قتل أكثر من 90 فلسطينيا، أمس، معظمهم في مدينة رفح الحدودية التي اضطر أهاليها إلى نقل جثامين أبنائهم مؤقتا إلى ثلاجات الخضار بعدما قصفت إسرائيل المستشفى الأكبر فيها، وذلك في اليوم الثاني من العملية المركزة، والتي تستهدف الكشف عن مصير ضابط إسرائيلي مختف منذ الجمعة.
ونشرت الوكالة الفلسطينية الرسمية أن حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي في يومه الـ26 «بلغت ما لا يقل عن 91 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ. ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ بدء العدوان إلى نحو 1677، إضافة إلى نحو 8970 جريحا».
وقصفت إسرائيل رفح المحاصرة منذ صباح أمس بأطنان القنابل، وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن الجيش يحاول فهم ما جرى في رفح صباح الجمعة إثر مقتل جنديين واختطاف ثالث. وأضاف «لهذا السبب عمليات الجيش ما زالت متواصلة في رفح، وتشمل عمليات تمشيط واسعة النطاق يرافقها إطلاق نار مكثف».
وخلف الجيش الإسرائيلي كثيرا من الضحايا تحت الأنقاض وفي الشوارع، وقدر عدد الضحايا في رفح وحدها الجمعة والسبت بأكثر من 130 على الأقل حتى عصر أمس، مع تواصل انتشال جثث من تحت الأنقاض. وجرت عمليات الإنقاذ في رفح بوتيرة بطيئة مع منع سيارات الإسعاف والإنقاذ من دخول المدينة المحاصرة أو الخروج منها. وزاد الموقف تأزما مع قصف المدفعية الإسرائيلية مستشفى أبو يوسف النجار (أكبر وأهم مستشفيات مدينة رفح)، مما اضطر إدارة المستشفى إلى إخلائه من القتلى والجرحى. واضطر أهالي رفح إلى نقل جثامين أبنائهم إلى ثلاجات الخضار القريبة لحين نقلهم إلى مشاف أخرى أو دفنهم.
واتهمت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، عبر منع نقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات خاصة في محافظة رفح. كما اتهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العاملة في القطاع بـ«التقصير في تحمل مسؤولياتها في نقل المصابين، وفضح السياسة الإسرائيلية التي تتسبب في إهدار حياتهم».
وقال سامي أبو زهري، المتحدث الرسمي باسم الحركة، في بيان، إن «الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم حرب عبر منع نقل الجرحى والمصابين إلى مستشفيات قطاع غزة». كما أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، أمس، استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي في قصفها العنيف الذي طال جنوب قطاع غزة التجمعات السكنية، وأماكن تجمع النازحين. وقال المرصد في بيان «ما من سبب يمكن أن يبرر عملية القتل المتعمد للمدنيين واستهدافهم واستهداف بيوتهم بهذه الصورة العشوائية والواسعة جدا. ما يجري هو مجزرة وجريمة حرب تخالف أبسط الأعراف الإنسانية والأخلاقية فضلا عن القانونية». وتابع المرصد «من الواضح أن إسرائيل تسعى للانتقام من المدنيين في قطاع غزة من خلال إيقاعهم تحت العقاب الجماعي».
وبينما واصلت إسرائيل عملياتها في رفح بشكل مكثف وعنيف، أعلنت انتهاء عملياتها في مناطق أخرى في القطاع. وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية، في الضفة وغزة، الميجور جنرال يوآف موردخاي إنه يسمح لسكان بيت لاهيا، والعطاطرة، والقرى المجاورة في شمال القطاع، بالعودة إلى منازلهم، موضحا أن هذا لا يشمل سكان بيت حانون.
وحذر موردخاي أهالي هذه المناطق من مغبة الاقتراب من السياج الأمني، كما أكد أن قوات الجيش سترد على أي «اعتداء» إذا جرى من هذه المناطق. وتزامن إعلان موردخاي مع تأكيد الجيش الإسرائيلي أنه يتبقى له يومان على الأكثر للانتهاء من مهمة تدمير الأنفاق «العسكرية» في القطاع، في مؤشر على الانتهاء من تفجير الأنفاق في بيت لاهيا والعطاطرة. وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن عملية تدمير الأنفاق في قطاع غزة توشك على الانتهاء، وقد يعلن خلال يوم أو يومين عن استكمالها. وكانت إسرائيل بررت بدء عملية برية في غزة قبل نحو أسبوعين باستهداف الأنفاق.
وجاء الإعلان الإسرائيلي عن قرب الانتهاء من المهمة عشية مفاوضات يفترض أن تنطلق في القاهرة اليوم. ويؤشر ذلك على أن إسرائيل تتجه إلى حسم أمرها من الحرب في غزة خلال يومين، فإما الانسحاب أو توسيع العملية، وقد يكون ذلك رهنا بحالة الجندي المفقود. لكن الجيش الإسرائيلي أعطى مؤشرات مهمة حول نيته إنهاء العملية البرية بعد الانسحاب من منطقة بيت لاهيا في شمال القطاع ومنطقة خان يونس في جنوبه.
وقالت وكالة «الراي» الحكومية التابعة لحماس إن الآليات الإسرائيلية المتوغلة في مناطق الزنة وخزاعة وشرق انسحبت بشكل مفاجئ وتمركزت على طول الشريط الحدودي.
وفي مناطق أخرى من غزة، تواصل القصف الإسرائيلي وطال حي الصبرة وسط مدينة غزة، ومنطقة جباليا، شمال القطاع، ومخيم المغازي وسطه، وحي الشجاعية شرق مدينة غزة، ودمرت إسرائيل إلى جانب عشرات المنازل 5 مساجد ومبان في الجامعة الإسلامية. وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «هاجمت قوات الجيش خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة نحو 200 هدف في أنحاء القطاع بما فيها خمسة مساجد كانت تستخدم لتخزين وسائل قتالية ومبان في الجامعة الإسلامية بغزة كانت جزءا من البنى التحتية العسكرية لحركة حماس ومنصات لإطلاق الصواريخ».
ويعيش القطاع لليوم الخامس على التوالي من دون كهرباء بعد قصف طائرات الاحتلال محطة توليد الكهرباء المركزية. ويأتي انقطاع الكهرباء في وقت تعاني فيه جميع محافظات غزة من شح شديد في مياه الشرب، إضافة إلى انقطاع خطوط الهاتف والإنترنت وفقدان الوقود والغاز واحتياجات أخرى ضرورية. وردت الفصائل الفلسطينية، أمس، بقصف صاروخي على إسرائيل طال مدينة أشدود وعددا من التجمعات السكانية المحيطة بقطاع غزة من دون إصابات.
إسرائيل تتجه لوقف نار أحادي.. وحماس تصر على التفاوض
مقتل نحو 100 فلسطيني ومصير الجندي المخطوف ما زال غامضا > تل أبيب تريد تطبيق قاعدة «الهدوء والنار»
إسرائيل تتجه لوقف نار أحادي.. وحماس تصر على التفاوض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة