مصادر فلسطينية: مصر تنتظر موقفا فلسطينيا موحدا بشأن مبادرتها

أبو مرزوق لـ {الشرق الأوسط}: نرفض أي حديث عن نزع سلاح المقاومة

ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر فلسطينية: مصر تنتظر موقفا فلسطينيا موحدا بشأن مبادرتها

ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس (أ.ف.ب)
ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية خلال مؤتمر صحافي في رام الله أمس (أ.ف.ب)

كشف مسؤول فلسطيني بارز عن أن القاهرة طلبت من الفلسطينيين أن يأتي الوفد الفلسطيني المشترك، المرتقب وصوله إلى القاهرة قريبا، ويضم السلطة وحركتي فتح وحماس، بـ«موقف فلسطيني موحد» إزاء المبادرة المصرية بشأن وقف إطلاق النار والتهدئة في غزة. غير أن خلافات طفت على السطح أمس بين السلطة الفلسطينية وحماس بعد أن عرضت منظمة التحرير هدنة إنسانية باسم حماس والجهاد، غير أن الأولى نفتها فورا. وفي غضون ذلك، جدد موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، رفض الحركة أي شروط إسرائيلية تتحدث عن نزع سلاح المقاومة.
وقال المسؤول الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طلب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اتصال هاتفي، أمس، أن يأتي الوفد الفلسطيني إلى القاهرة بـ«موقف فلسطيني موحد».
وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «مصر مستعدة للأخذ بالملاحظات التفسيرية الفلسطينية المكملة لمبادرتها إذا اتفقت حركتا حماس والجهاد الإسلامي على هذه الملاحظات».
وتجري القيادة الفلسطينية اتصالات مكثفة مع الحركتين، في محاولة للتوافق حول «الملاحظات التفسيرية»، قبل تشكيل الوفد الموحد للذهاب إلى القاهرة لبحثها مع القيادة المصرية.
من جانبه، قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة السياسية التي يرأسها عباس، لـ«الشرق الأوسط»: «نبذل مساعي حثيثة في هذا الوقت، ونتصل بكل الأطراف من أجل وقف العدوان على غزة وتلبية مطالبنا». وأضاف: «لكن الحديث عن اختراق حتى الآن سابق لأوانه».
وأوضح أبو يوسف، بعد أن أنهت اللجنة السياسية اجتماعا ثانيا في غضون 24 ساعة أمس: «إذا جرى التوافق على أساس المبادرة الفلسطينية المتممة للمبادرة المصرية، فسيتشكل وفد ومن ثم يذهب إلى القاهرة». وتابع: «نحن، كما هو معروف، قدمنا ورقة تفسيرية للمبادرة المصرية، وثمة نقاش حول الأمر». وأكد أبو يوسف أن هذه الورقة «تحمل جميع مطالب حماس و(الجهاد) التي هي مطالب منظمة التحرير». وكانت القيادة الفلسطينية قدمت ورقة تفسيرية للمبادرة المصرية تنص على هدنة فورية خمسة أيام تجري خلالها مفاوضات مع إسرائيل برعاية مصرية، وضمانات دولية وعربية برفع الحصار.
وتضمنت الورقة طلبات الفلسطينيين برفع الحصار، والسماح بالصيد البحري لمسافة معقولة، وإلغاء الشريط الحدودي، وإطلاق سراح أسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم في الضفة، والسماح بإدخال الاحتياجات والأموال إلى غزة. وقال أبو يوسف: «بعد فشل كيري ومؤتمر باريس، لا يوجد الآن أمام الجميع إلا مصر». وتمنى الاتفاق في أسرع وقت من أجل تسمية الوفد الفلسطيني. وأكد أن «حماس و(الجهاد) وافقتا على الاشتراك في وفد موحد يسميه الرئيس، لكن الأمر يحتاج إلى أن تنضج الأمور أكثر من ذلك».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مصر تجري اتصالات واسعة مع كل الأطراف الدولية والعربية والإقليمية الفاعلة لوقف إطلاق النار في غزة، كما أبدت الاستعداد، وفق المبادرة المصرية، لاستقبال الوفد الفلسطيني تحت رعاية السيسي وعباس.
وأشارت المصادر إلى أنه في حال التوصل لتوافق فسوف يوقع اتفاق الهدنة بحضور كل من السيسي وعباس، وأن الحديث يدور حول القبول بالمبادرة المصرية والبناء على اتفاق 2012 الذي يؤكد رفع الحصار عن قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، ويسمح للشعب الفلسطيني بالتحرك والعمل دون مضايقة سلطات الاحتلال، وعدم تكرار الاعتداء الإسرائيلي على القطاع، وإلغاء المناطق العازلة، والسماح بالصيد في الموانئ الفلسطينية.
ومن المرتقب أن يضم الوفد الفلسطيني عزام الأحمد عن حركة فتح، وموسى أبو مرزوق عن حماس، وزياد النخالة عن الجهاد الإسلامي، وبحضور اللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية العامة. وحسب المصادر، جرى الاتفاق على اعتبار معبر رفح شأنا فلسطينيا - مصريا لا علاقة لإسرائيل به، كما جرى التوافق على وجود قوات الحرس الرئاسي الفلسطيني على كل المعابر الحدودية من جهة القطاع.
ومن جانبه، جدد القيادي أبو مرزوق تأكيد أهمية البناء على اتفاقية 2012، ورفع الحصار عن قطاع غزة، خاصة بعد المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا داعي لاستمرار حصار فُرِض في السابق بسبب ما يسمى بسلطة الانقسام، عندما فازت حماس في الانتخابات. واليوم، أصبحت السلطة في يد الرئيس عباس». وأكد رفض الحركة أي قيود أو شروط إسرائيلية تتحدث عن نزع سلاح المقاومة، وقال إن الأصل في المسألة هو إنهاء الاحتلال. غير أن الخلافات سرعان ما ظهرت بين السلطة وحماس، وذلك إثر إعلان أمين سر منظمة التحرير، ياسر عبد ربه، استعداد حماس و«الجهاد» لوقف فوري لإطلاق النار ضمن هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، وهو ما نفته حماس جملة وتفصيلا.
وقال عبد ربه بعد اجتماع للقيادة الفلسطينية أمس: «إن القيادة الفلسطينية وبعد اتصالات مكثفة ومشاورات مع الإخوة في قيادة حماس و(الجهاد)، تعلن باسم الجميع الاستعداد لوقف فوري لإطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، وهنالك أيضا اقتراح من الأمم المتحدة بمد هذه الهدنة لمدة 72 ساعة، ونحن نتعاطى بإيجابية كذلك مع هذا الاقتراح».
وتابع: «كما قررت القيادة الفلسطينية، وبالتوافق مع الإخوة في حماس و(الجهاد)، أن يتوجه وفد فلسطيني موحد يضم الجميع إلى القاهرة للبحث في كل ما يتصل بالمرحلة المقبلة، وهذا دليل إضافي على وحدة الموقف والصف الوطني الفلسطيني». ومضى يقول: «إننا نحمل حكومة إسرائيل المسؤولية كاملة عن جرائم الحرب التي تواصل ارتكابها الآن كل ساعة ضد شعبنا في قطاع غزة، وقد بدأنا الإجراءات لملاحقتهم دوليا كقتلة على ممارستهم هذه الفظائع غير المسبوقة في عالمنا المعاصر».
وخرجت حماس فورا ونفت وجود موافقة على تهدئة من طرفها. وقال القيادي عزت الرشق على صفحته على «فيسبوك»: «لم يجر اتفاق فلسطيني - فلسطيني على تهدئة لمدة 72 ساعة».
ثم خرج المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري ونفى أيضا ما جاء في بيان عبد ربه، وقال: «إن تصريحاته غير صحيحة ولا علاقة لها بموقف حماس». من جهة أخرى، قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إنه مستعد للعيش «جنبا إلى جنب مع اليهود والمسيحيين والعرب، وغير العرب، بشرط عدم وجود احتلال».
وجدد مشعل، خلال مقابلة مع شبكة «يب بي إس» الأميركية دعوته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، معربا عن اعتقاده أن «العالم لم ينتهج الحيادية في نظرته للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني»، مضيفا أن «من المؤسف أن العالم لا يجّرم إسرائيل».
وأوضح أن الفلسطينيين يشتكون في كثير من الأحيان، جراء اضطرارهم لسماع تصريحات مدافعة عن أمن الدولة اليهودية، متسائلا عن «سبب غياب مثل تلك التصريحات من أجل الفلسطينيين؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.