تزامن قيام أكبر البنوك البريطانية بإغلاق حسابات مساجد ومنظمات وجمعيات إسلامية، مع موعد الإعلان عن نتائج تحقيق اللجنة البريطانية لمراجعة نشاطات وفلسفة الإخوان المسلمين التي أمر بها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وأغلق بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة لندن حسابات عدد من المؤسسات الإسلامية في بريطانيا، منه مؤسسة قرطبة للبحوث، المقربة من جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها أنس التكريتي، ومسجد فنسبري بارك، الذي ارتبط سابقا باسم أبو حمزة الداعية المصري المحتجز في الولايات المتحدة على ذمة قضايا الإرهاب، وكذلك إغلاق حساب صندوق رعاية الأمة، وكان المبرر الذي ذكر في الرسائل الموجهة إلى تلك المؤسسات الإسلامية، هو أن استمرار البنك في تقديم خدماته لتلك المنظمات يقع خارج «حدود رغبته في المخاطرة». كما اتصل البنك بزوجة رجل يدير مركز بحوث إسلامي في لندن وابنيه، لإبلاغهم بالقرار. وأكد البنك أن قراراته إغلاق تلك الحسابات «لا تستند إطلاقا إلى دين أو عرق». وأضاف البنك أن «التمييز ضد العملاء على أساس عرق أو دين أمر غير أخلاقي، وغير مقبول وغير قانوني، والقواعد والسياسات العامة لبنك (إتش إس بي سي) تضمن ألا يكون الدين أو العرق عاملا مؤثرا في القرارات المالية». وذكر البنك أنه لا يناقش علاقاته مع عملائه، مؤكدا أن قراراته بشأن أعماله «لا ترتكز على عرق أو دين». وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أول من أمس أن مسجد فنسبري بارك الشهير في شمال لندن تلقى إخطارا بذلك في 22 يوليو (تموز) الماضي، وأن البنك أغلق أيضا حساب أنس التكريتي، وهو عراقي مقيم في بريطانيا منذ عقود.
ومن المعروف أن أبو حمزة المصري الذي تم ترحيله إلى الولايات المتحدة لمحاكمته في قضايا متعلقة بأنشطة إرهابية كان يخطب في مسجد فنسبري بارك.
وجاء في الإخطار الذي أرسله البنك للمسجد أنه سيجري إغلاق الحساب اعتبارا من 22 سبتمبر (أيلول) المقبل، وفقا لما كشفته هيئة الإذاعة البريطانية.
كما تلقت مؤسسة قرطبة إخطارا أيضا بأنه سيجري إغلاق حساباتها دون الحصول على أي إيضاحات. كما يشمل قرار غلق الحسابات منظمة «أمة الخير» ومقرها في بولتون (شمال إنجلترا)، التي شاركت في عدة مشروعات للمساعدة في دول مختلفة، وكذلك في غزة.
من جهته قال الدكتور أنس التكريتي، رئيس ومؤسس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات ونجل المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في العراق في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس، إنه اصطدم بجدار من الصمت من البنك بشأن قرار إغلاق حسابه وحسابات زوجته واثنين من أبنائه (16 سنة)، و(12 سنة). وأضاف: «حساباتي مع بنك (إتش إس بي سي) منذ أكثر من 29 سنة، وأنا طالب في الجامعة، ثم فتحت حسابا لمؤسسة قرطبة التي أترأسها، وكذلك لزوجتي وأولادي مع البنك نفسه»، مشيرا إلى أن جميع بطاقات الائتمان للعائلة كانت من البنك نفسه، بالإضافة إلى تعاونهم إيجابيا في «مجال تغطية السحب الزائد». وأكد بجميع المقاييس: «تعد عائلتي ضمن الزبائن المثاليين للبنك». وأعرب عن اعتقاده أن إغلاق حساباته في البنك المذكور قد يكون قرارا سياسيا في المقام الأول، وقد يكون له علاقة بأنه محسوب على الإخوان أو دفاعه عن أهل غزة.
وأوضح التكريتي (45 سنة) المقرب من تنظيم الإخوان: «أنا غاضب بسبب جدار الصمت ونبرة الرسالة. من الصعب أن أتقبله وأنا أعد نفسي مواطنا يحترم القانون يحاول جعل الأمور أفضل في النزاعات حول العالم ويحاول تعزيز السلام والحوار». وأعرب التكريتي عن غضبه الشديد من إغلاق حسابات أطفاله، وقد يكون له من جدار الصمت من جهة البنك الذي رفض التعليق عن السبب الحقيقي وراء إغلاق حسابات عائلته وكذلك المؤسسة التي يتشرف برئاستها، وأوضح أن هناك مخاوف من تأثير ذلك على أطفاله في المستقبل حال طلبهم في المستقبل قرضا عقاريا مثلا، وقال: «إن المثير في الأمر أن قرار الإغلاق شمل عدة مؤسسات إسلامية، منها مسجد فنسبري بارك، المعروف بنشاطاته الفاعلة داخل الجالية المسلمة بشمال لندن».
وكان التكريتي قد صرح في وقت سابق بأنه في حال حظر نشاط تنظيم الإخوان في بريطانيا أو غيرها سيكون الأمر له تداعيات خطيرة، حيث إنه سيجعل للجماعات الإرهابية والمتطرفة مصداقية وزخما، والشباب سينتقل من «الإخوان» إلى الجماعات المتطرفة.
من ناحيته قال الشيخ محمد كزبر أمام مسجد فنسبري بارك في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» إن حساب المسجد مع بنك «إتش إس بي سي» منذ نحو ست سنوات، ولم يسبق للمسجد أن كان مدينا للبنك بأي حال من الأحوال.
وعدَّ القرار نوعا من الاستهداف والضغوط الواقعة على البنك، وتداعياته ستكون خطيرة. وقال: «لن نرضى بهذا الظلم، وأوضح أن إدارة المسجد طلبت من أبناء الجالية المسلمة والمترددين على المسجد أن يكتبوا لإدارة (إتش إس بي سي) لمراجعة قرارهم، كذلك طلبت من عضو البرلمان عن منطقة شمال لندن التدخل أيضا، وكذلك من القائمين على بلدية المنطقة الكتابة إلى إدارة بنك (إتش إس بي سي)».
يذكر أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أصدر أمرا منذ عدة أشهر بإجراء مراجعة لأنشطة وفلسفة جماعة الإخوان وتأثيرها على الأمن في بريطانيا «وتنتظر وسائل الإعلام صدور نتائج قرار لجنة التحقيق».
وقال الشيخ محمد كزبر إمام مسجد فنسبري بارك إنه أصيب بالصدمة والغضب بعد أن حصل على إشعار من البنك بإغلاق حساب المسجد، وقال: «إنه لأمر مروع، ولا يصدق، أن يرسلوا لنا خطابا دون أي إشعار. نحن لا نفهم لماذا اتخذوا هذا الإجراء. لن نسكت. إنه أمر شائن». وأضاف: «بوصفنا منظمة في المجتمع نقوم بعمل جيد بين الجاليات. عملنا بجهد منذ أن تولينا المسؤولية من أبو حمزة، قمنا بتغيير المسجد من جو من العداء لمناخ متماسك، نعتمد فيه المنهج الوسطي للإسلام». وأعرب عن اعتقاده أن السبب الوحيد لحدوث ذلك هو بسبب حملة الإسلاموفوبيا التي تستهدف المنظمات الخيرية الإسلامية في بريطانيا.
وتابع كزبر: «لم نحصل على المال من الخارج، لا نرسل أي أموال إلى الخارج. لدينا سمعة ومصداقية على المحك الآن».
وكان الداعية المتشدد أبو حمزة المصري، الذي صدر عليه حكم بالسجن في نيويورك، يستخدم منبر مسجد فنسبري بارك لإلقاء خطب نارية متشددة، مما دفع السلطات البريطانية لإلقاء القبض عليه قبل ترحيله إلى الولايات المتحدة، بتهم الإرهاب بعد أن قضى تسع سنوات في سجن بيل مارش البريطاني.
مصرف بريطاني يغلق حسابات جمعيات إسلامية تزامنا مع مراجعة نشاط الإخوان
التكريتي رئيس «قرطبة» لـ {الشرق الأوسط}: قرار سياسي وقد يكون له علاقة بسبب علاقتي بـ«الإخوان».. أو دفاعي عن أهل غزة
مصرف بريطاني يغلق حسابات جمعيات إسلامية تزامنا مع مراجعة نشاط الإخوان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة