تصاعدت شكوك الفلسطينيين في قطاع غزة، تجاه إمكانية أن تنجح الاتصالات التي تجري بين أكثر من جهة فلسطينية وعربية ودولية، في التوصل لتهدئة رسمية وطويلة بين حركة حماس وإسرائيل، على جبهة قطاع غزة، بعد أن فشلت كل الجهود التي بذلت للتوصل لـ«هدنة إنسانية» كان من المفترض أن تبدأ صباح أمس (الجمعة)، ما لبثت أن أعلن عن انتهائها بعد أقل من ساعتين من بدئها فقط.
وأعرب كثير من الفلسطينيين الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن مخاوفهم الحقيقية من أن تفشل كل المساعي المبذولة في التوصل لتهدئة رسمية، كما تجري الاتصالات بهذا الشأن بين أكثر من عاصمة، بعد أن فشلت الهدنة الإنسانية أكثر من مرة، وخاصة الاتفاق الرسمي برعاية دولية للاتفاق الجديد الذي دخل حيز التنفيذ عند الثامنة من صباح الجمعة، بالتوقيت المحلي في فلسطين المحتلة.
وكان المواطنون في غزة يأملون في فسحة من الزمن تمكنهم من استعادة شيء من حياتهم التي فقدوا بريقها في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع. وقال المواطن سامي ياسين لـ«الشرق الأوسط» إنه عندما علم بالهدنة قام باستدانة بعض المال من شقيقه الأكبر، لكي يتمكن صباح الجمعة من التوجه للسوق للتزود باحتياجات منزلهم الذي يضم أكثر من 80 شخصا من أفراد عائلته وبعض أقربائه الذين فروا من المناطق المدمرة.
وأشار إلى أنه كان ينتظر دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ حتى يستطيع الوصول بأمان إلى سوق مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، مضيفا: «ما إن وصلت وتزودت ببعض المواد الأساسية حتى عدت أدراجي إلى البيت مرة أخرى بعد أن سمعت بمجزرة إسرائيلية جديدة في رفح، ولم أستطع التزود بباقي الاحتياجات المهمة للبيت في هذه الأوضاع العصيبة».
ولفت إلى أن جميع من كانوا في السوق غادروها بعد سماعهم بالمجزرة، وبعد أن عاد الطيران للتحليق بكثافة وسط سماع دوي انفجارات في مدينة غزة تبين أنها ناجمة عن قصف مدفعي نفذته دبابات إسرائيلية على أحياء شرق مدينة غزة.
وحاول مزارعون وصيادون في غزة استغلال الهدنة الإنسانية، في محاولة للوصول لأماكن أعمالهم، حيث نجح مزارعون في قطف محاصيلهم الزراعية التي لم تستهدف من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بينما اصطاد صيادون كميات قليلة من الأسماك المختلفة.
وقال الصياد حسن أبو ريالة لـ«الشرق الأوسط»، إنه استطاع اصطياد أكثر من 12 كيلوغراما من الأسماك ذات الحجم الصغير خلال ساعة ونصف الساعة فقط من الهدنة الإنسانية، مشيرا إلى أنهم لم يستطيعوا الصيد في أكثر من ثلاثة أميال بحرية، بسبب تمركز عدد من البوارج البحرية الإسرائيلية على بعد خمسة أميال من شاطئ بحر غزة.
وأضاف: «نحن نريد أن تتوقف الحرب على غزة حتى نستطيع أن نعود لحياتنا ونعيش ونكسب رزقنا وقوت يومنا»، لافتا للأوضاع الاقتصادية التي يعيش فيها الصيادون في غزة، بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر بحقهم قبيل الحرب على غزة، مناشدا كل الدول العربية وكل من وصفها بـ«أصحاب الضمائر الحية» بإنهاء معاناة غزة وسكانها، الذين يبحثون عن رزقهم وحياتهم.
من جهتها، قالت إلهام حسونة إنها تمكنت من شراء الأسماك لأول مرة منذ أكثر من شهر، كما أنها اشترت بعض الخضار، ولكنها ما لبثت أن عادت لبيتها خوفا من تعرض السوق لغارات إسرائيلية انتقامية، كما جرى في بعض الأسواق في حي الشجاعية وبلدة جباليا وغيرها، مشيرة إلى أنها كانت تأمل في أن تسير الهدنة بسلام بعد أن فشلت الهدنة التي أقرت لعدة ساعات في الأيام الأخيرة.
وأضافت: «جميع الناس كانوا بحاجة لهذه الهدنة التي تسمح لنا بالشعور بشيء من الحياة، بعد أن فقدنا الأمل في أن نخرج من هذه الحرب الهمجية أحياء، لكنها فشلت أيضا، ولم يسمح لنا الاحتلال بأن نعيش بأمان وسلام».
وقال عماد دحلان أحد باعة الدواجن في سوق مخيم الشاطئ، إنه علم بالهدنة الإنسانية من خلال نشرات الأخبار عبر المذياع، واستعد لنقل كميات كبيرة من الدواجن من مزرعته إلى المحل الخاص به لبيع غالبيتها، كما جرت العادة في كل يوم جمعة، حيث يفضل الغزيون طهي الدجاج كوجبة طعام رئيسة.
ولفت إلى أنه تأمل كثيرا في بيع الكميات المنقولة من الدواجن، لكن فشل التهدئة وعودة الناس لبيوتها أفشل مخططه، ليكبده مزيدا من الخسائر.
أهل غزة: حلم التهدئة تحول إلى كابوس
بعد فشل «الهدنة الإنسانية الجديدة»
أهل غزة: حلم التهدئة تحول إلى كابوس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة