{عسكري الدرك} يواجه أول اختباراته في التصدي للتحرش

انخفاض ملحوظ في الظاهرة بعد أحكام رادعة

{عسكري الدرك} يواجه أول اختباراته في التصدي للتحرش
TT

{عسكري الدرك} يواجه أول اختباراته في التصدي للتحرش

{عسكري الدرك} يواجه أول اختباراته في التصدي للتحرش

في أول اختبار حقيقي لنظام «عسكري الدرك» الأمني الذي انطلق قبل أيام في مصر بهدف مواجهة التعديات الأمنية في الشارع، تمكنت المنظومة الجديدة من الإسهام بقوة في خفض معدلات ظاهرة «التحرش الجنسي» التي أرقت المجتمع المصري خلال الأعوام الأخيرة، خاصة في مواسم الأعياد.
وجرى تدشين نظام الدرك خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان بصورة تجريبية في عدد من مناطق القاهرة، وأكدت مصادر أمنية أن قوات الدرك تلقت تدريبات متطورة على صد أي تعديات أو هجوم مسلح للتعامل مع المنغصات الأمنية وأي مظاهر للخروج عن القانون في الشارع المصري، في خطوة ثمنها المواطنون بعد خلل أمني عايشوه منذ انهيار منظومة الشرطة عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) من عام 2011، وتحسنت الحالة الأمنية أخيرا، لكنها لم تعد إلى كامل كفاءتها، بحسب مواطنين ومراقبين.
وتنتشر قوات الدرك حاليا في عدد من أحياء العاصمة المصرية، وهي مكونة بالأساس من أفراد منتقين ومدربين من أمناء الشرطة والمجندين، وهم مسلحون بسلاح شخصي خفيف (مسدس) وجهاز اتصال لاسلكي، وهراوات معدنية، إضافة إلى القيود الحديدية. ويقوم الأفراد التابعون لهذه القوات بجولات أمنية في المربعات التابعة لهم لملاحظة الحالة الأمنية، وسرعة الاتصال والتدخل لدى وجود أي أمر يستدعي ذلك، ومن بينها التعامل مع حالات السطو والسرقة والبلطجة والشغب والتحرش.
ومع انطلاق أول أيام عيد الفطر، أمس، راقب الكثيرون الشارع المصري بعين القلق، نظرا لخبرات متراكمة من انتشار ظاهرة التحرش المنفرة خلال تلك الأيام، استغلالا للزحام بالمتنزهات والحدائق ودور السينما؛ إلا أن يوم الأمس لم يشهد أحداثا جسيمة في هذا الشأن، باستثناء محاولات معدودة جرى إحباطها من قبل رجال أمن ومواطنين.
وقال مصدر أمني إن عناصر الشرطة المنتشرين في شوارع العاصمة أوقفوا أمس شابا بالقرب من حديقة عامة جنوب القاهرة، بعد أن تحرش لفظيا بمجموعة من الفتيات، كما تم توقيف ثلاثة آخرين في حديقة حيوان الجيزة (غرب القاهرة).
ويشير خبراء أمنيون واجتماعيون وسياسيون إلى أن أبرز أسباب الظاهرة الدخيلة على المجتمع المصري هي الاضطراب الأمني والفقر والجهل وانتشار البطالة والتباس المفاهيم الدينية الصحيحة عند كثير من الشباب.
ويرى مراقبون أن تراجع الظاهرة خلال العيد الحالي يعود إلى أكثر من عامل، من بينها النفور المجتمعي العام، والتحسن في حالة الانضباط الأمني، والأهم على الإطلاق من وجهة نظرهم هو تفعيل قانون مكافحة التحرش الجديد والأحكام الرادعة التي صدرت أخيرا بحق عدد من المتحرشين، والتي وصلت عقوبتها إلى السجن المؤبد والمشدد، إضافة إلى التحرك العاجل والحاسم للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمواجهة الظاهرة المنفلتة.
وأصدر الرئيس المصري السابق عدلي منصور، قبيل تسليم السلطة في مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي، قرارا بقانون لتغليظ عقوبة التحرش الجنسي، يقضي بأن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية».
من جانبها، أطلقت مجموعة من منظمات المجتمع المدني ووزارة الداخلية المصرية خطة طوارئ للتصدي لظاهرة التحرش ومواجهة العنف ضد المرأة خلال عيد الفطر، حيث جرى تشكيل «غرف عمليات» في العاصمة وعدد من المحافظات، وذلك لتوعية المواطنين للحد من جرائم العنف الجنسي والتحرش بالفتيات، والتعريف بأرقام إدارة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة لوزارة الداخلية، والخط الساخن لمترو الأنفاق للإبلاغ عن حدوث أي انتهاكات بحق النساء.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.