دعوات في بكين لاتخاذ تدابير ضد طوكيو بينها وضع آبي في قائمة سوداء

الاتحاد الأوروبي: زيارة رئيس الوزراء الياباني لضريح ياسوكوني لا تؤدي إلى خفض التوتر

ناشط من اليمين الكوري الجنوبي يلاحق شرطيا خلال مظاهرة مناهضة لزيارة شينزو آبي لضريح ياسوكوني أمام السفارة اليابانية في سيول أمس (رويترز)
ناشط من اليمين الكوري الجنوبي يلاحق شرطيا خلال مظاهرة مناهضة لزيارة شينزو آبي لضريح ياسوكوني أمام السفارة اليابانية في سيول أمس (رويترز)
TT

دعوات في بكين لاتخاذ تدابير ضد طوكيو بينها وضع آبي في قائمة سوداء

ناشط من اليمين الكوري الجنوبي يلاحق شرطيا خلال مظاهرة مناهضة لزيارة شينزو آبي لضريح ياسوكوني أمام السفارة اليابانية في سيول أمس (رويترز)
ناشط من اليمين الكوري الجنوبي يلاحق شرطيا خلال مظاهرة مناهضة لزيارة شينزو آبي لضريح ياسوكوني أمام السفارة اليابانية في سيول أمس (رويترز)

تواصلت ردود الفعل الغاضبة في بكين وسيول أمس غداة الزيارة التي أداها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى ضريح «ياسوكوني» المثير للجدل بسبب تخليده قادة يابانيين أدانتهم محكمة للحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية بارتكاب جرائم حرب. وأغضبت الزيارة الصين وكوريا الجنوبية اللتين احتلتهما القوات اليابانية إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية، ودفعت حتى الولايات المتحدة، الحليف الحالي لطوكيو، إلى التعبير عن قلقها من توتر العلاقات بين دول الجوار في شمال آسيا. كما قالت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان إن زيارة آبي للضريح «لن تؤدي إلى خفض التوتر في المنطقة أو تحسين العلاقات مع جيران اليابان».
ودعت صحيفة صينية رسمية أمس إلى اتخاذ «التدابير المناسبة» ضد رئيس شينزو آبي مثل اعتباره شخصا غير مرغوب فيه. وكتبت «غلوبال تايمز» أنه يتعين «على الصين اتخاذ تدابير الرد المناسبة والمفرطة قليلا» وإلا فإنها ستبدو «كأسد من ورق». واقترحت «وضع آبي والمقربين منه» بينهم وزراء ونواب زاروا هذه السنة الضريح على «قائمة سوداء للأشخاص غير المرغوب فيهم». وأضافت صحيفة الحزب الشيوعي الصيني بالإنجليزية أن «الصين تستطيع أن تغلق بابها أمام هؤلاء الأشخاص لخمس سنوات» وتحظر عليهم «أي فرصة لإصلاح العلاقات» بين البلدين «محذرة أيضا الجيل المقبل من السياسيين اليابانيين». وذكرت الصحيفة أن «الحفاظ على الصداقة بين الصين واليابان يجب ألا يكون أساسيا بعد اليوم» وطلبت اعتبار رئيس الوزراء الياباني «كالإرهابيين والفاشيين».
من جهتها، قالت صحيفة «تشاينا ديلي» إن «الإهانة لا تحتمل» وتفرض ألا «ينحصر ردنا بالممثليات الدبلوماسية»، مؤكدة أنه آن الأوان للأسرة الدولية والصين «لإعادة النظر جديا في العلاقات مع اليابان لجهة الأمن والدبلوماسية والاقتصاد». أما صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني فأدانت «التحدي للعدالة التاريخية والضمير الإنساني»، معتبرة أن «المجتمع الياباني يتجه أكثر وأكثر إلى اليمين»، ودعت اليابان إلى «تقديم اعتذارات حقيقية للشعوب ضحايا» ماضيها العسكري.
وأثارت زيارة آبي إلى الضريح انتقادات في اليابان نفسها. فباستثناء صحف اليمين المتطرف، انتقدت وسائل الإعلام الأخرى الخطوة واعتبرتها مبادرة شخصية من رئيس الوزراء تضر بمصالح البلاد. وقالت صحيفة «سانكي شيمبون» القومية الأكثر تشددا إن آبي كان «يؤدي دوره كقائد للبلاد»، و«من الضروري» القيام بهذه الزيارة التي «كان ينتظرها الكثير من المواطنين». وتابعت أن «التقاليد في الثقافة اليابانية تفرض زيارة أضرحة الذين سقطوا في سبيل الأمة». وتساءلت صحيفة «يوميوري شيمبون» في مقال «ألم يخلق رئيس الوزراء سببا لعدم الاستقرار لحكومته؟». وقالت إنه من المؤسف أن يكون رئيس الوزراء اعتبر أنه يمكنه زيارة الضريح «لأنه في جميع الأحوال تنتقد الصين وكوريا الجنوبية اليابان باستمرار». وبدورها، كتبت صحيفة «نيكي» الاقتصادية «إن هذه الزيارة تسبب حساسيات غير ضرورية في الداخل والخارج ولا يمكن أن نعتبر ذلك مفيدا للبلاد». أما صحيفة «أساهي» (يسار الوسط) فأدانت بادرة «شخصية وعقيمة» تمت «في ذكرى وصول آبي إلى السلطة».
وفي سيول، نظم ناشطون من اليمين المتطرف أمس مظاهرة أمام السفارة اليابانية احتجاجا على زيارة آبي إلى الضريح المثير للجدل. كما ذكر مسؤول حكومي أمس أن سيول سعت جاهدة لتحسين العلاقات مع اليابان، إلا أن تغيير النهج السياسي بات أمرا محتوما بعد زيارة آبي إلى موقع ياسوكوني. وتابع المسؤول الذي نقلت تصريحاته وكالة الأنباء الألمانية: «في ظل الظروف الحالية، سيكون من الصعب المضي قدما في الخط السياسي الذي تنتهجه سيول. الحكومة الكورية الجنوبية ظلت تسعى لتحقيق استقرار في العلاقات مع اليابان لكن التصريحات اليابانية السابقة كانت عقبة (أمام تلك الجهود) وتضع زيارة رئيس الوزراء لضريح ياسوكوني عقبة أخرى».
وأمضى آبي حوالي عشر دقائق في الموقع حيث وضعت باقتين من الورد الأبيض على الضريح باسمه. وعند مغادرته المكان، أكد أن زيارته هذه تشكل خطوة رمزية ضد الحرب ولا تهدف إلى استفزاز الصين وكوريا الجنوبية. وقال «اليوم أنهي عامي الأول في السلطة وأردت أن أؤكد عزمي على ألا يعاني أحد من الحرب مجددا»، لافتا إلى أن هذه الزيارة «لم تهدف إلى المساس بمشاعر الصينيين والكوريين الجنوبيين» الذين يعتبرون ضريح ياسوكوني رمزا للماضي العسكري الياباني. وأكد أنه «مصمم على العمل حتى لا يعاني أي شخص من الحرب من جديد». وتوترت العلاقات بين طوكيو وبكين كثيرا منذ أكثر من عام بسبب نزاع حول السيادة على جزر غير مأهولة في شرق بحر الصين تديرها اليابان وتطالب بها الصين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».