شدد خادم الحرمين الشريفين في جميع كلماته، بما فيها التي ألقاها منذ توليه مقاليد الحكم في السعودية وقبلها، على نبذ الإرهاب والتعاون الدولي في مواجهته، وكذلك مواقف بلاده الثابتة تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وسط التأكيد على تعزيز الحوار والتسامح ونشرهما. وفيما يلي مقتطفات من كلماته في مناسبات مختلفة تحث على التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب وتأييد حق الشعب الفلسطيني.
* موسم حج (1425)
* اشتملت كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان وقتها وليا للعهد على الآتي:
الإرهاب إفساد في الأرض وسعي في الخراب ومحاربة لله ورسوله وللمسلمين، وبغي وعدوان، والله (عز وجل) لا يحب الفساد، ولا المفسدين، وينهي عن البغي والعدوان، وقد توعد الله المفسدين في الأرض بأشد العذاب، قال تعالى: «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد» وقال عز وجل: «أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون».
ومن هنا، تصدت المملكة العربية السعودية للإرهاب بكل صوره وأشكاله، فحاربته محليا، وأدانته عالميا، وعملت على اجتثاث أصوله وقواعده وتفنيد أفكاره ومبادئه، وإيضاح فساد أفكاره ومبادئه، وبيان بطلانها وتهافت الأدلة التي يستند عليها أصحاب هذا الفكر المريض. والمملكة العربية السعودية بهذا ملتزمة بالدين مطبقة لأحكامه، فموقفها مستمد من أحكام الشرع الحنيف ومبادئه الثابتة، وهو موقف ثابت لا تغيره الأحوال ولا تبدله الظروف، يمثل الالتزام به سمة واضحة لسياسة المملكة.
* افتتاح المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض (2005)
* قال الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته عندما كان وليا للعهد:
إن انعقاد هذا المؤتمر الذي يضم دولا تنتمي إلى حضارات مختلفة وأديان مختلفة وأنظمة مختلفة لهو البرهان الأكيد على أن الإرهاب عندما يختار ضحاياه لا يفرق بين الحضارات أو الأديان أو الأنظمة، والسبب هو أن الإرهاب لا ينتمي إلى حضارة ولا ينتسب إلى دين ولا يعرف ولاء لنظام. الإرهاب شبكة إجرامية عالمية صنعتها عقول شريرة مملوءة بالحقد على الإنسانية ومشحونة بالرغبة العمياء في القتل والتدمير.
إن هذا المؤتمر يمثل عزم الأسرة الدولية على التصدي لهذه الشبكة الإجرامية في كل ميدان، مكافحة سلاح الغدر بسلاح العدالة، ومحاربة الفكرة الفاسدة بالفكرة الصالحة، ومواجهة خطاب التطرف بخطاب الاعتدال والتسامح.
هذا ومن الضروري الإشارة إلى أن شبكة الإرهاب ترتبط ارتباطا وثيقا بثلاث شبكات إجرامية عالمية أخرى، هي شبكة تهريب الأسلحة، وشبكة تهريب المخدرات، وشبكة غسل الأموال، ومن هنا فإنه من الصعب أن ننتصر في حربنا ضد الإرهاب ما لم تشمل الحرب مواجهة حاسمة مع هذه الشبكات الإجرامية الثلاث.
أيها الإخوة والأصدقاء..
لقد كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب، وحذرت من خطره، وقاومته بكل شدة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. ونحن الآن في حرب مع الإرهاب ومن يدعمه أو يبرر له، وسوف نستمر في ذلك بعون الله حتى القضاء على هذا الشر.. إننا سنضع تجربتنا في مقاومة الإرهاب أمام أنظار مؤتمركم، كما أننا نتطلع إلى الاستفادة من تجاربكم في هذا المجال، ولا شك أن تجاربنا المشتركة سوف تكون عونا لنا جميعا بعد الله في معركتنا ضد الإرهاب.
إن أملي كبير في أن هذا المؤتمر سوف يبدأ صفحة جديدة من التعاون الدولي الفعال لإنشاء مجتمع دولي خال من الإرهاب، وفي هذا الجانب أدعو جميع الدول إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من المتخصصين في هذا المجال، والهدف من ذلك تبادل وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها.
أيها الإخوة والأصدقاء..
إنني أعرف أن خطر الإرهاب لا يمكن أن يزول بين يوم وليلة، وأن حربنا ضد الإرهاب ستكون مريرة وطويلة، وأن الإرهاب يزداد شراسة وعنفا كلما ضاق الخناق عليه، إلا أنني واثق بالله تماما من النتيجة النهائية، وهي انتصار قوى المحبة والتسامح والسلام على قوى الحقد والتطرف والإجرام، بعونه تعالى. إنه نعم المولى ونعم النصير.
* في المؤتمر الاستثنائي لقادة الأمة الإسلامية (2005)
* اشتملت كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا المؤتمر، على الآتي:
إن الوحدة الإسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم، فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت في أرض خصبة بروح التسامح ونشر الاعتدال والوسطية، وهنا يأتي دور مجمع الفقه الإسلامي في تشكيله الجديد ليتصدى لدوره التاريخي ومسؤوليته في مقاومة الفكر المتطرف بكل أشكاله وأطيافه، كما أن منهجية التدرج هي طريق النجاح الذي يبدأ بالتشاور في كل شؤون حياتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للوصول إلى مرحلة التضامن بإذن الله، وصولا إلى الوحدة الحقيقية الفاعلة المتمثلة في مؤسسات تعيد للأمة مكانها في معادلات القوة.
* نداء عاجل للأشقاء في فلسطين (2007)
* وتضمنت كلمة وجهها خادم الحرمين الشريفين في نداء عاجل للشعب الفلسطيني:
المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا لا تقبل أن تقف صامتة متفرجة لتنظر بحزن وألم عميقين لما يدور على الساحة الفلسطينية من اقتتال بين الأشقاء، أصحاب القضية الواحدة، دون أن تتصدى لدورها الإسلامي والعروبي والأخلاقي تجاه أمانة الكلمة والفعل.
إن ما يحدث في أرض فلسطين الشقيقة لا يخدم غير أعداء الأمة الإسلامية والعربية، ويضع ألف علامة استفهام أمام المجتمع الدولي الذي ينظر باحترام لعدالة قضيتنا؛ فبماذا سنجيب من وقف معنا ومع قضيتنا إذا ما تساءل عما يحدث من قتل واستنزاف لا أخلاقي لطاقات شعبنا الفلسطيني؟ وأي جواب سنقدمه لهم غير الحيرة والألم والتبريرات الواهية؟ ألم يستمع من حمل السلاح وقتل أخاه لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله)، وقوله (من حمل علينا السلاح فليس منا). نعم، ليس منا من حمل السلاح وأطلقه ليردي أخاه في الدين والعروبة والمصير الواحد قتيلا. وليس منا من لم يحكم العقل على منطق الغاب.
إن الخلاف بين الأشقاء لا يحتمل ما يحدث، وإن لم يضع له العقلاء في فلسطين حدا حاسما فوريا فسوف يستنزف كل طاقاتنا ليقضي على كل المنجزات النضالية الفلسطينية، وسيحرم الشعب الفلسطيني الصامد كل أمل في نفض جحيم الاحتلال الصهيوني الغاشم وإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة، وهو ما لا نرضاه لأشقائنا، ولا يرضاه كل الشرفاء في العالم.
* اجتماع الحوار بين أتباع الأديان في مقر الأمم المتحدة (2008)
* أمام هذا الجمع من قادة العالم، ومن الجمعية العامة، ضمير الأمم المتحدة، نقول اليوم بصوت واحد: إن الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر لا ينبغي أن تكون من أسباب شقائهم، وإن الإنسان نظير الإنسان وشريكه على هذا الكوكب، فإما أن يعيشا معا في سلام وصفاء، وإما أن ينتهيا بنيران سوء الفهم والحقد والكراهية. إن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب، وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم، وقد آن الأوان لأن نتعلم من دروس الماضي القاسية، وأن نجتمع على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعا، وما نختلف عليه سيفصل فيه الرب، سبحانه وتعالى، يوم الحساب. إن كل مأساة يشهدها العالم اليوم ناتجة عن التخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها كل الأديان والثقافات فمشاكل العالم كلها لا تعني سوى تنكر البشر لمبدأ العدالة.
إن الإرهاب والإجرام عدوا الله وكل دين وحضارة، وما كانا ليظهرا لولا غياب مبدأ التسامح، والضياع الذي يلف حياة كثير من الشباب.
* افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (2009)
* وتضمنت كلمة الملك عبد الله خلال حفل الافتتاح التالي:
لقد تعرضت الإنسانية لهجوم عنيف من المتطرفين الذين يرفعون لغة الكراهية، ويخشون الحوار، ويسعون للهدم. ولا يمكننا أن نواجههم إلا إذا أقمنا التعايش محل النزاع، والمحبة محل الأحقاد، والصداقة محل الصدام. ولا شك أن المراكز العلمية التي تحتضن الجميع، هي الخط الأول للدفاع ضد هؤلاء. واليوم ستنضم هذه الجامعة إلى زميلاتها في كل مكان من العالم دارا للحكمة، ومنارة للتسامح، وهذا هو المعنى الثالث للجامعة».
* مركز الأمم المتحدة الدولي لمكافحة الإرهاب (2012)
* في كلمة ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، وزير الخارجية خلال افتتاح الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة الدولي لمكافحة الإرهاب، تضمنت الآتي:
تدرك المملكة العربية السعودية أن إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب يعتبر تتويجا لمقاصد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، ويتطلب جهدا جماعيا يصب في نهاية المطاف لمواجهة ظاهرة الإرهاب مع الأخذ بعين الاعتبار العناصر التالية:
- أن المركز ليس بديلا عن الهيئات والهياكل الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، التي تقوم بدور ملموس في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بل سيكون سندا وداعما في تنسيق هذه الجهود وتحقيق الفاعلية المطلوبة للإجراءات والتدابير الرامية إلى الوقاية من الإرهاب ومكافحته.
- أهـمية دور المركز في تبادل الخبرات وبرامج التدريب وبناء القدرات وتقديم الدعم للدول الأعضاء، والتنسيق في مجال بلورة وتبادل التشريعات والإجراءات الملائمة والتعاون في مجال توعية التربويين والإعلاميين والجمهور العام بمخاطر الإرهاب وضرورة محاربته وأهمية عدم الترويج للفكر المحرض عليه، وتطوير قاعدة بيانات لأفضل الممارسات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
- إن المركز هو داعم ورافد أساسي لتحقيق وتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ويعكس أهميتها، كما أنه سيساعد في تبادل الأساليب الخاصة بمكافحة أسباب الإرهاب، وتسريع الحوار والتفاهم المشترك بين أعضائه، مما سيدعم تطوير الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمكافحة ظاهرة الإرهاب.
إننا نأمل من هذا المركز الذي يشكل أهم مؤسسة أممية متخصصة في مكافحة الإرهاب المساهمة في تحقيق الغايات والأهداف التي من أجلها أنشئ هذا المركز، وتعزيز دور الأمم المتحدة في تعريف ظاهرة الإرهاب ومعالجة أسبابها ومكافحتها بكل حزم لدعم الاستقرار والسلم الدوليين.
* القمة الإسلامية في القاهرة (2013)
* وشملت كلمة خادم الحرمين في القمة الإسلامية بالقاهرة:
أيها الإخوة الكرام..
يشكل الإرهاب ظاهرة خطيرة على أمن وسلامة المجتمعات البشرية بلا استثناء، وآفة عالمية لا تنتمي إلى دين أو جنسية، بل وتمثل تهديدا يقوض الأمن والسلم الدوليين. لذا يتحتم علينا مواجهة هذه الآفة الخبيثة حيثما كانت للقضاء عليها ولتسلم البشرية من شرورها، وأن نجتهد في محاربتها بكل الوسائل الممكنة وتحديد الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، والعمل بالشفافية والمصداقية اللازمة، وأن نتكل على المولى عز وجل ثم على أنفسنا وقدراتنا لحل مشاكلنا.
ومن التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة الإسلامية اليوم استفحال ظاهرة كره الأديان ورموزها من قبل ذوي الأهداف المشبوهة وبعض أصحاب النفوس الضعيفة، الذين اتخذوا من حرية التعبير والرأي وسيلة للهجوم على المسلمين ومقدساتهم دون أي رادع أخلاقي وقانوني لتجريم مرتكبيها. لذا فإننا نطلب من كافة الدول الأعضاء بالمنظمة أن يدعموا مقترح المملكة العربية السعودية لدى هيئة الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدين أي دولة أو مجموعة أو أفراد تتعرض للأديان السماوية وللأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ووضع العقوبات الرادعة لمثل هذه الأعمال.
* القمة العربية الرابعة والعشرون بالدوحة (2013)
* وقال خادم الحرمين، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، التالي:
أيها الأخوة قادة الدول العربية الشقيقة.. ونحن نجتمع لتدارس شؤون أمتنا العربية كما هو الحال في كل عام تظل القضية الفلسطينية على رأس اهتماماتنا وفي صدارة جدول أعمالنا، حيث التحدي ما زال قائما، والحقوق ما زالت مسلوبة، والعدل ما زال مفقودا.
إن النزاع العربي - الإسرائيلي الذي مضى عليه أكثر من ستة عقود سيظل محتدما ما لم ينل الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين حقوقه المشروعة التي أقرت بها جميع قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك حقه الطبيعي في العيش الكريم في كنف دولة مستقلة تتوفر فيها عناصر السيادة والاستقلال والتواصل الجغرافي إن شاء الله، وإننا لا نرى إمكانية لحل هذا النزاع ما لم يحدث تغير في سياسات الحكومة الإسرائيلية وطريقة تعاطيها مع الحلول والمبادرات المطروحة التي سعت إلى إفشالها وتفريقها من مضامينها من خلال سياسات الاستيطان والقمع وقضم الأراضي والانتهاكات المستمرة لأبسط الحقوق الإنسانية والسياسية لشعب فلسطين.
ومن هذا الواقع المرير فإن الشعب الفلسطيني وقياداته مطالبون اليوم أكثر من أي وقت بتجاوز كل الخلافات والوقوف جبهة واحدة تستند في نضالها إلى جبهة عربية متراصة توفر لها كل الدعم والمساندة، خاصة وقد مضينا جميعا والحمد لله لأبعد مدى في إثبات رغبتنا وعزمنا على بلوغ السلام العادل والشامل والدائم الذي يحقق الأمن والاستقرار والنماء للجميع.