامل ينظف عند مدخل المقر الرئيس لوكالة «سي آي إيه» في لانغلي بولاية فرجينيا (أ.ب)
عامل ينظف عند مدخل المقر الرئيس لوكالة «سي آي إيه» في لانغلي بولاية فرجينيا (أ.ب)
TT

أوباما يقر بتورط «سي آي إيه» في التعذيب بعد 11 سبتمبر

عامل ينظف عند مدخل المقر الرئيس لوكالة «سي آي إيه» في لانغلي بولاية فرجينيا (أ.ب)
عامل ينظف عند مدخل المقر الرئيس لوكالة «سي آي إيه» في لانغلي بولاية فرجينيا (أ.ب)

أفاد مسؤولون أميركيون اطلعوا على تقرير أعدته لجنة بمجلس الشيوخ بأن التقرير سيخلص إلى أن لجوء وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) إلى أساليب تحقيق قاسية عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 لم تنجم عنها معلومات بشأن مؤامرات إرهابية. والليلة قبل الماضية، أقر الرئيس باراك أوباما بأن وكالة الاستخبارات المركزية «تجاوزت حدودا معينة ومارست التعذيب» بحق أشخاص معينين، مستبقا التقرير المرتقب الذي يتوقع أن يلمح إلى أن استخدام الأساليب القاسية لم يكن ضروريا، كما يتهم بعض ضباط الوكالة بتضليل الكونغرس بشأن فعالية البرنامج. ومنع أوباما هذه الممارسات بعد وقت قصير من توليه منصبه في 2009.
واستبعد المسؤولون أن تصدر لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التقرير قبل إجراء مراجعة إضافية. وقالت دايان فاينشتاين رئيسة اللجنة: «تشير مراجعة مبدئية للتقرير إلى أنه خضع لتنقيح كبير. نحتاج إلى وقت إضافي لفهم أسباب إجراء التنقيح وتحديد مبرراته؛ لذا سيحجب التقرير حتى إشعار آخر ولن يصدر إلا بعد الانتهاء من هذه العملية».
وذكر المسؤولون أن التقرير الضخم لم يذكر أن استخدام «أساليب التحقيق المشدد» مثل الإيهام بالغرق أو محاكاة الغرق مع مقاتلي تنظيم القاعدة المحتجزين لم تنتج عنه أي معلومات قيمة على الإطلاق، لكنه يؤكد أن الاستعانة بهذه الأساليب لم يستخلص معلومات يتعذر لوكالات الاستخبارات جمعها من خلال أساليب التحقيق المعتادة الرامية لإحباط مؤامرات أخرى عقب هجمات 2001 في نيويورك وواشنطن. كما خلص محققو اللجنة إلى أن الوكالة ضللت الأفرع التنفيذية الأخرى والكونغرس بزعمها أنها لم تكن لتحقق نجاحات في مكافحة الإرهاب دون أساليب التحقيق القاسية.
وذكر المسؤولون أن التقرير سيوجه انتقادات لعدد من المسؤولين في وكالة الاستخبارات بالاسم. وتابع المسؤولون أن اللجنة خلصت لهذه النتائج بعد دراسة متأنية للتحقيقات القاسية التي خضع لها نحو 20 متشددا تحتجزهم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وفي اللقاء الصحافي الذي أقر فيه بتورط الاستخبارات في التعذيب، قال أوباما الليلة قبل الماضية إن الولايات المتحدة قامت بأمور «تتعارض مع قيمها. حين استخدمنا بعض تقنيات الاستجواب المتقدمة، تقنيات أعدها شخصيا وينبغي على كل شخص نزيه أن يعدها تعذيبا، فإننا تجاوزنا حدا» ما كان ينبغي تجاوزه. وكان أوباما أشار إلى هذه المسألة من قبل لكنه لم يقدم رؤية واضحة بهذا الشكل. وبعدما ذكر بأنه حظر هذه الأساليب منذ وصوله إلى البيت الأبيض، حذر أوباما من أي حكم «أخلاقي» على هذه المرحلة. وقال: «أعتقد أننا حين ننظر إلى الماضي، من المهم أن نتذكر مدى خوف الناس بعد انهيار البرجين التوأمين (برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك)، لقد أصيب البنتاغون وتحطمت طائرة في بنسلفانيا». وتابع أوباما: «ما كان الناس يعرفون ما إذا كانت هجمات أخرى وشيكة. كان هناك ضغط هائل على قوات الأمن وفرق الأمن القومي في مواجهة هذا الوضع».
وأثار التقرير البرلماني الذي سينشر قريبا عاصفة في مارس (آذار) الماضي عندما اتهمت رئيسة لجنة الاستخبارات فينستين وكالة «سي آي إيه» علنا بتفتيش أجهزة كومبيوتر استخدمها محققون في لجنتها. ونفى مدير الاستخبارات المركزية جون برينان أولا أن تكون الفرق التابعة له قامت بأي عمل غير لائق، لكنه اعتذر الأسبوع الماضي من مسؤولين في مجلس الشيوخ، في خطوة تعد سابقة. وعندما أنجزت أعمالها في نهاية 2012، قالت فينستين من دون أن تكشف مضمون تقريرها، إن استخدام «تقنيات استجواب مبالغ فيها» كان «خطأ فادحا».
ورأت عضو مجلس الشيوخ بعد تحقيق استمر ثلاثة أعوام ونصف العام، في رأي شخصي لكن على أساس هذا التحقيق، أن استخدام هذه التقنيات، مثل الإيهام بالغرق، لم يسمح للاستخبارات بتحديد مكان أسامة بن لادن الذي قتل في 2011 في باكستان في عملية قامت بها قوات خاصة أميركية. وردا على سؤال حول هذه النقطة مطلع 2013، قال ليون بانيتا مدير وكالة «سي آي إيه»، عندما وقع الهجوم على بن لادن، إن المعلومات التي تم جمعها بفضل هذه التقنيات لم تكن أساسية. وأضاف: «أعتقد أنه من الصعب تأكيد أنها كانت حاسمة. كانت جزءا من أحجية كبيرة يجب تجميعها لتحديد مكان بن لادن. وأعتقد أننا كنا سنعثر عليه حتى من دون هذه القطعة من الأحجية».
ويرى أوباما الذي قدم باستمرار دعمه لكشف مضمون تقرير مجلس الشيوخ، أن ذلك ضروري لمساعدة الولايات المتحدة على طي الصفحة مع الإبقاء في الذهن أن أي بلد يعرف «بما يفعله عندما يكون كل شيء بسيطا» وكذلك بطريقة تصرفه «في المحن». وتابع: «علينا أن نتحمل مسؤولياتنا حيال ما حصل بهدف عدم تكرار ذلك مستقبلا، وهذا ما آمله».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.